شوف بقى وتعلّم .. عنف جامعي بجنن

لا تخلو جامعة في الأردن من مشاجرات،المشاجرات تمتد لتشمل اغلب الجسد التعليمي دون استثناء،كما سرطان يغزو الجسد،لكن الجسد لا يقاوم،ينتظر من ينتشله من المستنقع الأخذ بالتوسع نحو منحنيات غاية في السلبية في ظل غياب أرباب القرار من أصحاب الدولة والمعالي والسعادة والعطوفة،فهم يعيشون فوق جزر عاجية منفصلة لا اتصال فيما بينها وبين الواقع التي تتنكر له جهارا نهارا مع سبق إصرار وترصد،لسنا بحاجه الى لدليل لإثبات الواقع المر الذي تعيشه مؤسساتنا التعليمية،كما إننا لسنا بحاجه الى\"شارك هولمز\" فالدليل موجود يقول باستمرار المشاجرات وتطورها بل وتطور أساليبها التي وصلت حدود القتل.
لو نظرنا الى المشكل الجامعات بعين حيادية سنجد معظمها يدور في مستنقع أسباب تافهة جدا او حقيرة جدا او صبيانية جدا إننا نعلم بها،للأسف هذه المشاجرات تتطور وتصبغ بطابع عشائري بحت يعمل على شرعنه الأفعال والتمادي بها باعتبارها،تبدأ بفنجان قهوة و\"لفة\"عباءة وتنتهي بفنجان قهوة و\"لفة\"عباءة \"الموت ولا الدنية و راس مال الرجل فنجان من قهوة\" كناية عن سهولة حل هذه المشاجرات،حتى لو تطلب الامر إسكات صوت القانون الرادع الذي نجل و نحترم.
المشاكل التي تزخر بها بعض العقول الجامعية لا تستحق الذكر كما لا يستحق الوقوف عليها.لقد عشنا المرحلة الجامعية بطولها وعرضها،أيقنت ان غالبية المشاكل التي تشهدها الجامعات ما هي إلا صورة مصغرة عن تلك الموجودة داخل الأسر التي يحكمها عامل التفكك وعدم المبالاة وغياب المسؤولية.ما معنى ان يتم تهديد امن البلاد جراء ثمالة احدهم يا ترى،او جراء\"اطلع علي وجحرني بعينة\"او بسبب معاكسة فتاة من قبل شاب،ماذا يعني ان يتم تكسير مرافق الجامعة فقط لان هناك طالب يحاول اثبات ذكورته في سبيل تخليه عن رجوليته،بعدما عجز عن اثبات نفسه في بناء عقلية عملية فكرية بناءه تنعكس على تصرفاته بشكل ايجابي.
تحضرني هنا حادثة اثناء دراستي في جامعة فيلادلفيا،حيث تم تكسير مرافقها وسياراتها بل وتطور الامر الى قيام بعض الطلبة بسرقة الأموال والمشروبات من الكافتيريا،جرح العشرات من الطلبة الذين تراشقوا بالحجارة،تدخل رجال الأمن العام لفض الاشتباكات بواسطة القنابل المسيلة للدموع،تخطت المشكل الإطار العشائري لتمسس الوحدة الوطنية التي تميز الدولة الأردنية. النتيجة كانت غاية في السلبية حيث ادخل عدد من الطلبة الى المستشفى،فصل العشرات،تم تحويل البعض الى القضاء،الى جانب الخسائر التي أصابت مرافق الجامعة المادية إضافة الى الخسائر المعنوية تمثلت في تشويه سمعتها.عندما استفسرنا عن السبب تتمحور حول ،شابا ثملا وصاحب السوابق قام بضرب أخر على رأسه بحجة انه عاكس فتاة،تطور الامر لتتداخل معه وفيه العشائرية والحمية والعنجهية،كل هذا دفاعا عن الشاب الذي انتهت حياته بعيار ناري على يد أبية لكثرة مصائبه.
قد يقول قائل ان غياب القوانين الرادعة في جامعاتنا سبب رئيس في هذا،اتفق مع الطرح لكنني اختلف في عدم وجود قوانين،القوانين موجودة بالفعل لكنها غير مفعله،هي حبر على ورق،يتم القفز عنها بحرفية عالية اذا تداخلت مع ثقافة\"العباءة وفنجان القهوة\"وثقافة\"الواسطة والمحسوبية\"بحيث يتم أنهاء دور العقوبات وبتالي انهاء دورها الفعال في الردع،لتكون عبرة لمن يعتبر هذا من جانب،إما من أخر العقوبات لا تحمل في جعبتها رائحة او طعم او لون،كونها لا تردع،بمعنى ان العقوبات لا تؤثر في طبيعة المشاكل ومرتكبيها،فهي تنتهي مثلا بإنذار لا يغني ولا يسمن من جوع قد يمتد الى ثاني وثالث وفي بعض الأحيان يصل حد الفصل بأنواعه وهي ضئيلة جدا مقارنة بالاعداد الكبيرة للمشاجرات والمشاكل الجامعية،سيما وأننا لا نجد هذه العقوبات ذات اثر كبير فالطلاب يلتفون حولها من هنا ومن هناك.
لذا لابد من طرح سؤال على طاولة أصحاب القرار، لماذا لا يتم ربط العقوبات والإنذارات بديوان الخدمة المدنية؟بحيث يعمل القانون العقوبات هذا على الحد من المشاكل،وتزجر كل من تسول له نفسه بالاقدام على فعل يسئ الى العملية التربوية التي تمثلها جامعاتنا على امتداد وطننا الغالي.
في عين السياق من الأهمية بمكان إعادة النظر في دور العشائر في\"فكر المشاجرات الجامعية الكبرى\"حيث يتم إنهاءها في غالبية من قبل خارج الحرم الجامعي وفق أسلوب\"فنجان القهوة،والمخاجلة،والحمية،والشيخ،والعشيرة\"هذه التصرفات تجر اثر سلبي جدا علينا فهي ضوء اخضر للآخرين ودعوة الى عدم الخوف من إي شي ما دام\"فنجان القهوة\" صاحب القول الفصل لا القانون.
إلا يتوجب علينا إعادة النظر بالمنظومة الاجتماعية الأخلاقية في تعامل العشائر الأردنية مع قضايا تسئ لها بشكل كبير وتعمل على النيل من تاريخها العريق،لقد انتهى العصر الذي كانت فيه المشاكل تحل بفنجان قهوة في ظل غياب الأمن والقانون بحيث كانت العشائر بمثابة لبنه عملت على تماسك المجتمع،اليوم لابد ان يكون رجل الأمن والقانون سيد الموقف وصاحب الولاية الأول والأخير ،فما صلح إخواني بالأمس لا يصح بطبيعة الحال لليوم والغد.
من الأهمية بمكان ان تقوم عشائرنا الأردنية بإصدار و توقيع وثيقة ملزمة للجميع يتم بها التخلي عن إي فرد في حال الإرهاب والقتل والمخدرات والحوادث والقضايا التي تخل بالمروءة والشرف والمشاجرات الجامعية من ضمنها،بحيث لا تتدخل العشائر في مثل هذه القضايا\"الناقصة\"التي تبتعد كل البعد عن الوطنية والرجولة بل تقترب من جاهلية القرون الوسطى . نحن نعتبر العشائر الأردنية برمتها حصن منيع من حصون البلد لا نريد ان تتحطم صورتها على يد هؤلاء\"الزعران\"،لا نرضى لها ابدا ان يتم زجها في أتون تفهات تحكم عقلية بعض الطلبة الجامعين من أصحاب ثقافة\"التطبيش،والتخريب،والعشائرية السلبية\".
في النهاية لا يحضرني في هذه العجالة إلا قول:شكسبير على لسان ماكبث\"اطرح العلم للكلاب.لم اعد أريدهُ\" هذا شبيه بعقلية الطالب الإجرامية التي تخط سيرة للأسف الشديد بلون الدم والإساءة له أولا ولأبية ولعشيرته ولنا ولوطنه،ولا تهدف الى بناء شخصيتها من خلال دراستها الجامعية التي لا تتوافق وأفكاره.
الله يرحمنا برحمته ...وسلام على أردننا الهاشمي ورحمة من الله وبركاته
خالد عياصرة
Khaledayasrh.2000@yahoo.com