أول وكالة اخبارية خاصة انطلقت في الأردن

تواصل بلا حدود

أخر الأخبار
الأردن: زخات مصحوبة بالرعد في بعض المناطق الجمعة وزير التربية يحيل عدد من الموظفين إلى التقاعد المبكر - أسماء إعلام إسرائيلي: مشروع اتفاق إنهاء الحرب لا يتضمن منطقة أمنية بجنوب لبنان الجمعة .. أجواء غائمة وفرصة لزخات مطر ما هي قصة شهادات التوجيهي التركية المزورة في الاردن ؟ غارات عنيفة على ضاحية بيروت بعد طلب الاحتلال إخلائها فيضانات إسبانيا .. أمطار 8 ساعات تعادل أمطار عام كامل هآرتس: تقنين الذخيرة يقتل مزيدا من جنود إسرائيل في غزة تعليمات تتبع الغذاء من المفروض انها معمول بها منذ 2017 ولكن ؟؟ خرج من نفق .. مقاتل من القسام يضرب "جيب همر" للاحتلال بقذيفة شرق جباليا (شاهد) إنخفاض سعر الذهب محليا دينار للغرام الزوار العرب يشكلون 54 % من إجمالي سياح الأردن مشروع قرار مقدم من الأردن يدين حظر أنشطة الأونروا في فلسطين قوات الاحتلال تلحق أضرارا بمكتب الأونروا في طولكرم .. "لم يعد صالحا للاستخدام" عشرات الشهداء والجرحى في استمرار حرب الإبادة في غزة (حصيلة) زعيم الحوثيين يكشف حصيلة سفن الاحتلال المستهدفة ضمن عملياتهم البحرية قتلى بالمطلة وحيفا بصواريخ حزب الله وإصابة 11 عسكريا إسرائيليا بمعارك لبنان وصول طواقم "الميداني الأردني غزة 80" إلى أرض المهمة هآرتس تكشف تفاصيلَ محاولة اغتيال رئيس أركان الاحتلال الجيش الأردني: سقوط مسيرة مجهولة بجرش ولا إصابات
الصفحة الرئيسية فعاليات و احداث الجنسية الأردنية- الخروج من النفق المظلم

الجنسية الأردنية- الخروج من النفق المظلم

08-12-2012 03:43 PM

زاد الاردن الاخباري -

بدأت تعلو على سطح الساحة الأردنية بعض الأصوات التي ارتفعت حدتها مؤخرا وبشكل لافت للمطالبة "ببعض المرونة" في منح الجنسية الأردنية (أو على الأقل ما سمّاه البعض "بالحقوق المدنية" أو الحصول على "الحقوق المنقوصة" أحيانا). ومن المتوقع أن تزداد وتيرة تلك المطالبات نتيجة ضغوط وظروف داخلية وربما خارجية، التي كما نراها ستتتفاعل خلال الخمس أو العشر سنوات القادمة. وهنا سأتناول بعض المقترحات التي يمكن وصفها "بالعملية" لكيفية التعامل مع تحديات هذه القضية وإدارة هذا الملف الحساس والهام للخروج من النفق المظلم الذي لف (ولا يزال) هذه القضية.

فمن حيث المبدأ، يجب أن نعترف أننا أمام مشكلة حقيقية (بصرف النظر عن حجمها الذي تتضارب الأرقام حوله). وهي مورثة من الماضي، ممتدة للحاضر، عابرة للمستقبل. وهي أيضا ليست وليدة اليوم وتتميز بقابليتها لمزيد من الدحرجة والتطور والتعقيد. وأن من الخطورة بمكان أن نتركها تكبر وتتفاعل دونما مواجهتها وإدارة هذا الملف الإدارة الناجحة.

واستنادا لذلك، فأشير إلى أن إدارة ملف هذه القضية لا يمكن أن يكون بجهود فردية مجزأة مشتتة هنا وهناك ينقصها الجهد الجمعي والمجتمعي. فنحن هنا أمام مشكلة لها جوانب سياسة، إنسانية، موضوعية، قانونية، إدارية، إقتصادية واجتماعية. ومن هنا – وكبداية – فإننا نقترح (تشكيل لجنة وطنية) ممثلة لأطراف العلاقة بالقضية وتكنوقراط متخصصون بالجوانب سالفة الذكر جميعها، فقط لوضعها تحت المجهر وبحثها بالطريقة العلمية الموضوعية بعيدا عن الاثارة وتثوير العواطف البشرية الانسانية، والهدف هو اقتراح الحلول المناسبة لها، لما يؤسس لحاضر ومستقبل واضح المعالم لما نريده وما لا نريده عند التعامل مع هذه القضية. وإننا هنا سنتناول الجوانب الإدارية التنظيمية للقضية بحكم التخصص، تاركين المجال للمشتغلين بالقانون والسياسة والاجتماع من الممارسين لها والمنظرين فيها لرفد هذه الأفكار والبناء عليها. وتأسيسا على ذلك، نعرض تاليا بعض الطروحات ذات العلاقة بالقضية محل البحث، والأفكار المقترحة للتعامل معها:

أولا: نسأل بداية: هل لدينا، كدولة أردنية، فلسفة واضحة تجسّد الأهداف العليا والاستراتيجية العريضة للتجنيس بما ينسجم مع ظروف بلدنا ومجتمعنا الأردني؟ و "لماذا" نمنح الجنسية أصلا (وذلك قبل أن نتناول "لمَنْ" و "كيف" نمنح الجنسية الأردنية)؟ .. وهنا، فإنه من الضروري جدا أن نحدد بشكل واضح الفلسفة والمنطلقات الأساسية لمنح الجنسية (ربما من خلال اللجنة المقترحة، أو من خلال مؤتمر وطني جامع) لتحديد المبادئ العامة التي يتفق عليها عند طلب الجنسية ومنحها. فمثلا، أجد الكثيرين (وأنا منهم) ممن يعترفون ويتفقون أن للأردن "خصوصية" خلقتها الظروف التاريخية والإنسانية والسياسية والإجتماعية على الأرض.. فنفترض بهذا الطرح أن يمثل أحد المنطلقات الهامة للقضية محل البحث .. وأيضا، لا بد أن نعترف أن الأردن محدودٌ بإمكانياته وموارده الإقتصادية التي تتداخل معها جملة من التحديات السياسية والإجتماعية مثل تعقيدات الهواجس المتعلقة بالوطن البديل والبطالة وإمكانية فقدان القيم الثقافية الإيجابية الأصيلة الموروثة للمجتمع الأردني .. وعليه، فإن من المنطلقات أيضا أن تكون عملية إدارة عملية منح الجنسية باعتبارها "إستثناءا" لا "أصلا"، بمعنى أنه لا يجب أن تمثل التوجه العام للسياسة العامة للدولة الأردنية، كما هو الحال لدى بعض الدول التي تحتاج لإعطاء الجنسية لأسباب جوهرية "أصلية" مبررة تتعلق بنقص العمالة وإحداث التوازنات الديمغرافية الحالية والمستقبلية لبلدان مثل كندا واستراليا وأمريكا وبعض دول غرب وشمال أوروبا .. وعليه أيضا، يجب أن تنحصر عملية منح الجنسية الأردنية على الحالات الإنسانية الطارئة التي لا يفترض أن يزيد عددها عن ألف حالة في العام الواحد.

ثانيا: لقد شهدنا خلال العشر سنوات الأخيرة من عمر المملكة التعامل العشوائي المستهتر والمزاجي الشخصي البحت للطريقة أو للطرق التي تم بها منح الجنسية الأردنية .. وهذا –بالمناسبة- ملف يجب الاّ يغلق هكذا أو ينتهي بتقادم الزمن ويمر بالطريقة التي مرّ بها بما يزيد بقليل عن عشر سنوات من السجن (ربما الناعم) لأحد رؤوس الفساد لمؤسسة أمنية محترمة .. فالأمر بنظرنا يمثل "إهانة insult" لكل الأردنيين ويتعلق بمصادرة حق كل أردني، لا بل بيع الهوية الوطنية التي هي ملك كل الأردنيون بثمن بخس!

وعليه، أولا، يجب إعادة فتح كل الملفات لمن منحت لهم الجنسية وسحبها (دونما تردد) ممن لم يستحقها أو شابت تلك الملفات الفساد والرشوة والتراخي. وثانيا، وهو الأهم، ولمأسسة ملف منح الجنسية، فإننا ندعو لتشكيل لجنة / هيئة وطنية تتمتع بالاستقلام التام وتمثل سلطة قضائية عليا في الدولة تسمى (اللجنة الوطنية للجنسية) أو (الهيئة العليا للجنسية) تتبع السلطة القضائية واجراءات التقاضي فيها، حيث تكون مهمتها دراسة (والموافقة على، أو رفض) طلبات منح الجنسية الأردنية. ويمكن أن يتم تشكيلها من سبعة أشخاص، هم حصرا (رئيس محكمة عليا سابق، رئيسا، وعضوية نائب واحد وعين واحد وهما عضوين حاليين يسميهما مجلس الأمة، ونائب رئيس الوزراء، أو وزير الداخلية عضوا، وعضو تسميه نقابة المحامين، وعضوين آخرين من أساتذة الحقوق والادارة الحكومية في الجامعات الأردنية)، على أن تتخذ هذه اللجنة قراراتها بالأغلبية. ويساعد اللجنة في عملها عدد من الموظفين (لا يزيد عن عشره) من أصحاب الخبرة والكفاءة للقيام بالعمل الإداري والدعم اللوجستي المطلوب لتسهيل مهمة اللجنة / الهيئة.

ويجب أن ينحصر عمل تلك اللجنة في النظر بالطلبات المقدمة لها، الانسانية أو الطارئة منها التي يفترض الّا يزيد عددها عن ألف طلب بالمجمل في العام الواحد، وذلك من خلال نظام تقييم أولي (باستخدام طريقة النقاط كما هو معمول به في دول لها تجربة طويلة بهذا المجال مثل أستراليا) يعدّه العاملون بالمكتب قبل رفعه للجنة لاتخاذ القرار المناسب.

هذا، ويمكن لهذه اللجنة / الهيئة أن تقدم الإقتراحات والتوصيات حول استحداث (أو إلغاء أو تعديل) النصوص التشريعية ذات العلاقة لتسهم بالتدريج بنضج وتحسين الأطر القانونية لقضايا الجنسية الأردنية بناء على ما يتوفر للجنة من وقائع على الأرض.

ثالثا: وهنا نتناول بشيء من التفصيل بعض الحالات التي تناولتها وسائل الإعلام مؤخرا، وبعض المقترحات العملية الموضوعية للتعامل معها، بعيدا عن العواطف البشرية التي يكون محلها اللجنة العليا ذاتها، وكما يلي:

1. للتعامل مع حالة تلك الفئة من الفتيات الأردنيات اللواتي يقررن الإرتباط بعلاقة زوجية مع من هم غير أردنيين، فيجب ابتداءً أن يكون واضحا لديهن (على أن يقنن ذلك من خلال التشريعات ذات الصلة ويدعّم بالإجراءات التنفيذية على الأرض) أن هذا الزواج لا يلزم الدولة الأردنية بمنح الجنسية للزوج (يمكن أن يكون ذلك شرطا أساسيا يضاف لشروط العقد تماما مثل الفحص القبلي للتلاسيميا!). ويشترط أيضا (لهذه الفئة أو لفئة الفتيات اللواتي وقع زواجهن فعلا)، أن يتم توثيق الزواج من قبل سفارة دولة الزوج خلال فترة زمنية يحددها القانون .. وإن كانت جنسية الزوج غير عربية، فإنه يمكن للزوجة الأردنية أن تجمع بين جنسيتها الأردنية وجنسية الزوج الأجنبية (كما هو معمول به حاليا). أما إن كانت جنسية الزوج عربية، فإنها تُخير بين الاحتفاظ بجنسيتها الأردنية أو التنازل عنها عند منحها جنسية الزوج (على أن تمنح الزوجة الأردنية إن اختارت جنسية الزوج ومنحتها، الإقامة الدائمة بالأردن). أما زوجها، فيمنح الإقامة الدائمة (permanent residency -PR) في الأردن، حيث تمنحه تلك الإقامة إمكانية العيش الدائم على أرض المملكة والاشتثمار و/أو الحصول على فرص العمل في القطاع الخاص (أو العام بشروط القطاع الخاص) ذلك كأي مغترب على أرض المملكة (باختلاف الإقامة الدائمة التي تُجدد كل ثلاث سنوات وإن وصلت لمئة عام!)، وذلك كما هو معمول به في دول غربية مرموقة كثيرة أو حتى دول إفريقية متواضعة مثل ليبيريا. هذا، ويمكن للزوج خلال إقامته من التقدم للهيئة العليا بطلب الحصول على الجنسية الأردنية، عارضا الأسباب القاهرة أو الطارئة الموجبة لذلك، مع الخضوع لنظام النقاط المقترح سابقا، وعلى أن يُنظر لهذه الحالات باعتبارها خاصة جدا (من ضمن الألف حالة بالمعدل في العام الواحد).

2. أما التعامل مع ما يترتب عن زواج الفتاة الأردنية من أجنبي من الحالات التي ستقع أو الواقعة، والمتعلقة بالأولاد (ذكورا وإناثا) من جانب، وبالحقوق والإلتزامات الأخرى من الجانب الآخر (مثل الطلاق والميراث والإقامة والعمل)، فمن حيث المبدأ، يتبع أولاد الأردنية المتزوجة من أجنبي (ذكورا وإناثا) جنسية الأب (مع ما يرافق ذلك من حصولهم على الإقامة الدائمة والعمل، تماما كما هو مسموح به للأب). على أنه إذا حصل الأب على الجنسية الأردنية (وفقط بالطريقة المقترحة في "1" أعلاه)، فإن الأولاد حكما سيحصلون عليها. هذا، ويمكن لأولاد الزوجة الأردنية (ذكورا وإناثا) الارتباط بالزواج من أردني/أردنية، ولكن بنفس شروط الأب.

ونشير هنا الى أن هذا الأمر لا يخلُ من تعارض واضح مع ما هو معمول به حاليا بالنسبة للأردني المتزوج من أجنبية، وينمّ عن عدم المساواة في الأمر بين الأردنيين ذكورا وإناثا. وللتعامل مع هذه المسألة، فإننا نشير هنا لما هو متبع في دول عدة (شرقية وغربية)، وذلك بأن يتقدم الزوج الأردني بطلب لمنح زوجته الجنسية الأردنية إلى اللجنة العليا بنفس الطريقة (المبينة أعلاه) التي يتم فيها التعامل مع الفتاة الأردنية التي تقرر الزواج من أجنبي .. إن ذلك سيمثل تأكيدا على مبدأ المساواة بين الأردنيين جميعا (ذكورا وإناثا). وعليه، فإنه في حالة كان الزوج أردني ويرغب بالزواج من فتاة أجنبية، فإن عليه التقدم بطلب الزواج إلى سفارة المملكة (إن كان يعيش خارج الأردن) أو وزارة الداخلية (عند وجوده في الأردن)، حيث يجب أن يكون واضحا لدى الزوج والزوجة أن الدولة الأردنية غير ملزمة بمنح الزوجة الجنسية الأردنية، وإنما منحها فقط الإقامة الدائمة والحصول على فرص العمل والاستثمار وبالطريقة السالفة الذكر للحالة التي فيها يكون الزوج أجنبيا، وذلك كشرط أساسي لتوثيق واقعة الزواج.

وفي هذه الحالة (زواج الأردني من أجنبية)، فان القاعدة السابقة المتمثلة بأن الأولاد يتبعون جنسية أبيهم (وهنا الجنسية الأردنية) تبقى قائمة. وهذا، مرة أخرى، تجسيد لمبدأ المساواة بين الأردنيين، ذكورا واناثا).

3. أما فيما يتعلق بما يترتب على زواج الأردنية من أجنبي أو الأردني من أجنبية، وتحديدا قضايا الطلاق والميراث، فإنه يمكن التعامل معها بالطريقة التالية:

لن يكون هناك مشكلة أصلا عند حدوث الطلاق لزوجة الأردني الأجنبية، لأن لديها الإقامة الدائمة كما ورد سابقا. وهنا، تستطبع الزوجة الحصول على الميراث كاملا غير منقوص، والتصرف به كيفما شاءت (بالاحتفاظ به أو ببيعه أو بتأجبره أو بتوريثه).

وأيضا، في حالة الزوجة الأردنية المطلقة من أجنبي، تستطيع أن ترث منه وتتصرف بالميراث كيفما تشاء، بالاحتفاظ به أو بيعه أو تأجيره أو توريثه لأبنائها (طالما أن لديهم الإقامة الدائمة للعيش على أرض المملكة بالإضافة إلى فرص العمل والاستثمار المشروطة والمنظمة كما ورد آنفا).

رابعا، وأخيرا، وليس آخرا، وبالعودة إلى المنطلقات والمبادئ العامة المؤطِرة لمنح الجنسية الأردنية، فإننا نؤكد، مرة أخرى، على أن الأصل عدم منحها، وأن الإستثناء أن يخضع منحها لشروط "قوية" (وفقط من خلال اللجنة العليا)، تضع الأردنيين (ذكورا واناثا) أمام مسئولياتهم ..

أما وانه قد تم منح الجنسية الأردنية لمستحقيها، فإن على جميع الأردنيين أن يكونوا بمستوى الوعي الراقي للنظر إلى المجنسين الجدد (والقدامى) والتعامل معهم بأنهم "أردنيون بملئ الكلمة"، وأن يكون لهم ذات الحقوق وعليهم نفس الواجبات كما لباقي الأردنيين .. وعليه، فإنه يجب أن يكون من المحرمات أن نبقى نمنّ و "نهتّ" عليهم بمنحهم الجنسية طالما اجتازوا الشروط "القاسية" وضمن الأطر القانونية الشفافة المتبعة، ولطالما رضينا بهم وأصبحوا من مكونات نسيج مجتمعنا الأردني القوي وإن تعددت ألوانه. إن ذلك سيعزز من انتمائهم للوطن وسرعة اندماجهم فيه وقبولهم للثقافة الأردنية وتبنيها، علّهم يشاركون برغبة قوية بنهضة هذا البلد ورفعته.


د. علي المستريحي





تابعونا على صفحتنا على الفيسبوك , وكالة زاد الاردن الاخبارية

التعليقات حالياً متوقفة من الموقع