في إنتخابات دورة المجلس التشريعي الفلسطيني الثانية عام 2006 ، حصلت حركة حماس ، على الأغلبية البرلمانية ، وتمت في عهد الرئيس محمود عباس ، ونفذ إجراءاتها الأجهزة الأمنية والأدارية التي تدين أغلبية قياداتها بالولاء لحركة فتح ، ومع ذلك سلموا بنتائج الإنتخابات التي شهد لها العالم بمدى نزاهتها ، وتسلم إسماعيل هنية رئاسة الحكومة وعبد العزيز الدويك رئاسة المجلس التشريعي بإعتبارهما من كتلة الفصيل الذي حظي بالأغلبية .
وفي حزيران 2007 ، قامت حركة حماس بإنقلاب نفذته كتائب القسام أطلقت عليه " الحسم العسكري " ، وإستولت على معسكرات ومؤسسات السلطة تحت حجج مختلفة ، وسيطرت حماس على السلطة منفردة بقطاع غزة ، ومنذ ذلك الوقت ، ترفض إجراء أي إنتخابات ، نقابية أو بلدية أو برلمانية ، رغم إنتهاء ولاية المجلس التشريعي الذي حصلت بموجبه على الأغلبية .
وفي مصر حصلت حركة الأخوان المسلمين على الأغلبية البرلمانية عام 2012 ونجح مرشحها محمد مرسي على رئاسة الجمهورية ، ولم يتم ذلك إلا بفعل ثلاثة عوامل هي :
اولاً : نزاهة الأنتخابات التي أشرف عليها " فلول " نظام مبارك ، ولولا نزاهتهم وإذعانهم لنتائج الإنتخابات لما تسلم الأخوان المسلمين البرلمان والحكومة ورئاسة الجمهورية .
ثانياً : إنحياز أغلبية القوى القومية من الناصريين واليساريين والليبراليين معهم ، على أمل قبول الأخوان المسلمين بقيم التعددية ، والديمقراطية والدستور وإحترام القضاء الذي وقف إلى جانب المعارضة في عهد الرئيس السابق مبارك .
ثالثاً : التفاهم مع الأميركيين سياسياً وقبول المصالح المشتركة بينهما والمتمثلة 1- بمحاربة الأرهاب والتطرف الأصولي . و 2- الإلتزام بمعاهدة السلام مع إسرائيل وإحترام أمنها . 3- وحماية تدفق النفط . و 4 – بقاء الأسواق مفتوحة للسلع والبضائع الأميركية .
الرئيس الأخواني إتخذ سلسلة من المراسيم تحميه من النقد والمساءلة ، وتحصين قراراته أمام القضاء ، وكان ذلك بمثابة إنقلاب دستوري إداري على مؤسسات الدولة والعمل على تحويلها إلى دولة " إخوانية " حزبية مغلقة لصالح جماعته ونفوذها ، ودفع هذا قوى المعارضة التي وقفت مع الأخوان المسلمين ، كي تقف ضد قرارات الرئيس لما أنطوت عليه من تفرد وتسلط وديكتاتورية ، ونزلوا إلى ميدان التحرير لتصويب ما علق بنضالهم من تفرد .
ما حصل في غزة 2007 من قبل الأخوان المسلمين ، وما يجري في مصر 2012 ، يخيف الشعوب العربية التواقة للتعددية وللديمقراطية والأحتكام إلى صناديق الأقتراع ، وخشيتها أنها تعمل للتحرر من تسلط أنظمة غير ديمقراطية ، كي تقع بلدانهم تحت هيمنة الأخوان المسلمين عبر صناديق الأقتراع كي يفرضوا من بعدها رؤيتهم الحزبية الضيقة وفق منطق الرئيس مرسي ، وحجته ، حين وصف قراراته على أنها تمت ترضية " لله وللوطن " .