زاد الاردن الاخباري -
عيسى محارب العجارمة - تعود بي الذاكرة القريبة البعيدة الى لقائي الاول والاخير مع السيد خالد مشعل اذ انني كنت مديرا لقلم النيابة في محكمة امن الدولة .
وحينها قررت الحكومة التي كانت برئاسة دولة عبدالرؤوف الروابدة قطع العلاقة مع حركة حماس للابد على ما يبدو .
ففوجئت بطلب رئيس المحكمة بالمكوث أنا وزملائي بعد نهاية الدوام الرسمي في تلك السنة من اواخر التسعينات لاستلام سجين او سجناء على نحو من الاهمية البالغة .
وحينما تأكد لنا أن اجازتنا اليومية في ذلك اليوم قد ألغيت للعمل المفاجئ الذي سيسند لنا دلفنا لساحة المحكمة للعب كرة القدم .
وفي تمام مغرب ذاك اليوم على ما اذكر احضرت دوريات احدى الاجهزة الامنية كوادر حركة حماس في الاردن ومن بينهم السيد خالد مشعل وابراهيم غوشة .
وحارس مشعل الشخصي الذي كانت بمعصمه ساعة عبارة عن هدية من جلالة المغفور له الحسين العظيم لشجاعته بالقبض على منفذ اغتيال مشعل الفاشلة واخرون يزيد عددهم على العشرة رجال .
كان السيد مشعل يجلس امام ناظري بمكتب المدعي العام سعادة القاضي المتقاعد حاتم الغويري والمقابل لمكتبي وذلك انتظارا لمثوله امام المدعي العام سعادة القاضي المتقاعد محمود عبيدات.
أبان الانتظار والذي طال لساعة متأخرة من الليل كان السيد مشعل مخفورا من قبلي ولم يكن بيديه قيود على ما اذكر وكان مرتديا بزته المدنية وربطة العنق الفاخر ويتمتع بمعنويات ممتازه .
وسالني عن ابراهيم غوشة فقلت له انه بالمكتب الاخر ثم حصلت طرفه اضحكت كلانا حتى الثمالة بين السجين والسجان .
اذ دخل احد افراد المحكمة وهو شاب يبلغ التسعة عشر عاما دون احم ولا دستور دون ان يعرف هوية الزائر الكريم ورفع قرص الهاتف الارضي متحدثا مع حبيبته على ما يبدو بلغة الالغاز والعشاق لمدة غير يسيرة وهو يحسب اننا لا ندري طبيعة نزوته الهاتفية .
وبعد ان غادر وكنا قد غرقنا في الضحك على تلك الطرفة غير المرتب لها سوى نزوة لعاشق لا يهمه ان كان بحضرة زعيم حماس الذي لم يعرف هويته .
طلب مني السيد مشعل ان يتصل باهله لتطمينهم عليه وكان هذا الامر ممنوع حسب التعليمات المعمول بها حينه .
فأعتذرت منه بكل لباقة ولطف وقبل العذر وهو يضحك على الموقف الذي بدر من العسكري الاغرار الذي لم يعرفه .
واستمرت التحقيقات مع جميع الموقوفين بما فيهم السيد مشعل لردهة طويلة من الزمن ثم غادر بعدها الموقوفين بزنزانتهم الى سجن الجويدة .
ولم نلتقي ابدا حتى هذا التاريخ اذ نجحت المصالحة التي قادها وزير الخارجية القطري في اصطحاب السيد مشعل ورفاقه الى الدوحة .
قد اكون دخلت على موضوع بعيد عن ذهن القارئ العزيز فانا ولله الحمد الان احد متقاعدين القوات المسلحة واستمتع باوقاتي عبر الكتابة الصحفية في المواقع الالكترونية .
وهذه الحادثة سمحت لي الالتقاء عن قرب بالرجل الانسان في داخل السيد خالد مشعل واحببت ان اعرض ما لمسته فيه من بشاشة وحسن خلق .
وارجو استماحة العذر منه مجددا على ما حصل من عدم اجابتي طلبه في استخدام الهاتف في ذلك المساء الساخن من دنيا الخلافات العربية العربية التي نأمل ان تدخل الى مقبرة التاريخ كي يتسنى لنا الانابة الى عودة المياه الى مجاريها بين حركة حماس والاردن الرسمي وعسى ان يجمع الله الشتيتيين بعد ان يظنا الا تلاقيا .
مرة اخرى اهلا وسهلا بالاخ خالد مشعل في اردن ابي الحسين والله من وراء القصد .