عصفت رياح التقلبات السياسية في البلاد العربية في الاونة الاخيرة، تلك التي كانت مستقرة منذ زمن طويل، بسبب الحكم الشمولي للانظمة العربية ،التي اشغلت شعوبها بالجري خلف لقمة العيش ،فكان من الترف العبثي عند السواد الاعظم من الشعوب الجري خلف شعارات السياسة البراقة، فلم يكن لديهم متسع من الوقت لذلك عندما كان شغلهم الشاغل رغيف الخبز الذي كان متوفر لكل من لا يعبث بمخابز الدولة وكعك الصفوة.
فما الذي حدث اليوم اذن في الشارع العربي؟ حتى جن جنانه على سادته وحكامة الذين ولدوا قبل ان يولد اكثر شباب الثورات العربية اكان فخامة الرئيس او ابنه الذي خلفه على سدة الرئاسة امتدادا لنظامه السالف.
هل نفذ الخبز وجاع الشعب ،حتى خرج للشارع يطلبه غصبا او يسلبه قصرا،وهل كان في الماضي متخم به واليوم قد جاع؟.
في الواقع استطيع القول ان المسالة ليست بهذه السهولة في الطرح وليس لقمة العيش هي التي اسقطت الانظمة العربية او تحاول اسقاطها في اماكن اخرى وان كانت واحده من القضايا الهامة التي كانت تطرح ابان الثورات العربية فحتى الانظمة الجديدة لن تستخدم عصا سحرية لتغير الواقع الاقتصادي العربي المرير وسيعود الشعب ليعيد الكرى وتعيش البلاد الفراغ الدستوري والخراب الاداري والعبث الشعبي.
خلاصة المسألة ان الارادة الاستعمارية المستحوذة على خيرات العالم ارادة اعادة تقسيم البلاد العربية والقضاء على مفاهيم القومية العربية بالغاء مصطلع الوطن العربي الكبير ليحل مكانه مصطلح الشرق اوسط الجديد وتقسيم البلاد العربية الكبيرة وذات القوة الاستراتيجية الى اثنيات طائفية على اسس وقوميات غير عربية فكان لابد من تقسيم سوريا ومصر والعراق اكبر الدول العربية عدة وعتادا وهذا ما بوشر به مؤخرا تحت شعار نشر الديموقراطية في الدول العربية فاسقاط نظام مبارك في مصر واسناد الحكم لجماعة الاخوان المسلمين خطة امريكية لتقسيم مصر الى دويلات اثنية فالدستور الذي ولد مؤخرا في مصر والمثير للجدل سيفتح الباب اما ثورة مصرية جديدة تنتج دولة للاقباط واخرى لابناء المذهب السني واخرى قد تكن علمانية كم حدث ذلك فعلا بقسيم العراق لدولة العراق بغداد ودولة كردستان ذات الحكم الذاتي باربيل ناهيك عن الحرب الوشيكية بين بغداد والبلد الجديد الناشيء في اربيل.
اما سوريا الحبيبة فبات النور جليا للعيان بأنها تتعرض لهجمة استعمارية شرسة اكبر من تلك التي نتجت عن معاهدة سايس بيكو1916 وشقيقتها سان ريمو1920 بتقسيم البلاد العربية بين بريطانيا وفرنسا وشقيقاتهم الدول الغربية ،فسوريا اليوم تتألم الم مخاض الولادة الجديدة التي ستعيد صمد سورية الواحدة صاحبةالرسالة الخالدة وسينكسر قريبا بأذن الله الارهاب الدموي على ابواب دمشق الاموية وسيعود الاطفال للعب في ازقة الشام القديمة وستفوح روائح الياسمين الممتطي اسوار الحواري القديمة.