هناك الكثير من التحديات الداخلية والإقليمية التي تجعل من مطلب التعديل الحكومي مطلباً عاجلاً وضرورياً ، بل استحقاقا" تمليه طبيعة المرحلة وخطورتها ، لقد أضحى التعديل استحقاقا" وليس مجرد رغبة ، وخصوصاً بعد موجة الارتباك التي ظهر فيها الأداء الحكومي غير المتناغم بين الطاقم الوزاري ، والتصريحات المتضاربة التي تدلل على افتراق واضح في الرؤى والاتجاهات داخل هذا الفريق عند مالايقل من نصف الفريق الموجود ، لذا فمن الطبيعي أن يطال التعديل ثلث أو نصف الحقائب الوزارية الحالية.
علاوةً على تلك التحديات التي لا يمكن بأي حال إدارة الظهر لها أو التعامل معها بشكل رخو ومائع ، هناك استحقاقات داخلية ينبغي أن توضع على جدول أعمال الحكومة ، منها التوجه الملكي بضرورة إجراء انتخابات نيابية نزيهة وشفافة وتجري في أجواء ديمقراطية ، يتم فيها الاحتكام فقط إلى صندوق الاقتراع الذي يعبر عن الإرادة الشعبية والقرار الوطني ، إجراءات مهما بلغت من النقاوة فلن تكون مقنعة للسواد الأعظم من الشعب الأردني إذا لم تستند إلى قانون انتخابي ديمقراطي وعصري.
بتقديري الخاص لن تكون هذه الحكومة في توليفتها الحالية قادرة على عبور المرحلة القادمة ، لكونها مرحلة تتعاظم فيها التحديات الصعبة، ونحن لا نقول هذا بناءاً على مواقف شخصية تجاه هذه الحكومة اذ لا وجود لمثل هذه المواقف ، بل على ما أعتبره بناءاً موقفاً وطنياً صميماً ، موجة التصريحات التي خرجت من بعض الفريق الوزاري وآخرها التصريح المدوي لوزير التربية والتعليم الذي أثار حفيظة قطاع يمثل عشرات الآلاف من الأردنيين من أبناء الوطن الغيورين على مصلحته بكل ما يمثله من استهانة بهؤلاء الكثرة الذين لم يجدوا معزياً لهم في أزمة التصريح الفج سوى الكلمات الدافئة التي سمعوها من لدن جلالة الملك عبد الله الثاني ، وليس تصريح بدران " التاريخي" لوحده هو ما أثار موجة من الاستياء العام من الحكومة ، بل هناك ملفات الفساد وضلوع بعض المسؤولين فيها التي خرجت إلى العلن وطريقة التعامل الحكومي معها هي ما رفعت من وتيرة الاستياء والغضب الشعبي .
الأردنيون بحاجة إلى حكومة قادرة على الوقوف ضد ما من شأنه النيل من سيادة الأردن ، وضد كل تلك المحاولات التي تنظر إلى الأردن ككيان كرتوني يسهل اختراقه وفرض شتى الحلول عليه ، الأردنيون يريدون حكومة تكون انعكاساً لصلابتهم وقدرتهم الفذة في الدفاع عن الأردن ومستقبله مهما بلغ ذلك من تضحيات ، يريدون حكومة قادرة على وضع برامج وتصورات اقتصادية حقيقية لتجاوز حالة التعثر الحالية في الملف الاقتصادي الذي بات يشغل الجميع في وطننا الغالي .
الأردنيون بكل شرائحهم واتجاهاتهم وخلفياتهم الفكرية ومنابتهم ينظرون إلى الأمام ، لذا فهم يستحقون من هذه الحكومة ومن رئيسها دولة سمير الرفاعي ما ينسجم مع تطلعاتهم ورؤاهم في ظل غياب مجلس النواب ، وهم ينتظرون منه أن يمتن الفريق الوزاري بخبرات جديدة تضيف على المنجز ولا تنهش منه، تعطي ولا تأخذ ، تتقدم ولا تتراجع ، هذا لسان حال الأردنيين في القرى والبوادي والمخيمات , ولن أقول الصالونات السياسية , لأن الأردنيون في تلك الأماكن البعيدة عن ضوضاء النميمة يتقنون بطبيعتهم فن الولاء والانتماء.