حاولت التريث قليلا قبل كتابة موضوعي هذا, والسبب هو الحالة النفسية التي كنت فيها , حيث ان مستوى الادرينالين وصل الى اعلى مستوياته لدي , ونظرا لوجود علاقات شخصية وعائلية تربطني بعدد من مسؤولي الجامعة وعلى رأسهم عطوفة الرئيس , شعرت انني قد أظلم حين أبث همومي ومعاناتي , ولكنني قررت أن أعلن الحالة على العامة , بغير شكوى فالشكوى لغير الله مذلة , وإنما من مبدأ الحوار , وحيث أن الاوضاع الاقتصادية العالمية كانت السبب الرئيسي وراء العديد من حالات الإنتحار وإنهيار الدول والانظمة , وبدلا من العمل على التسهيل والتيسير نجد أن هنالك من لا يزال كالاطرش في الزفة , يعقد الامور ويصب على النار الزيت .
قصتي ببساطة انني وكحالكم جميعا أمر في ضائقة مالية , وكحالكم يا سادتي أيضا قررت أن أستعين بقرض مالي , أسدد منه جزءا من إلتزاماتي وأبحبح على نفسي وعائلتي قليلا , ولأنني موظف في جامعة مؤتة , ذهبت وكعادة موظفين الجامعة المحسودين كثيرا من قديم الزمان , الى صندوق استثمار أموال جامعة مؤتة , طالبا قرضا ماليا , كنت معتقدا ان الامور عادية وروتينية , وانني سأحصل على مبتغاي او قريبا منه بكل سهولة , فأنا موظف في جامعة مؤتة وهذا صندوقنا , وحين قابلت المسؤولين فيه وكما هم يقولون الزملاء العزيزون , تفاجأت انه ومنذ ثلاثة أسابيع تم وضع أسس جديدة لعملية منح موظفين جامعة موتة قروض شخصية , والأدهى والألعن أن هذه الاسس التي للوهلة الاولى إعتقدت انها ستكون قدم خير على تحسين أوضاع الموظفين , فإذا بها لعنة على رأس الموظف , وتحقيرا لاي خدمة له مهما طال زمنها , وإنتقاصا من قدره أيا كان مركزه ومنصبه ( يستثنى من ذلك أعضاءهيئة التدريس ) , الدعاية العامة ان الفوائد 5% فقط , وزيادة فترة السداد , رائع ولكن ما يأتي لاحقا هو المهزلة بعينها , والبصقة على جسد ميت أساسا.
نعم سادتي , لان الاسس الموضوعة عنوانها الأساسي : موظف جامعة مؤتة غير قابل للإستثمار , ودلالتها الوحيدة أن واضعها واحد من اثنين : اما متأمر حاقد يسعى للقضاء على الموظف وجنسه , او انه لا يفقه بالحياة شيئا , وانه بحياته لم يأخذ قرضا ولا سلفة ولم يزنق من أساسه , فإما يعيش على تركة ابيه او دعوات امه , (وكأن امهاتنا لا تقبل لهن دعوة) , تقول الاسس انه لا يجوز منح اي موظف قرض الا اذا كان قسط القرض الممنوح له مع باقي التزماته الاخرى لا يتجاوز 65% من اجمالي راتبه , بمعنى ان اجمالي الراتب يجب ان يتبقى منه بعد كل الاقتطاعات 35%, يا الاهي , من اين احضروا هذه النسبة وكيف حسبوها , علما ان اقتطاعات الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي وسلف صندوق ادخار الموظف تحسب من الاقتطاعات التي تطبق عليها هذه الاسس الخيالية , وبعد ان أُوضح بعض الامور التي تعنيها هذه الاسس سأخبركم ماذا دار بيني وبين السيد المدعو الزميل مدير صندوق الاستثمار, وارجوا لفت انتباهكم لأنني موظف منذ خمسة عشر عاما , وعلي فقط قرض سكني أمنت به سكنا كريما لي ولعائلتي المفترض انها تسعى لعيش كريم :
1- التوقيت الرائع لتطبيق مثل هذه الاسس في ظل دعوة جلالة الملك المعظم الى ضرور اتخاذ كافة الاجراءات والخطوات التي تسهل على الموظفين وعامة الشعب والذي اعتقد ان عائلتي منهم , حتى وان كانت قروضا او سلفا تحصل بفوائد من راتب الموظف نفسه.
2- اعتبار ان اقتطاعات الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي والادخار هي اقتطاعات رسمية يحاسب عليها الموظف , وبناءا على هذه الاسس اصبحت لعنة ونقمة , حتى وان زاد راتبك فمن الطبيعي ان يزيد ضمانك وبالتالي تبقى اللعنة مستمرة.
3- من الذي قرر ان الحد الادنى لعيشة الموظف الكريمة هي 35% من اجمالي راتبه , ويا ترى لو تبقى لي من راتبي 25% فقط حينها سادخل مرحلة الخطر , وتنتفي عني صفة الكرامة , بمعنى ان ال 35% هي تكفي وتزيد.
4- بحسبة بسيطة جدا نجد ان كل من يريد ان ياخذ قرضا سكنيا لعيش كريم , وبمتوسط ثمن بيت عشرون الف دينار , وبإضافة اقتطاعات الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي والادخار الى قسطه الشهري لقرض الاسكان , فإنه اصبح خارج خدمات صندوق الاستثمار .
5- المستاجرون وحدهم من يستفيدون اكثر من هذه الاسس , اي ان الاسس هي عقاب لكل موظف يسعى او سعى لامتلك منزله وبيته الخاص , وذلك لان قيمة الايجار لا تظهر على كشف الراتب . قرض الاسكان الممنوح لاي موظف يكون برهن عقاره , اي اذا تعسر عن السداد يحجز على بيته ويباع في المزاد العلني , ومع ذلك لعنة.
6- على الرغم من ان الصندوق يطلب كفلاء سداد لاي موظف يريد قرضا , الا ان الاسس لم تعرهم اي انتباه , ولم تعطهم اي تقدير , فالموظف وكفلائه وان كانوا مائة , لا يعني لهم شيئا المهم هي النسبة الإلاهية ال 35%, حق الصندوق في قسطه الشهري مكفول من راتب الموظف بضمانة القانون , وهو يأتي بالدرجة الثانية بعد حقوق النفقة المحكوم بها فقط , اي ان الصندوق يأخذ قسطه من راس الكوم .
عذرا اطلت عليكم , ولكنها نقطة في بحر مما يمكن ان نخوض فيه , اعود بكم الى المدعو زميلي مدير الاستثمار والذي حين حاولت محاججته في الموضوع , واخباره انني زميله وموظف وان هذه الاسس خيالية , وانها اسس وليست قانون , او تشريع , حتى انه رفض قبول الطلب بحيث يعرض على اللجنة , وكلما حاورته او ناقشته قال وبكل فخر وعنجهية : الاسس , الاسس , الاسس , وعندما شعر انني سالجأ لاسلوب الواسطة والزيارات الودية , قصفني بقنبلته النووية قائلا : لا تغلب حالك والله لو رئيس الجامعة نفسه تبقى الاسس هي الاسس ,
وتخيلوا انني حين لاعبته بالكلمات وقلت له :حتى لو التزمت مالية الجامعة بالسداد ( وهذا اصلا ما نص عليه القانون ) , صرح انه لا يقبل بهذا الالتزام , وحين شعر انه لسانه خانه , اصبح يداعب بعينيه ولسانه , مدعيا روحا مرحة لديه .
تذكرت قول الصديق خليفة رسول الله الاول رضي الله عنه حين قال : عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه , وحين نظرت الى الزميل مدير الصندوق وهو يردد اغنية : الاسس الاسس الاسس الاسس ....الخ
تذكرت قول رب العزة وهو خير من قال في محكم تنزيله الكريم بعد بسم الله الرحمن الرحيم :
\"كمثل الحمار يحمل اسفارا \". صدق العلي القدير
كتبت هذه المقالة بعد اغلاق باب تقديم الطلبات للحصول على قروض من الصندوق , واتعجب لمن انطبقت عليهم الاسس , ترى كم هم بعيدون عن ال 35% التي قدر لها ان تكون خط عيشة كريمة بسكن كريم لمواطن كريم , وخرجت وانا انظر الى صورة سيدي جلالة الملك المعظم , واقول في نفسي : انت تتمنى لنا , ونحن نتمنى لك , وصاحب الاسس و واضعها يحقق ما يتمنى.
حسبي الله ونعم الوكيل
حازم عواد المجالي