لم يكن وعد بلفور لليهود بمنحهم وطنا بديلا لهم في فلسطين ، منحة شرف وتكريم بقدر ما كانت وسيلة خلاص منهم وتخلص من وجودهم في المجتمع البريطاني من جهة ، ومن جهة اخرى خلق غصة في حلق العرب وعلة في قلوبهم من خلال زرع هذا الكيان في قلب الوطن العربي وفي هذا المكان بالذات الذي يفصل اسيويته عن افريقيته .
ومع ان أحبار اليهود يعلمون حقيقة هذا الوعد والوفاء به والغاية منه ، الا انهم ربما استراحوا لهذه التسمية وراقت اليها الألسن والأفكار وحلا لهم التعبير فباتوا كما اصبحوا عليه سالفا ينادون بأرث العبارة ليعلنوا بين فينة واخرى ضرورة البحث للفلسطينين عن وطن بديل لهم . وان كانوا مستقرين وراغبين بأن يكون هذا الوطن هو الأردن ، لذا ما ان تخمد نارهم حتى أعادوا فأوقدوها هم واعوانهم لينادوا بالاردن وطنا بديلا للفلسطينين .
فبات امر الوطن البديل كابوسا وهاجسا ألتم حوله الأردنيين والفلسطينين على السواء رافضين البتة ومعارضين رغم وجود ثلة آثمة حقوده تؤيد هذا المشروع الاستعماري الصهيوني وترفع هذا الشعار بين الحين والآخر في الخفاء وبشكل غير مباشر ينطبق عليهم وصف \" خفافيش الظلام \" ، ولكن لن تحقق امانيهم وآمالهم حتى يلد الجمل في سم الخياط .
فالاردن لن يكون في يوم من الأيام وطنا بديلا لأيا كان ، حتى لو كانوا أؤلئك هم الفلسطينين الذين ما بخل عليهم يوما في فتح أذرعه لهم ومدهم وعونهم بكل السبل والوسائل وكان اول من وقف معهم حتى على خطوط النار ، فالاردن للاردنيين وحدهم بلا تحيز ومن دون مغالاة او عصبية همجية أو عنصرة ، فانه ان ضاق رحبه وقصر مدده وشح كرمه فأنه ليس الا حفاظا على هوية عربية فلسطينية من الضياع والهلاك وصونا لأرث الأرض والحق وحفاظا على الثروة ان تنالها يد التفتيت ، ومن ادعى أن رفضنا لهذا المشروع ليس الا عنصرة وتخلي من جانب الاردن والاردنيين عن أشقائهم ، فانه لا يخرج عن وصف الجاحد والناكر والجاهل .
وفلسطين تلك البتول ، والعروس التي اهلكتها ثالولة الصهيونية ، ستبقى بتولا وأجمل عروسا ولن تضيرها تلك الثالولة ولن تنقص من جمالها اذ ستبقى الأجمل والأعذب والأبتل ، وستبقى عربية وكما الاردن للاردنيين ، ستبقى فلسطين للفلسطينيين ولن يفرط منها بمقدار ثرى .
والحمد لله ان الاردنيين والفلسطينيين ، كما جمعهتم الجيرة وانسياب الدم في العروق من اثر الأنساب والمصاهرات ووحدة المصير وقرب العادات ، - كما جمعهم كل ذلك – جمعهم الرفض العام لهذا المشروع الخبيث النتن فتوحدت الانظار والقناعات ، وان كان هناك من يحاول تسييس الموقف ليثير النعرات ويفتت الوحدة ويضبب القناعات تحت باب الاصلاح السياسي والديمقراطي وينادوا براية الاصلاح وما هم الا اهل الفساد الذين يعيثون فسادا وفتنة في البلاد .
ألا سود الله وجوههم ورد كيدهم على نحرهم وأطفأ نارهم كما تطفأ الماء النار ولعن الله الفتنة ومن اوقدها .
فالاردن سيبقى حرا عصيا شامخا ورايته خفاقة ، وسيبقى للاردنيين . شاء من شاء ورفض من رفض .
وفلسطين ستبقى عربية بتولة وستبقى للفلسطنيين وطنا وملاذا ومصيرا والعثرة تقويه وتشد عوده لا ترخي جوانبه .
والدم الممزوج بين شعبينا ستبقى مسكا وعنبرا يفوح أريجه ليغطي على كافور الحاقدين .
المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com