(البدون) سوف ينتصرون
خاطرة للدكتور مراد الكلالدة
يا إنسان، جبال وتزلج في ألمانيا، إحنا إن أثلجت في أربد نّعطل في عمّان. ولكن لم تخبرني يا جبر، أين درست الجامعة؟ في الأردنية ودرست مُحاسبة، ولا تسألني عن مغامراتي في الجامعة، لأنه أول يوم مثل آخر يوم ... آه لحظة، في مرّة لعبنا مباراة كرة قدم مع كلية الزراعة. تخرّجت من الأردنية سنة 1985 وظليت شهرين أبحث عن عمل وبلا فائدة، وحينها قررت أن أخدم العلم، وقلت يا جبر ماهي عليك عليك، وبتخلص منها بدل ما أنِت عاطل ... عن العمل. أعتقد بأني كنت دورة 39 ... هل خدمت عسكرية، سألني جبر.
طبعاً خدمت، والتحقت بالدورة 48 في خو، وذلك بعد أن عملت سنة عند شبيلات-بدران والآن إسم الشركة تغيّر. لقد كانت لدي فرصة لإيفادي إلى السعودية للعمل على مشروع قصر الحكم وأخبرني أبو فرحان أيامها بنيته لإرسالي إلى هناك، وحينها إضطررت أن أفاتحة بالحقيقة وطلبت مقابلته. كان لقاءاً قصيراً وعندما سألني عن السبب في رفضي لهذه الفرصة، أخبرته بأني جواز سفري محجوز عند المخابرات، فقال لي، الأفضل أن تذهب لخدمة العلم، لعل وعسى تتغير الظروف.
لقد كان شعوراً غريبا في أن تخسر أفضل فرصة قد تتاح لمهندس حديث التخرج بسبب مواقف وطنية، فقد كانت الأحكام العرفية مفروضة على البلد والديمقراطية نسمع عنها في الإذاعات الغربية، وفي نفس الوقت تذهب طواعية لخدمة العلم. غريب هذا البلد، لقد كان بالإمكان دفع مبلغ ستة آلاف دولار مقابل الإعفاء من الخدمة العسكرية وأنا لم يكن لدي مثل هذا المبلغ، ولكن من كان لديهم القدرة المالية دفعوا وكسبوا سنتين من حياتهم وأجزم بأن جواز سفرهم لم يكن محجوز مثلي، لا بل أصبحوا يؤدون القسم لتولي المناصب ومن خلفهم العلم الذي قد لا يتذكرون ألوانه.
حدّق بي جبر وقال: مش خابرك سياسي، كيف هيك صار معك يا إنسان. والله القصة بسيطة، فأنا كنت عضواً ومن ثم رئيساً للإتحاد الوطني لطلبة الأردن في ألمانيا الديمقراطية وكنا نطالب بإنهاء الأحكام العرفية وإجراء إنتخابات برلمانية حرة ونزيهة ... هل هذه مطالبة تعجيزية يا جبر. الأردن عاش مُعظم تاريخه في ظل الأحكام العرفية منذ إعلانها أول مرة في العام 1957 بعد أن زُج بأحرار الأردن في سجن الجفر، ومنهم كان أبوك يا جبر، أليس كذلك. كلامك صحيح، رد جبر وأستطرد، وبعدها تم إعلان الأحكام العرفية في العام 1967 ولمدة أستمرت 23 عام. بدك الصحيح، الحكومة ما قصّرت، ولبت مطالبكم بعد سنتين من قدومك للأردن، وأجرى الملك حسين بن طلال إنتخابات حرة ونزيهة في العام 1989... وبعدها حرّموا يعيدوها.
وبعدها ... أخذت الجواز، سألني جبر ... يا سيدي أخذته بعد إلغاء الأحكام العرفية وبدون ما أطالب فيه، هم لوحدهم نزّلوا إعلان لمراجعة (البدون) جواز لدائرة الأحوال المدنية، وذهبت إلى الدوار الأول وكان إسمي بعد إسم خالد رمضان ... بتعرفه، اللذي ترشح للإنتخابات في العام 2010 وسقّطوه، وبعدين إعترفوا بأنها كانت إنتخابات مزورة. يا عزيزي، اليس الإعتراف سيد الأدلة، يعترفوا بأنهم زوروا الإنتخابات وكل إنتخابات بتخطر على بالك ويدعونك للمشاركة فيها من جديد والمصيبة بأنها نفس الشلّة بتنام مزوِرة وبتصحى متطهرة وبقلّك إصلاح وخارطة الطريق واضحة ... الله يسترنا ما تكون الخارطة سلالم وأفاعي.