لقد بدا سقوط أمريكا منذ الطلقة الأولى على بغداد, هذا ما قاله الشهيد صدام حسين رحمة الله, قال ذلك يوم بدأت أمريكا وأعوانها ومرتزقتها العدوان على العراق سنة 1981. في يوم 9 نيسان 2003سقطت أمريكا عندما دنس مرتزقتها ومعهم الصهاينة والفرس ارض بغداد الطاهرة. أضع هذه المقدمة الحقيقة التي تزعج كل السائرين في ركب أمريكا بل أنها تؤرق كل من يرون السقوط على أنة ما ينتج على الأرض من حسابات مادية آنية, إن ما يرون معروف حتى للأطفال فكل غازي هيا الأسباب المادية لابد وان تكون له الغلبة العسكرية على المدافع محدود الإمكانات, لكن السقوط يكون في مبررات الغزو و في أصالة و حق الدفاع و ما يترتب على نتائج المعركة.
وهنا استذكر إجابة الشهيد الخالد على سؤال صحفي - قال رحمة الله إن حياتي بيد الخالق و لاننى مؤمن بان الله اكبر فلن اضعف أمام قوة الإنسان الظالم أما نتائج الحرب فإنها ستحسم هنا في بغداد- فكانت هذه الكلمات قراءة لنتائج الحرب التي أرادها الظالم, فلا احد يتوقع غلبة لآلة العراق المحدودة بعد حصار خانق و تدمير ممنهج لأسلحته باسم الأمم المتحدة لثلاثة عشر سنة وبعد إضافة كل قوى الظلم والظلام في العالم إلى قوة أمريكا ومشاركة الإمكانات العربية من ارض و مال وإعلام وجهد مخابراتي واستخدام أمريكا لكل الخونة الذين هيأتهم لها إيران ليعينوها في الجنوب و الذين هيأتهم لها الصهيونية ليعينوها في الشمال و فوق كل ذلك استخدام أسلحة الإبادة الجماعية فلا احد يتوقع أن يكسر العراق كل ذلك . إن ذلك لا يحصل إلا في خيال الكذابين الذين هولوا قوة العراق لغرض رفع صوت طبلهم الأجوف الذي كان ومازال مرافقا لبسا طير جيش مرتزقة أمريكا أينما اتجه حتى وان كانت وجهته بيوتهم وأعراضهم فهذه الأخيرة لا تعنيهم أمام رضا أمريكا بعد أن تخلوا عن ابسط القيم وبعد أن اسقطوا كل مفردات الشرف والرجولة والنخوة والشهامة والمروءة من حساباتهم .
لقد انتصرت بغداد المؤمنة بالله يوم قررت الوقوف في وجه الظلم والتجبر في زمن خف فيه الإيمان بل انعدم عند البعض أمام هول اله أمريكا ورئيسها الكذاب بوش , انتصر العراق وشعبه وجيشه وفقا للحسابات المذكورة وسقطت أمريكا والصهيونية وسقط الفرس من جديد ومعهم كل قوى الظلم وسقط معهم كل الخونة من أبناء ألامه . قد يعترض هنا طابور من شملتهم هذه القائمة ( قائمة السقوط ) وقد ينعتوا هذا الكلام بأنه كلام عاطفي بعد أن تجردوا حتى من العواطف وأصبحوا بعد أن سلبهم حاسوبهم الشخصي عقولهم واخذوا يوزنون الدنيا بميزان التقنية العالية التي يمتلكها جيش أسيادهم ولكنني اذكرهم بان هذا الكلام وان كان عاطفة خطها القلم لكنة بإيحاء من مركز الإنسان وهو العقل فالعاقل يعي جيدا بأن لا شي ثابت ولا شي دائم إلا الله وقوته . أمر الله الإنسان بان يقف بوجه الظلم مهما جيش من عدد وعدة فان حقق ذلك فهو الأعلى بالرغم مما يصيبه من ضعف وحزن ناتج عن موقفه هذا (ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الأعلون ).
سقطت أمريكا ومن تحالف معها لان كل حملتها ونتائجها كانت مبنية على الكذب, فكذبت عندما قالت أن في العراق أسلحة دمار شامل وكذبت عندما رفعت شعار تحرير العراق, فلا أسلحة دمار شامل وجدت و قتلت ما يزيد على مليون إنسان ويتمت أربعة ملايين طفل وهجرت عدد مماثل من العراقيين الذين جاءت لتحريرهم .
لقد كذبت أمريكا في مبررات الغزو واخفت نيتها الحقيقية وهى احتلال العراق لاغتيال رئيسه ورفاقه وتفتيته ونهب ثرواته لتعبيد الطريق أمام الصهيونية لاستكمال مشروعها, وهانحن نلمس كل ذلك على ارض الواقع فلا يحتاج إثباته إلى تعب أو عناء. إن من ينوى تحرير الناس لا يقر قانون الاجتثاث. لقد أقرت أمريكا قانون اجتثاث البعث وباشرت هي والصهيونية والتابعين إلى إيران بملاحقة وقتل أعضاء حزب البعث العربي الاشتراكي في محاولة منهم لطمس آثار من بني العراق الذي دمرته لتعيد بناءة على طريقتها الرخيصة, ولان الغباء أعمى عيونها وعيون من سار في ركبها نسيت أن هذا الفكر وجد ليستمر حتى تحقيق اهدافة والمحافظة عليها وتعزيزها بعد تحقيقها. لم يكن شعار الاجتثاث هذا بالأمر الجديد على أمريكا فقد كان هدف حلفائها الفرس و اعلنوة قبل وأثناء الحرب العراقية الإيرانية.
وعودة إلى حسابات الانبطاح التي يتبناها كل مستخذين أمريكا , وقف العراق وحيدا محاصرا في وجه كل القوى المذكورة وصمد أمام حصار ظالم وقاتل في معركتين ضروس وما زال صامدا يقاوم كل تلك القوى, وهنا وبحساب بسيط فلو أسقطت إحدى القوى التي اجتمعت في معسكر الشر أو أضيفت قوه إلى قوة العراق كيف تكون حال هذا المعسكر, وعلى هذا الأساس لو لم تشارك الإمكانات العربية في معسكر الشر وأضيفت إلى قوه العراق فانه ما كان للمعركة المذكورة أن تكون لذلك فان في هذه السطور دعوه لكل الحكام بأن يعودوا لامتهم ويتركوا عنهم سيرهم في ركب أمريكا فإنها لن تجلب إلا الهوان وان لم يكن لهم شخصيا فانه لامتهم وقد يكون فيه هوانا لأبنائهم .
إن ما يسعد رافعي راية النصر بناءا على مقوماتها الاخلاقيه وبناءا على ما يرضي الله هو أن منتقديهم هم من ارتضوا لأنفسهم استخذاء الفاجرين ولا يضر تولوهم الكاذب على الأمة التي خانوها وما زالوا تحت شعار- أن المقاومة لا تجدي ولن تعيد الحق- وقد شاهدناهم وهم يغلفون استخذائهم وفقا لكل حالة فألوانهم أصبحت مكشوفة وكلها تصب في مصلحة أعداء الأمة وما يحققونه هو بعض الفتات في جيوبهم بعد أن يكونوا قد فقدوا أنفسهم أولا وفقدوا انتمائهم لامتهم وما ترتب على ذلك من فقدهم حتى لشرفهم الشخصي فسحقا لهم ولأسيادهم.
إننا من أمه لا وجود لها ما لم تحافظ على سنامها, عليها أن تحيل الانكسار والضعف هنا أو هناك إلى خطوه وثوب جديدة.
لقد رأينا البعض كيف انتابتهم الهستيريا لفرط خوفهم على ضياع سيطرة أمريكا الغبية على العراق في تجاذبها مع إيران واتضح ذلك عندما حج كل التابعين إلى إيران (المجلس الأعلى و حزب الدعوة والصدريين و ما يسمى فيلق القدس) إلى قم طالبين إرشادهم في تعاملهم مع علاوى التابع لأمريكا بعد الانتخابات المهزلة, فظهرت مخاوفهم الشديدة على علاوي ولم يكن ذلك حبا لشخصه فالخائن لا يحبه حتى الخونة أمثاله فاعتلت الأصوات مطالبة بان يكون ولاء هؤلاء الزمرة لأمريكا على اعتبار أنها هي من أوصلتهم إلى حكم العراق , يا لسخف وخفة دعوتهم فهل للخائن من ولاء محدد, إن ولاء الخائن دائما إلى حيث مصلحته الشخصية فهو يتحرك بدون ضابط أو محور. يجب التذكير هنا بالعلاقة بين الخائن ومن استخدمه ففي حال انتهى دوره يقوم السيد باستبداله بخائن آخر لدور آخر ونفس الكلام إذا وجد الخائن بان مصلحته مع سيده قد انتهت واستطاع الإفلات من بطشه فانه يسعى لان يؤدي دورا خيانيا عند سيد آخر يكون فيه منفعة له, وقد علمنا التاريخ بان لا ننسى هذه العلاقة, فإذا ضعفت النفس فإنها تبدأ باستمراء التنازل لذلك فالخونة في العراق وأسيادهم مارسوا كل الرذائل فقتلوا واحرقوا واغتصبوا وهجروا وغير ذلك الكثير فهل يا ترى يستحقون دعوتهم لتوجيه ولائهم لسيدهم الأول أمريكا, إن من يوجه هذه الدعوة ما هو ببعيد عنهم إذا سنحت له الفرصة.
مما ذكر فانه ما عاد يخفى حتى على الأعمى بان طابور الخيانة واحد وان الاختلاف هو في توزيع الأدوار فقط و بما يصب بالنتيجة في خدمة أمريكا والصهيونية والفرس.
إن ما تسعى إلية أمريكا الآن هو تامين عملاء وجواسيس لها في العراق بعد انسحابها الحتمي قبل نهاية هذا العام لذلك وجهت بعض الحكومات العربية لمساعدتها في إنجاح علاوي في الانتخابات, وفى حملتها الإعلامية عادت للتذكير ببعثيتة لقناعتها التي تعرفها قبل احتلال بغداد وعززها ما راتة على الأرض من تعلق العراقيين بحزبهم الذي وحد أرضهم ووحد أطيافهم وخلصهم من براثن الطائفية وحقق لهم الأمن والأمان, ألا خسئ كل من رضي لنفسه خيانة وطنه و أمته.
وختاما يا بغداد المنصورة ما أشبة هولاكو أمريكا - بوش الكذاب- بهولاكو المغول وما أشبة غزو أمريكا لكي بغزو المغول . لقد سمي القرنين الثالث عشر والرابع عشر بعصر المغول و قتلوا خلاله أربعين مليون إنسان كما هو الآن عصر أمريكا المبنى على القتل. لقد قاد الغرور الامبراطوريه المغولية العظمى إلى احتلال أراضي الدولة الخوارزمية سنه 1225 واحتلت معظم بلاد الشرق. بعد ذلك حاول المغول احتلال بغداد سنة 1245 ولكنهم لم ينجحوا إلا إنهم بعد ثلاثة عشر سنة استطاعوا بجيش هولاكو الوثني احتلال بغداد سنة 1258 بعد أن أصبحت بلاد فارس تحت حكمهم وبعد الكوارث البيئية ( الفيضانات التي مرت على بغداد في السنوات 1243 و 1253 و1255و 1256 ميلادية) التي أضعفت دولة الخلافة العباسية وبعد أن أسس المغول اذرعا لهم من المحيطين ببغداد وبعد خيانة ابن العلقمي الذي كان دليلا للجيش الغازى. قبل الاحتلال بعث هولاكو برسالة إلى الخليفة المستعصم بالله يهدده فيها ويأمره بتدمير حصون بغداد و بالحضور إليه. بعد الاحتلال دمر المغول كل معالم بغداد العلمية( دمروا دار الحكمة و كل مدارس بغداد) والحضارية وقتلوا خلال حملتهم على العراق ما يقارب المليون إنسان . تابع هولاكو مسيرته نحو الغرب لكنة كسر في عين جالوت سنه1960. قسم المغول ارض العراق و خفضوا منزلة بغداد إلى ولاية واتبعت هي وولاية الموصل والحلة والكوفة و البصره إلى دولة الخان الثانية المغولية فى أذربيجان التابعة إلى الخان الأعظم في الصين. عين المغول في بغداد والموصل حكام محليين يسندهم معسكر مغولي.
تتشابه خسة الغزو الامريكى لبغداد مع ما ذكر حول الغزو المغولي بقدومه من الشرق و بمساعدة الفرس له و بتوقيت الاحتلال الذي جاء بعد ثلاثة عشر سنة من المحاولة الفاشلة سنة 1981 و بتعاون الأذرع المحيطة ببغداد التي بنتها أمريكا خلال سنوات طويلة سواء على شكل حكومات عربية أو على شكل أحزاب عراقية والصهيونية ليست بعيدة عن هذا الدعم, وبخيانة أحفاد ابن العلقمى (مؤتمرات الخيانة التي عقدوها قبل الغزو و دخولهم العراق كادلاء لدبابة المحتل دليل على ذلك) و قتل العراقيين العزل وتهجيرهم, وبتدمير كل معالم العلم والحضارة, و برسائل الغطرسة التي بعثها كذاب أمريكا إلى قيادة العراق قبل الاحتلال, و بإعلان العداء لسوريا لولا المقاومة التي أوقفت مشروعة و اغرقتة في وحل هزيمته التي لم يبقى إلا إعلانها رسميا. كما فعل المغول, قسمت أمريكا العراق إلى حصص صغيرة على تابعيها لتتأكد من تمزيقه وعينت حكاما خون على مقاسها تحت إمرة عساكرها.
أليس ما ذكر كان سقوطا لأمريكا, انه السقوط الذي ستكون نتائجه اندثار عصر أمريكا الكاذبة. عاش العراق و عاشت بغداد و رحم الله شهدائها.
د. عبداللة الرواشدة
drabdullah63@gmail.com