لا يتهمني أحد في انتقاء عنوان غامض لاسترعاء الانتباه , الموضوع أكبر من هذا بكثير , فحديثي اليوم عن بقعة أردنية يكتنفها الغموض والتعتيم , وبالتالي إن سمع عنها بعض الأردنيين , فإنه لم يرها عن كثب إلا أعداد معدودة جداً من أبناء الوطن , ولا ندري ما السبب . وحتى أبرء نفسي من تهمة التشويق , فسأدخل في الموضوع مباشرة وأقول وبالله التوفيق أنني أتحدث معكم عن سد الملك طلال .
هذا الإنجاز العظيم الغامض , والذي هو عبارة عن سد بدأ تشييده منذ مطلع السبعينات وانتهت آخر مراحله في نهاية الثمانينيات وبتكلفة 90 مليون دينار , وتبلغ مساحة البحيرة التي تشكلت خلفه ما يعادل مساحة منطقة الشميساني في العاصمة الحبيبة عمان .
لا زلت أذكر أنه في مراحل مبكرة من إنشاء السد – وقد كنت في حينها طفلاً صغيراً – أن السد مريض , حيث تنتشر على ضفافه قواقع تحمل طفيل البلهارسيا أو ما شابه , وبالتالي فإن المنطقة برمتها قد تحولت إلى منطقة ممنوعة التنزه , محظورة الصيد , خطيرة المياه , ممنوع السباحة , محظور , ممنوع , محظور . فأحببت أن أضيف من عندي : ممنوع التصوير لكي تكتمل القصيدة وتصلح القافية .
وبعد أن أنعم الله على الإنسانية " بالإنترنت" و"جوجل إيرث" , حيث ما عاد هناك شيء مستور أو " مستخبي " , تمكنت من زيارة السد والسباحة فوق بحيرته لكن من خلال الحاسوب بالطبع . وأصابتني الحسرة إذ أن مثل هذه البقعة الجميلة التي تتوسط المملكة كانت يمكن أن تؤمها عشرات الآلاف من أبناء الوطن أسبوعياً أو إن تواضعنا شهرياً , لكن بالطبع بعد يتم تأهيل المكان سياحياً ووضع بعض المرافق التي تحافظ على كرامة المتنزهين وتعنى براحتهم .
وسيكون نشازاً أن يتعذر من يشاء بشأن الموانع الصحية على اعتبار أن مشكلة القواقع ستكون بالتأكيد قد أصبحت من الماضي وكذلك موضوع التلوث الصناعي , سيما وأنني كما عرفت بأن مياه السد أصبحت أحد روافد قناة الملك المؤسس التي تروي الأغوار من شمالها وحتى جنوبها الزراعي .
امنحونا الفرصة لكي ننظر إلى السد عن كثب, بل وشجعوا الاستثمار السياحي تجاهه, وببعض الإجراءات الاحترازية سأضمن لكم أن لا يقترب أحد من المياه ولن يتعرض أحد للغرق أو حتى البلل . دعونا فقط نستمتع ونحلف يمين أن في الأردن بحيرات حية وليس فقط بحراً ميتاً.
المهندس الزراعي / جمال أحمد راتب