بعد الإعلان عن بدء التسجيل للترشح للانتخابات النيابية للمجلس السابع عشر امتلأت الشوارع بعدد كبير من اليافطات الانتخابية وبهذا بدأ مارثون الترشح وبدأت الندوات والحوارات الرئيسية والجانبية من قبل المرشحين والقوى السياسية والفضائيات والصحف والمواقع الالكترونية بتجاذب الحديث عن المرشحين بحيث ينظر أبناء الشعب الى هذا المجلس الذي سيكون في أنه سيأتي بنكهة جديدة وأنه سيحتوي على نواب نتمنى أن تكون لديهم رؤى وأفكار جديدة غير مبتذلة وغير مكررة ومنسوخة من تلك الأفكار التي أكل عليها الدهر وشرب ومن هنا لم يعد المواطن يهتم للأمور التقليدية التي كانت تتم في المجالس السابقة والكل يعلم أن المجرب لا يجرب .
يسأل المواطن بشكل عفوي عندما يسمع في مثل تلك اللقاءات والندوات والمحاضرات وخاصة عند التركيز فقط على تعديل قانون الانتخاب الذي كما نعلم أنه جاء مجزوء بحسب بعض الآراء بحيث يطرح المواطن البسيط الذي يتمنى تحسين ظروفه المعيشية ذلك التساؤل وخاصة أن المجلس السابق الذي يريد بعض أعضاءه العودة من جديد من خلال المجلس السابع عشر واللذين أقروا قانون الضمان وقانون المالكين والمستأجرين وغيره من القوانين والمشكلة أن المرشح عند الترشح يطرح الكثير من الشعارات وحتى أنه يصل في أغلب الأحيان كل البيوت والدواوين وشتى الندوات والاجتماعات وتراه يوصل الليل بالنهار دون كلل أو ملل وبعد الجلوس تحت القبة يولد من جديد وكائنه لم يكن هو نفس الشخص الذي وعد وأطلق العنان للكثير من الشعارات .
كما نعلم ويعلم الكثير ما زلنا نتعامل مع العملية الانتخابية بغير ما تستحقه سواء من المواطن أو من نفس المرشح وفي أكثر الأحيان تكون الأنانية والعاطفة موجودة وتغلب على الفكر في كثير من الأحيان وهذا أحد أسباب ضعف بعض تلك المجالس النيابية بما ينعكس سلبا ً على أداء أولئك النواب وهذا نستطيع تجنبه بكل صراحة عندما نتعامل مع كل تلك الأمور بالنزاهة المرتبطة بالضمير بشكل مباشر وهذا ما أشار إليه جلالة الملك عندما طلب تشكيل منظومة النزاهة بحيث لا تتضارب المصالح ولا يتم الاختلاف على الأولويات والنزاهة قيمة اجتماعية على الجميع المشاركة فيها فالأفراد والحكومات وحتى مجلس النواب بالأخص معني بها أكثر من غيره لأنه هو الممثل الحقيقي للشعب وعليه تجسيد هذه المنظومة على أرض الواقع وليس كلاماً وشعارات وهذا هو الوقت المناسب لذلك من خلال ما يتم طرحه من أفكار وشعارات من قبل المرشحين مستقلين وكتل وأحزاب .
العصا السحرية لم تعد موجودة ولكن هناك كفاءات وخبرات والأهم النزاهة وهذا ما يجب على الناخب مراعاته عند اختيار المرشحين وثقافة العطاء تكون بقدر ما يتم تقديمه فقوتنا هي عملية تشاركيه بين الجميع وهذا يتوفر عن طريق حكومة متماسكة وشعب قوي يمثله مجلس نواب يمارس دوره الرقابي والتشريعي بالشكل الحقيقي لهذا الدور والمسؤولية المناطة به حتى لا نعود ونتهم مجلس النواب بأنه كان ضعيفا وأنه شكل مكرر لما سبقه من مجالس نيابية فالمرحلة تحتم أن ينم التعامل مع الأمور بغير ما كان في السابق ورؤية جلالة الملك الإصلاحية تركز على أن يكون مجلس النواب القادم على قدر عال من المسؤولية تكون لديه القدرة على قراءة احتياجات الوطن والمواطن وخاصة الملف الاقتصادي الذي يعني الجميع .
ما تتطلبه هذه المرحلة وما يطمح إليه المواطن أن يصل الى مجلس النواب من يستطيع حمل أمانة المسؤولية بشكلها الحقيقي الذي لا يحتمل الشك ولا يقبل مبررات ويعمل من أجل الوطن وليس من أجل مصالح وأجندات خاصة تخدم فئة دون أخرى وكلنا في هذا البلد الطيب أبناء وطن وكلنا مسؤولون مهما كانت مواقعنا .