عذراً حماتي .. لقد أنستني ثقل الأيام ذكرى رحيلك عنها ، وأصبح الفكر حائراً ما بين مجاملة الأحياء وذكرى الأموات ، فباتت المجاملات يا حماتي هيّ العنوان بين الناس في صخب هذه الأيام ، فالأغلبية عاتبة على بعضها الآخر ، وبدون هذه المجاملات نُتهم ب \" الإنعزالية و الإنطوائية \" ، دون أن يسألون في أسبابها قبل تسجيل عتبهم علينا ، وهؤلاء يعلمون أن نهايتنا في هذه الحياة عندما نغادرها إلى دار القرار هي \" العزلة الحقيقية \" ، عندما نصبح تحت الثرى ممددين ، ويغادرنا الأهل والأحباب ، ويهجرنا الخلاّن والأصحاب ، ولن يكون لنا فيها ما يأنس وحدتنا في ظلمة الّلحد إلاّ ما كنا قد قدمنا لها \" من عمل يؤنس الخالق بخلقه ، والمخلوق بخالقه \" سبحانه وتعالى \" .. !!
عذراً حماتي .. لم أنسى أن يوم رحيلك هو الرابع من نيسان .. ولم أنسى أنك وأبي \" يرحمه الله وإياك \" كنتم شقيقان .. وأنكم على عهد المحبة تعاهدتم ولم تتخاصمان .. بل بعشق الخالق كنتم تتباريان .. وللوالدين كم كنتم بارّان .. اللذان رحلا عن هذه الدنيا وكانا لكما يدعيان .. ونلتم برّهما ، وكيف لا وكانا خير إنسانةٍ وإنسان .. رأتهما العين والقلب مجتمعان .. ورحلوا بذكراهم والكتف عليه ملكان .. يشهدان بما قدموا للخالق الرحمان .. فلله دركما يا من كنتم للروح كالماء للظمآن .. فليرحمكم رب العزة جميعاً ، في السماء وتحت الثرى وفي كل زمان ومكان ..!!
فعذراً حماتي .. لن أنسى الأمانة التي أنجبها رحمكِ الطاهر ، و طوّقتي بها عنقي ، وكحلت بها العينان .. فقرّي عيناً ، هيّ بين أيدٍ أمينتان .. ولك منها حفيدتين وحفيدان .. يدعون لك وإياها بالرحمةِ لأنك كنت لهم منبعاً للحنان .. فلك يا \" عمتي \" ولجدي وجدتي ووالدي دعائي إلى الرب المنان .. أن يسكنكم بجوار الصالحين في جنة الرضوان ..!!
م . سالم أحمد عكور akoursalem@yahoo.com