يعد المنحى الوقائي احد أهم الطرق والاستراتيجيات التي ينبغي انتهاجها للحيلولة دون انتشار الأمراض والآفات الاجتماعية والنفسية والصحية, والطريقة المثلى للحد من هذه المشكلات وتعاظم خطرها وأثارها. الدول والحكومات وبالاعتماد على دراسات وأبحاث المفكرين والمنظرين تستطيع أن تتوقع المشكلات التي قد تظهر بعد عشرات السنين, لا بل ومئات السنين أحيانا, وتضع خططا مناسبة لعلاجها, والتقليل من أخطارها ومحاصرتها قبل حدوثها. الدول التي لا تنتهج هذا الأسلوب تفشل فشلا ذريعا في تقديم حلول مرضية وناجعة للمشكلات التي تبدأ بالظهور في المجتمع, و تفتك بهيبة الدولة ومصداقيتها وكرامة أبنائها وتهدد وجودها لاحقا.
الانتظار لحين وقوع الفأس بالرأس لتتحرك الدولة وأجهزتها المختلفة لمعالجة المشكلات والقضايا المجتمعية, سياسية وإدارة حكومية فاشلة, ولا تعدو كونها أكثر ردة فعل لا يمكن أن تقدم حلولا منطقية وحقيقية لأي مشكلة كانت.
السياسة والإدارة الحكومية في بلادنا يمكن تسميتها بسهولة وبساطة ومن غير عناء وتفكر وتقويم, بسياسة وإدارة وقوع الفأس بالرأس متطلب سابق إجباري لتحرك الحكومة ولإحساسها بمسؤولياتها ولتحملها لأدوارها ومهامها المناطة بها والمأمولة منها.
ماذا تنتظر الحكومة مثلا أن يحدث لتتخذ إجراءات صارمة صادقة للحد من ظاهرة العنف الجامعي؟ الم يصل الفأس إلى الرأس بعد؟ ماذا تنتظر الحكومة لتتدخل لوقف النزيف والهدر في موازنات وأموال الجامعات؟ ماذا تنتظر الحكومة لتوقف زحف الفساد والواسطة والمحسوبية في التعيين في الجامعات؟ ماذا تنتظر الحكومة لتتدخل لوقف تخريج أشباه المتعلمين؟ متى ستتدخل الحكومة لتوقف تخريج طلبة لا يعرفون هويتهم الوطنية؟ متى ستتدخل الحكومة لتوقف تخريج طلبة لا يعرفون هويتهم الجامعية؟ متى ستتدخل الحكومة لوقف تخريج طلبة تعوزهم أبجديات التعامل مع الذات والآخر؟ متى ستتدخل الحكومة لوقف الهدر في طاقات الشباب؟ كم عين طالب ومعلم ينبغي أن تفقأ لتتدخل الحكومة؟ كم يد أو قدم طالب أو معلم ينبغي أن تكسر لتتدخل الحكومة؟
متى ستتدخل الحكومة ومتى,,,,؟ و متى,,,,,؟ ما الذي تنظره الحكومة فعلا لتتحرك؟ أليس ما يحدث جريمة بحق الوطن والأمة؟ أليس ما يحدث جريمة بحق المجتمع؟ أليس ما يحدث جريمة بحق أبنائنا الطلبة أنفسهم؟ من الذي قد يقود مسرة الإصلاح والبناء والتطوير الحقيقي الصادق؟ وكيف ستتدخل الحكومة لوقف هذا النزف الخطير في شريان الدولة والمجتمع الأردني؟ أتحتاج الحكومة إلى أدلة وبراهين أوضح وأبين عن انهيار التعليم لتضع إستراتيجيات واضحة لإصلاحه والارتقاء بواقعه بعيدا عن المزايدة والرياء والتزييف؟
متى ستناط إدارة التعليم والمؤسسات التعليمية والجامعات بمن يستحقها؟ ومتى سيوضع الرجل المناسب في المكان المناسب؟ متى ستصبح الجامعات والمؤسسات التعليمية تخرج مفكرين لا مفبركين؟ ومتى ستخرج الجامعات أكْفَاء لا أكِفّّّّّّاء؟
أسئلة موجعة كثيرة, وواقع مر ومؤسف نعيشه, فقد وقع الفأس بالرأس ووصل إلى عظم كل مواطن , فهل ستتدخل الحكومة؟ أم أن الفأس لم يصل إلى رأس الحكومة بعد لتستيقظ وتوقظ أهلها, وتحمل كل ذي مسئولية مسئوليته, وتسند الأمر إلى أهله؟