خلال الفعاليات الأخيرة التي شهدها الحراك في الاردن على خلفية الرفع المجنون للأسعار كاد الخوف يساور كل الأردنيين الشرفاء الذين تنبض قلوبهم بحب هذا الوطن وتنصهر قلوبهم مع حبات ترابه حيث الوطن عندهم أغلى من كل المكاسب والمنافع خاف الناس من شرر فتنة مستطير يحرق الأخضر واليابس ويلتهم مكاسب البسطاء الذين بنوها بعرق جبينهم وضرائب جيوبهم خشينا في هذا الوقت أن نفقد إتجاه بوصلتنا التي طالما أشرت الى حب الوطن وأن تصل تجارب الجوار وحرائقهم الينا فيقتل بعضنا بعضا- لا سمح الله- ويتخذ بعضنا بعضا عدوا.
الناس البسطاء والفقراء من غالبية أهل هذا البلد وقعوا في ظلم مزدوج -وما اقبحه من ظلم- فهم أحسوا بقلة الحيلة من جراء رفع مجنون للأسعار مقابل القليل من القروش التي يأبى اصحاب القرار الا أن يذلوهم حتى وهم يقبلوها مكرهين على دفعات وبالتقسيط وبين أن يفوتوا الفرصة على أطراف مأفونة ومتربصين كثر كرهوا أن يبقى هذا البلد بعيدا عن الفوضى والفتنة التي وصل اليها الأخرون عندما فقدوا الحكمة ووصلوا الى طريق مسدود بل ومما أرعبهم أكثر أن كان من بين هذه الفئات من يحمل هوية هذا البلد كذبا ونفاقا حيث يلبسها ويخلعها آنى وجد منافعه ومصالحه.
أدرك الناس بقلوبهم وعفويتهم وحبهم لوطنهم أن الأمور على وشك أن تختلط عليهم وأن هناك من يريد أن يركب موج حراكهم السلمي لكي يتسلق ظهر الوطن وظهورهم فعندما أُعلن عن رفع الاسعار خرج الناس عفويا ودون ترتيب أو تحريك لما أحسوا به من ظلم وإجحاف إذ أن الكثير منهم لن يقدر تأمين أبسط متطلبات أسرته بينما ينعم الفاسدون بالرفاهية والحماية على حسابهم وحساب أبناءهم وعندما شعروا بوجود نوايا خبيثة آثروا حب الوطن على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.
حيرة الغلابى من الناس أيضا لم تكن فقط بين شد الحزام على بطونهم من جهة وبين حزنهم وهم يشاهدون الفاسدين يلتهمون الوطن دون حسيب أو رقيب من جهة ثانية بل كانت حيرتهم أشد بين نظام يكاد لا يدرك أو يظهر اهتماما بما يجري حوله وبين متسلقين اتخذوا من ظروف الناس وآلامهم سلما يوصلهم الى السلطة مهما كان الثمن.
من هؤلاء المتسلقين من لو طالبته أن يعلن أو يبرز هويته الاردنية لأفاض لك شتما لسايكس بيكو حيث ان هذا البلد وحده دون بلاد العرب نتاجا لقسمتهم أو يحدثك عن دولة الخلافة وكأن المسلمين جميعهم ينضوون في ظل دولة الخلافة ما عدانا نحن الاردنيين خارجين عليها بل أن أحدهم جلس يوما في "تلفزيوننا الاردني" عندما كان نقابيا ليقول لشعبنا بصفاقة ماذا تريدون اكثر ها نحن قد رفعنا علم الاردن فوق نقابتنا؟! وما يدريكم قد يجلس يومأ في تلفزيون الحكومة كرئيس حكومة برلماني ويجلدنا في حب الوطن لكن أي وطن!.
في ظل ما يحدث في وطننا أود أن أوجه التحية الصادقة الى فئات لم تخطئ العين أو الأذن شرف مواطنتها ولم تخطئ هي حساباتها عندما قدمت مصلحة الوطن على مصالحها على الرغم من قلة الحيلة وضيق اليد.
أوجه تحية إكبار وإجلال الى كل مواطن عادي بسيط لا هم له في منصب أو شهرة أو سمعة حيث دعته الحكمة أن يؤثر مصلحة وطنه عندما خاف أن يذهب الوطن في مهب الريح.
وكل التحية لرجال الأمن العام الذين يعانون الأمرين فهم من جهة مواطنون مغلوبون كغيرهم يواجهون غول الغلاء وشظف العيش ومن جهة ثانية يسهرون على امن هذا البلد ويدفعون ثمنا غاليا من دمهم وعلى حساب عوائلهم متحملين الكثير من الاتهامات والاستفزازات.
وتحية وطنية خالصة لنقابة المعلمين التي أبدت تضامنها مع الناس وانحازت الى الفقراء والغلابى وأعلنت عن اعتصام مفتوح وعندما خشيت أن تخرج قاطرة الوطن عن السكة بفعل فئات مندسة عادت عن إعلانها لتساهم بتفويت الفرصة على الحاقدين.
حمى الله الاردن وادام عليه أمنه وخسئ كل منافق حقود.
الدوحة – قطر
8-12-2012