لعل المؤسسة الوحيدة التي لا تعذر عند وقوعها في الخطأ هي المؤسسة التعليمية وذلك لأنها هي الوحيدة التي تضم مختصين من جميع الحقول العلمية والمعرفية أو في اغلبها. وكم تباهى البعض من أن جامعته تضم عشرات التخصصات.! وعليه فأن المنطق يفترض استفادة الإدارة من أولئك المختصين لديها في شؤون التخطيط والتنفيذ والمتابعة والتقييم هذا إن اعترفت إداراتهم لهم بالتمكن وبالتالي بالمشاركة في صنع القرار وتفعيله. إلا أن الغريب في الأمر هو عدم لإفادة من وجود أولئك المختصين وإن حصل فهي في الحدود الدنيا ونادرة ومن دلائل ذلك ما نلاحظه من عثرات هنا وكبوات هناك فتارة ترتفع المديونية للجامعة وتارة نكتشف فشل قسم أو كلية أو فرع لم تتم دراسة جدواها فتغلق إما لعدم الإقبال عليها من الطلبة أو لعدم وجود مختصين بالقدر الكافي أو لهجرتهم أو لجميع ما ذكر.
إذن يمكن تفسير ما يحصل بعدم استشارة المختصين بالشكل الذي يمنع وقوع الخطأ قبل حصوله فيقود ذلك لإخفاق مركب يتبعه فشل محتم والمظلومان في جميع الأحوال هما الوطن والمواطن دافع الضرائب.
من الأمثلة الحية التي يمكن إعطاؤها في هذا المجال هو عدم توفير الجامعة لأدنى متطلبات المختبرات في كلية الهندسة فيها مثل أسلاك التوصيل أو دوائر تعتبر أساسا في عمل الطالب ودراسته إذ لا يزيد ثمن القطعة منها عن بضعة قروش ولا أقول دراهم في الوقت الذي يتم طباعة المئات بل ومن الممكن الآلاف من مفكرات الحائط الملونة والأجندات ذات الغلاف المقوى والسعر المرتفع، لتوزع على هذا وذاك أليس الطلبة أولى بهذه النفقات؟ .
موقف آخر يمكن التوقف عنده يدل على عدم التعقل في الإنفاق بل ويؤكد حالة الإسراف هو منح نواب الرئيس وحتى بعض العمداء سيارات من الجامعة بالإضافة إلى ما تحتاجه من صيانة وإدامة ووقود مع العلم من أنهم يقطنون في سكن وظيفي داخل حرم الجامعة, ويعملون قرب مساكنهم والغريب في الموضوع هو مشاهدة أفراد أسرهم في السيارات الرسمية عند الذهاب والإياب من المدرسة أو مكان العمل أو التسوق دون حسيب أو رقيب! لما لا يطلب الواحد منهم سيارة من دائرة الحركة لإيصاله إلي مكان عمله لتعود بعد ذلك إلى المرآب ليستخدمها أخر فلا نضطر إلى إرهاق ميزانية الجامعة وإزهاق موجوداتها بمصاريف ليس للبعض حق بالاستفادة منها أصلا، فهل تسمح أنظمة الجامعات بتأمين المواصلات لكافة أفراد أسرة نواب الرئيس على نفقة الجامعة؟ لا أظن ذلك.الم تقم حكومتنا الرشيدة بتخفيض رواتب وزرائها طوعاً للتقليل من الإنفاق وبطريقة غير مباشرة وأرسلت بذلك رسالة سامية للجميع لشد الأحزمة؟! إذن ما بال من ولوا أمرنا بالجامعات لا يستجيبوا لذلك النداء, أم على قلوب أقفالها؟ إنني أرى وهذا من حقي طبعاً أن يتم إيقاف أي إنفاق في غير مكانه, وإن وجَدَ بعض رؤساء الجامعات حرج في أنفسهم من تطبيق ذلك الترشيد لصلة الزمالة مع نوابهم من أن يتم ذلك الأمر بموجب قرار وزاري فما لا يتم طوعاً ثم كرهاً وفي المال العام لا محاباة لأحد.
muheilan@hotmail.com