كنا نبشر بالقائمة الوطنية ، في غياب معرفة القطاع الواسع من الأردنيين بها ، بإستثناء أصحاب الخبرة والعاملين بالحقل السياسي ، فإذا بالقائمة الوطنية تضم العدد الأكبر من المرشحين ، وتعكس إهتمامات الأردنيين وإنحيازهم ، حتى غدت عنوان إنتخابات المجلس السابع عشر ، ومفاجأته ، ولذلك يستوجب السؤال ، لماذا هذا الأنحياز للقائمة الوطنية وماذا يعني ذلك طالما أنها خيار الأغلبية الأردنية ، وتطلعاتهم ؟؟ .
أولاً : هي فشل لأولئك الذين قاطعوا الإنتخابات ، حيث دلل قرار مقاطعتهم أن قراءتهم للأردنيين سطحية ، ولم يدركوا أهمية وعي الأردنيين لمصالحهم ، ورغبتهم الجامحة في الأسهام في التأثير على مؤسسات صنع القرار التشريعي أولاً والحكومي ثانياً ، وصياغتها وتشكيلها وفق نتائج صناديق الأقتراع ، فالشرعية البرلمانية والحكومية ستكون حصيلة صناديق الأقتراع وإفرازاتها ، ومدى إنحياز الأغلبية الأردنية للكتل النيابية وللقوائم الحزبية ، بعد إنتهاء فترة التصويت والفرز والفوز يوم 23/1/2012 ، فالمستقبل هو للقوائم الحزبية والتحالفات السياسية ، وصولاً نحو حكومات برلمانية حزبية .
الذين قاطعوا ، قاطعوا الشارع وإنحيازاته ، ووعيه الذي يزداد تشكلاً وحضوراً إستجابة للمشهد الإنتخابي وإستحقاقاته .
ثانياً : رهان الأردنيين على العمل الجماعي ، وإنحسار الرهان على البطولات الفردية والوعود الشخصية ، والنزوع العائلي والقدرات الأحادية وتراجعها ، فالعمل الجماعي هو عنوان المرحلة ومتطلباتها ومستقبلها ، فقد سقط الرهان على الفرد الواحد ، وإنتقل إلى التمسك والدعوة والركون إلى العمل الجماعي ، عبر القوائم .
ثالثاً : لم تعد العائلة والجهة المحلية هي الحصان الرابح لتحقيق المصالح وحمايتها ، بل غدا الكل الوطني هو البديل ، فالقوائم كما هو واضح من أغلبيتها تتشكل على أساس الوطني ، جامعة بين صفوفها ممثلين عن أبناء المدن والريف والبادية والمخيمات .
رابعاً : دورة إنتخابات مجلس النواب السابع عشر ، دورة تدريبية ، إمتحان ، محطة إنتقالية ، ومقدمة ضرورية لتجربة سياسية جديدة تتوسل إنهاء التمزق والأنقسام والجهوية والشرذمة ، لتعيد وصل الأردنيين مع بعضهم البعض على أساس المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص على أساس المواطنة لكل الأردنيين ، وفق المادة السادسة من الدستور التي تنص روحاً على أن " الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن إختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين "
إنتخابات مجلس النواب السابع عشر ، بشرت بالخير الإقتصادي ، إعتماداً على الأداء السياسي وأهمية الأردن عربياً وإسلامياً ودولياً ، وها هي زيارة رئيس الوزراء المصري ، وزيارة رئيس الوزراء العراقي ، ونتائج مفاوضاتهما تعكس حالة التفاهم ومد روح التعاون وتوفير متطلبات ضرورية نحتاجها كأردنيين وهي لا شك مبشرة بالخير على وجه البرلمان الجديد المقبل .