عندما سافرت قبل شهر قلت هي أسابيع قليلة ثم اعود الى وطني الحبيب ولكن عندما غادرت هواء وطني الى غيره من الهواء أصابني اختناق عجيب وضيق وتمنيت ان اعود بسرعة كبيرة وأصبحت أسارع الزمن لأعود ... تمنيت ان أرى تراب وطني وان ارى الدحنون بالسرعة الممكنة ... لأنني اعلم ان شقائق النعمان تأتينا بسرعة وتذهب مسرعة بجمالها ورونق الوانها ... مع انها لم تتعدى العشرين يوما ولكن الدحنون كان عالقا في الأذهان ..
اذا تكلمت عن الدحنون اتذكر تراب وطني واتذكر سهوله الخضراء ، ومع هذا لم اجد لكلمة الدحنون معنى معروف انما هي وردة حمراء نعرفها ونحن صغار ، هي التي تسمى شقائق النعمان وفي معنى شقائق النعمان الكثير من التفسيرات منها من نسبها الى النعمان بن منذر ، ولكنني أرى ان اقرب المعاني لها هي التي ذكرت في كتاب لسان العرب حيث قال \" والنُّعْمان الدم، ولذلك قيل للشَّقِر شَقائق النُّعْمان \" .... فكان هواي وحبي لهذه الزهرة لا يوصف لانها تحمل رائحة بلادي ورائحة أجدادي ... والحمد لله هذا الذي حدث معي .. حيث عندما عدت وسلمت جوازي الى الضابط لإدخال البيانات على الجهاز كنت انظر اليه واقول بنفسي يا ليته يتأخر في المعاملة لكي اشبع نظري بمن حولي ... ولكنه لم يستمر في ذلك الا دقائق قليلة وقال لي هذا جوازك اخي ...
قد يتعجب البعض من كلامي ولكن هذا الذي حدث معي لقد مررت بأيام ثقيلة حتى ان رفيقي في السفر مرّ بها واخبرني عن شوقه للعودة ... فقلت ان النفس تنشرح فرحة عندما تنظر الى من تحب .. فكيف اذا كان المحبوب قد امتزج ترابه بدمائنا ودماء أبائنا وأجدادنا ... وهنا أتذكر قبل سنين عدة عند تخرجي من الجامعة انه عرض علي وظيفة في بلد خليجي هي دولة قطر ... اذكر أنني رفضتها لأنني لم استطع تحمل التفكير بمغادرة بلدي وترك أهلي وأصدقائي وأحبابي ...
دائما حنين الحر يكون لمنزله ومسكنه و موطنه ... واعلم انني توقفت شهرا عن الكتابة وما منعني من ذلك الا سفري ...
الشيخ محمد عايد الهدبان
Malhadn2000@yahoo.com