قمرٌ ،شمسٌ ، زهرٌ ،بحرٌ ،والسيارةُ الحمراءْ،وهديل الببغاءْ، وربيع الصحراءْ،ودوار البحرفي جوف السماءْ، وارتقاب الظل قبل الانحناءْ ،واختلاط الوان الهواءْ،والغضب والاشمئزاز في فرح.. والالتواءْ، في صفاء البدر ،وانطفاء الشمس على مساحة البئر سيرٌ للوراءْ، قرفصاءُ الفهدِ للصيدِ انطلاقٌ و ارتقاءْ.....................................هكذا فلتنظم الكلمات على غيرهدى، ولتجمع المتنافرات، ولتجعل العواء على شكل حداء ،ثم تؤلف شيئا غامضا لا لون له ولا رائحة ولا معنى ولتسمي كل ذلك شعرا أو (كتابة) ثم لتدعي ان هذا بعض الوان (الكتابة( ونوع من انواع الفكر والابداع،هكذا فلتقرأ المقال كانما وقد مزّقتَ خِرْقة ًبداخلها حجابُ ساحر ٍمشعوذٍ قد ملأه بالرموز والطلاسمْ ، ثم لِيْظهَرْ في فضاء التعليقات من يجاملك بنوع من المجاملة السمجة ، ويطالبك بأن تجمع كل هذا ضمن ديوان ٍ،وان ترتب هذه الهلوسات ِ في بطن مُجَلّدْ ،لتستفيد منه الاجيال القادمة ،وحتى لا يفوتهم شئ من هذا الادب الزاخر بالمفردات الغنية ،بالمعاني والمعادن النقيّه،
او فليكن كالآتي .........(هل تعلم ان اصابع اليد اربعه ْ،اذ الاصبع الخامس زائدة دودية،هل تعلم ان اول الخلق فطريات وطحالب ،هل تعلم ان اول من لبس الحرير قارون ،وان هذا قد اصبح للأغنياء سنة على مر القرون ، وان القهوة تعتبر من افضل المنبهات في العصر الحديث،وان الحديد الصلب من المعادن الصلبة ،وان اول من اسرج الخيل شمروخ ابن صمادح بن بعرفصج ، هل تعلم ان في الازهار اصباغ تجعل منها الاصفر والاحمر والبنفسج ،) .......... ،هكذا فليكن المقال وهكذا فليكن الابداع ،في زمن قد امتطى الكتابة من لا يهتدي الى المعاني ،ولا يحترم العقول ،وبدلا من ان يبعث بمقاله العجيب ،مع احد اولاده الصغار لينشروا ذلك في مجلة الحائط في المدرسة الابتدائية في زاوية (هل تعلم)..... ،يقوم بإرساله الى احدى الصحف الالكترونية ،والمصيبة انه يعتبره مقالا من المقالات ،ولا يدري انه يهين كل الكتّاب ،بإدراجه هذه السخافة في زاوية المقالات،حتى يزهد الكاتب الحق في الكتابة،خجلا واستحياءاً ،أن تَضُمََّهُ زاوية مع امثال هؤلاء ْ،اذ كيف ينتظم ،الدر والؤلؤ في ذات الخيط، مع هذا الهراءْ ،
او فليكن كالآتي ،(...يحترمُ المسؤولينْ،كل المبدعون ،ويقدموا لهم الجوائز ،حيث انه قام مدير احدى شركات دبغ الجلود ،برعاية ندوة ٌللقصة ُالقصيرة َ وحوارُ الاديان ُ،ونحن نشكره بفرح وسعادة ونعطيه كل شكر وامتنان ،ونتمنى ان يكون الوطن شامخا في كل الانتصارات المبهجة ، وفي ظل الوحدة الوطنية الشامخه،حيث يعيش الناس الى جوانب بعضهم في كل اندماج وازدهار ،سائلين المولى ان يديم علينا الصحة والأمن الازدهار.......!!!!)....................................هكذا فليكتب المقال من اشترى العباءة والسيارة وتصور ان حل المشكلات يبدأ وينتهي عند القدورْ، المسكوبة في السدور،ليصبح شيخا في زمن الاقزام بلقمتين يضعهما في الافواه الرخيصة،وليس في الافواه الجائعة،هكذا فليمسك القلم لأول مرة ويكتب الغثاء ،حتى يعدَّهُ الناس من أهل الفكر والكتّاب ، فهو مع جهله بكل انواع الثقافة، يُعْتَبَرُ من المثقفين ،ولم يعد ينقصه الا ان يُحْشَرَ مع اهل الفكر والكتّاب ،والاعجب طبعا ان مثل هذا الرويبض التافه ،في اول مجلس له لا يأخذ الا في الحديث عن الدين وأهله ،ويسهب في انتقاده للتشدد والتزمت ولو سأله احدهم عن معناهما لحار جوابا،وقد يحفظ خطبة من كتاب الف ليلة، عن تزاوج الطير والوحوش والانعام ليجعلها ديباجة لخطبته العصماء،ويلوث الاسماع والاذهان والبيان
،عند تقديم جاهة له ليطلب عروسا من أهلها ،
هكذا فليمتهن الكتابة امثال هذا وليهينوا اللغة التي لا يعلمون مجرورَها من مرفوعِها ، ولا يستطيعون الإتيان بجملة مفيدة سليمة التركيب ،وليْنتقد احدُ الذين قد امْتعَضوا من اسفافهم هذا الإسفاف وتكسَّرتْ عِظامُهُمْ عند تكسير مباني ومعاني الكلام ،ليبرز للمنتقد ، معلق آخر فيقول :لا عليك يا ابا فلان لا تهمنا اللغة ،المهم هو الفكرة…….. والى الامام يا ابا فلان ...الى الامام ،ليخيل اليك ان ابا فلان يُغِيرُ على جيش العدو وأنه البطل الهمام ،أو أن هذا المعلق قد جاء يشجع في مباراة ،وأنه لم يقرأ سوى الاسم ولم يتنبه حتى الى العنوان ،
هكذا فليكتب الرويبضة ،والطامحون الى الظهور ،ولا يهم ظهورهم بأي هيئة ،المهم ان يؤدي ما يفعلونه من كل أشكال النفاق ،الى النتيجة المرجوة ان يصبحوا بين الناس مِلْءَ السمع والبصر،وسيدَّعون انهم يستميتون في خدمة الناس والعمل من أجلهم ،وينشئون من اجلهم الجمعيات والمؤسسات ليرفعوا من شأنهم ،ثم لا يجدون بعد هذا ان شيئا ينقصهم الا الكتابة، فيعمدون الى شئ منها لا يختلف عليه اثنان ،ولا ينتطح فيه كبشان ،فيكتبون عن دور الثقافة في رفع شأن الامه، والنهوض بها بين الامم ، او عن الاخلاق التي يجب ان يمتاز بها سائق السيارة ، وعندما يبرز له من يحاسبه على خبر ورد في احدى الصحف يتكلم عن اهداره اموال الناس التي جمعت من جيوبهم ظلما وقهرا ،وصرفها في الزور والبهتان ،تحت مسميات الغرور والزيف والضلال ،وهو يعلم ان هذا الكاتب لا يهمه من امر الناس ولو بمقدار الفتيل ، وان له قلب ذئب ،وروغان ثعلب ،وأبعد ما يكون عن الإحسان ،فاذا ما قام ونبهه ووعظه بشأن ما يعرفه من سخائمه ،او ما نشر عنه بعد ان جعل نفسه تحت الاضواء ،قام اليه الناس عبر التعليقات ليطالبوه ،بالتقيد بما هو مكتوب في المقال المموه المكرورالمفترى ،ليصبح بعدها الجلاد مظلوما ،والوحش فريسة تنهمر لها دموع المنخدعين بأوهام الرُّويبضة ُ،الذين قد يتكلم احدهم في الشرع وهو لا يحسن الوضوء ،او قد يصلي مرارا من دونه ،ليشهد الناس صلاته ويعترفوا له بالفضل والتقوى.
هكذا فلتكن الكتابة :عندما يلبس مُسوحَ الثقافة والكتابة ،الدُّخلاءُ على الاخلاق فيتقعرون ،ويتشدقون ،ويغمزون ويلمزون ،وينبشون كالجعلان ،ما اشتبه من حوادث التاريخ ،فيخلطون السنة القدرية بالسنة الشرعية ،وهم لا يعلمون ابجديات العلوم الشرعيه وينفثون فيها من تصورات ثقافتهم التي احتطبوها من نفايات الفكر العلماني والاشتراكي والحداثي ، ثم يلقونها افعى سامة بين يدي الخلق من غير ورع ولا أخلاق ،يهينون كل مقدس ،ويفتحون امام الناس ما استغلق عليهم ،وعسر هضمه في عقولهم ،ثم يخلطون كل ذلك ويدبجونه،على شكل مصطلحات ،كالايديلوجيا ،والشوفونيه ،والنرجسيه ، وغيرها مما اتخمتهم به كتب الفلاسفة ،ونظاّر الضلال ،حتى يوهموا كل أولئك الناس البسطاء ،ان ما يطرحونه عليهم لا قِبَلَ لهم بردِّه ،اما لعجز أو جهل ،فيخلطون الصحيح بالسقيم ،ويلْبسِونَ الباطل بالحق ،ويرسخون الشبهات حتى يخلصوا بالناس الى اعتقاد الباطل ،وليس لهم من وراء ذلك كله من غاية الا الفتنة أو إظهار انفسهم ،ولا أعني هنا بالفتنة التحريش ،وانما أعني بها الشرك ،وهم على هذا المنوال ايضا يكتبون ،ويمارسون نفس الفحش على الورق ،
كيف للكتابة ان يستقيم عودها ،ما دام كل هؤلاء يكتبون ،اين هؤلاء من الزيات ،والرافعي ،والعقاد ، وغيرهم من جهابذة العصر، حتى ان المرء أحيانا يخجل من التعليق على ما يُكْتَبُ لرداءة الكاتب والمكتوب ،فهو لِخُلوّهِ مِنَ الحُجَّةِ ،ولربما أنه نسخ مقاله من احد المواقع الالكترونية ،لسهولة ذلك على الشبكة العنكبوتية ،تراه يعجز ان يدافع عن مقاله فيأخذ بالسباب والقاء الاتهامات على من ينتقده من غير برهان ولا دليل ،ظنا منه ان ذلك سيضلل القارئ ويحمله على الظن بأن هذا الكاتب مظلوم ،وان للمنتقد غرض آخر غير تبيين الحق ، والحق بين واضح ،والباطل باطل كالح ،
فياقوم كبروا على الكتابة في هذا الزمان اربعا ،واستقيلوا من عناء القراءة واهريقوا عليها أدمعا .