تأتي دعوة البعض إلى قراءة نشرات الأخبار في القنوات الفضائية باللهجة العامية،في نفس سياق دعوات مماثلة سبقتها لاستخدام العامية في التداول،وبالذات في الشعر. بل وغالى بعض اصحاب تلك الدعوات السابقة الى حد المطالبة باستخدام الاحرف اللاتينية في اللغة العربية، بدلا من احرف الهجاء العربية.وبغض النظر عن ذرائع الدعوة لاستخدام العامية، والدوافع التي تقف وراءها،فقد لاقت تلك الدعوات استهجان، ورفض من كل من يعنيهم امر اللغة العربية من الكتاب، والمفكرين، والدعاة ،وأصحاب الرأي، باعتبار ان التهاون مع دعوات استخدام اللهجة العامية،على حساب الارتقاء بمستوى استخدام الفصحى،يفسح المجال واسعا للإساءة الى اللغة العربية، كأحد اهم مرموزات الهوية،والوجود العربي.
ولا بد من الاشارة في هذا المجال،الى ان نهج مسخ الهوية العربية،من خلال الدعوة لإشاعة استخدام العامية،يصب في ذات استراتيجية عولمة الفرنجة، التي بدأت تعبث بالعربية في كل مجالات ألاستخدام، من خلال استراتيجية عولمة استخدام اللغات الاجنبية العالمية،والانكليزية منها بالذات، كونها لغة تدريس العلوم في المعاهد،والجامعات،اضافة الى عولمة استخدامها في برامجيات،وشبكة الانترنت،والمواقع العنكبوتية،والقنوات الفضائيات وغيرها،من وسائل الاتصال الجماهيري،والفضاء المعلوماتي. وواضح ما تشكله هذه الادوات التقنية المعاصرة،بفضائها المفتوح في كل الاتجاهات،من مخاطر جدية على اللغة العربية،ومسخ ملامحها.
وإذا كان الامر في ضوء تلك التحديات،يتطلب الانتباه الى مخاطر تداعيات استخدام اللهجة العامية،والحذر من التأثيرات السلبية لوسائل العولمة المفتوحة على لغتنا العربية،التي تتجسد في فرنجة مقرفة، ورطانة لاحنة، تؤثر على سلامة اللغة، بل وتهددها بالانقراض،فلا بد اذن من التحرك على عجل،ضمن خطة عربية مركزية مدروسة،تستهدف التوسع في دراسات علوم اللغة العربية،ونشر كليات اللغة العربية،ومعاهد تعليمها،وتشجيع الدارسين فيها،والعمل على وضع استراتيجية عربية مكملة لها في نفس الوقت،لتعريب الدراسة في الجامعات العربية،والتوسع في انشاء المواقع الحاسوبية الخادمة للغة العربية،وتخصيص يوم وطني للاحتفال بلغة الضاد،وغيرها من وسائل بعث الحياة في مشروع النهوض باللغة العربية الفصحى،حفاظا عليها من المسخ،وحماية لها من الانقراض.