زاد الاردن الاخباري -
حذر السفير الأسبق لإسرائيل في عمان، البروفسور شيمعون شمير، من انهيار معاهدة السلام الإسرائيلية الأردنية بسبب الجمود في عملية السلام مع الفلسطينيين وزعزعة الأسس الثلاثة التي قام عليها هذا السلام.
وقال شمير، الذي كان يتحدث في مؤتمر لمجموعة من الخبراء السياسيين في القدس المحتلة، إن «معاهدة السلام مع الأردن تتميز عن نظيرتها مع مصر بأمور جوهرية، فهي تعالج بمعظمها التعاون الاقتصادي والأمني بين البلدين، أما معاهدة السلام مع مصر فجاءت على أساس تكريس الأمن بينهما».
وأضاف أن «(الراحل) الملك حسين أراد في المعاهدة أولا، أن تصبح إسرائيل شريكا استراتيجيا للأردن، بدلا من أن تبقى تهديدا له، وثانيا أن تدفن المعاهدة فكرة (الوطن البديل)، التي يطرحها اليمين المتطرف في إسرائيل وهدفها أن تكون المملكة الأردنية الهاشمية دولة الفلسطينيين، وثالثا أن يعود السلام على الشارع الأردني بالنفع الاقتصادي، من خلال التعاون بين الطرفين.
لكن هذه المبادئ الثلاثة، التي دفعت الحسين إلى عقد السلام، قد تزعزعت في السنوات الأخيرة، والحكومات الإسرائيلية التي تلت حكومة إسحاق رابين، لم تثبت هذه المبادئ».
وكشف أن هناك 150 مشروعا مقررة بين البلدين، لكن إسرائيل لم تف بوعودها لتنفيذ أي منها.
وأسهب شمير في الحديث عن الأحداث التي مست بالعلاقات بين إسرائيل والأردن وخلقت جوا من عدم الثقة بين البلدين مثل: محاولة اغتيال رئيس الدائرة السياسية في حركة حماس، خالد مشعل في قلب العاصمة الأردنية عمان سنة 1997.
واستمرار الحديث عن فكرة «الوطن البديل» من مسؤولين ونواب في اليمين الإسرائيلي، وممارسات إسرائيل في القدس الشرقية وفي محيط المسجد الأقصى من دون التشاور مع الأردن وغيرها.
وشدد شمير على أن الأحداث التي مست بالسلام بين البلدين لم توجه ضد الأردن بالأساس أو بشكل مباشر، لكن تداعياتها وضعت الأردن في مواقف حرجة.
وقال شمير إنه خلال عمله سفيرا في عمان تقرب من العائلة الحاكمة عموما والملك الحسين بن طلال بشكل خاص وإنه يستطيع أن يشهد بأن الملك الراحل تطلع إلى أن يكون السلام مع إسرائيل سلاما حقيقيا وعميقا وقائما بين الشعبين، وليس فقط بين الحكومات.
وخلص السفير الإسرائيلي الأول لدى الأردن إلى القول إن العلاقات الإسرائيلية – الأردنية مهمة للغاية، ولكن هذه الأهمية لا تؤخذ بالاعتبار لدى الكثير من السياسيين الإسرائيليين.
وكان هذا المؤتمر قد عقد في معهد ترومن للأبحاث ودعم السلام في القدس، وقد التأم لمناسبة إصدار كتاب من تأليف شمير، بعنوان «صعود السلام الحار مع الأردن وأفوله».
وهو يتركز في بحث السياسة الإسرائيلية نحو الأردن في فترة الملك الحسين. فقال: إن «هدف الكتاب هو تحليل الأخطاء والاستفادة منها من أجل تحسين العلاقات مع المملكة الأردنية الهاشمية».
واتفق متحدثان آخران في المؤتمر مع كلام شمير، فقال الدكتور أساف ديفيد من الجامعة العبرية في القدس، إن إسرائيل تخلت عن الاستثمار في الأردن بعد أن ضمنت الهدوء من الجبهة الشرقية.
وأضاف أن معاهدة السلام، والغزو الأميركي للعراق عام 2003 خلقا واقعا جديدا من ناحية إسرائيل، سقط فيه التهديد من الجبهة الشرقية. وقال الدبلوماسي شالوم ترجمان، الذي شغل منصب المستشار الاستراتيجي لرئيسي الحكومة الإسرائيلية السابقين، أرييل شارون وإيهود أولمرت، عن سبل تطوير السلام بين إسرائيل والأردن وأوصى في المقام الأول بدفع عملية السلام الإسرائيلي الفلسطيني، موضحا أنها قضية محورية بالنسبة للأردن والعائلة الملكية، خصوصا إذا كانت تأخذ بالاعتبار تعزيز دور الأردن في عملية السلام.
وذكر أن الولايات المتحدة تنقل نحو 350 مليون دولار سنويا لخزانة الأردن، وقال: إن إسرائيل تلعب دورا مهما في إقناع الكونغرس الأميركي في نقل هذا العون من دون انقطاع. ولكن هذا لا يكفي وينبغي تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين في المجال الأمني والاقتصادي.
وقال: إن هناك أهمية لتطوير مشاريع تتعلق بالغاز، والزراعة والغذاء والماء. وقال ترجمان إن معاهدة السلام تشمل بنودا كثيرة تتعلق بتطوير العلاقات الثنائية إلا أنها لم تثمر حتى الآن.
وأضاف أن الملك حسين سوق السلام لشعبه حينها بأنه سيعود على الأردن بالنفع الاقتصادي، لكن الأردن ما زال بلدا فقيرا، والشارع الأردني لم يشهد ثمار السلام مع إسرائيل بعد.
وفي سياق متصل، نقلت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني، أمس، أن حكومة الأردن أبلغت إسرائيل مؤخرا بأنها لن تتحمل تكاليف مشروع «قناة البحرين»، الذي يهدف إلى ربط البحر الميت بالبحر الأحمر أو البحر الأبيض المتوسط، ومن خلال ذلك يستفاد منه لتوليد الطاقة وتحلية المياه وإنقاذ البحر الميت من الجفاف.
وهو يعُدّ المشروع الأكبر بين مشاريع التعاون المشترك للأردن وإسرائيل والسلطة الفلسطينية، ونموذجا لأهمية التعاون الإقليمي لحل مشاكل بيئية والاستفادة من الموارد الطبيعة لصالح دول المنطقة. لكن أجواء العداء التي تتنامى في ظل حكومة نتنياهو تؤدي إلى نفور الأردن أيضا من ساحة التعاون.
الشرق الاوسط