تعد القبيلة منظومة بشرية اجتماعية وإنسانية لها تاريخ طويل عند مختلف الشعوب، وهي ركن أساسي من أركان قيام الدولة، فمنذ القدم عرفت القبيلة التضامن من خلال العادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية التي سادت بين أفرادها، إذ ساد التضامن بينهم في عمليات حماية القبيلة من أي اعتداء عليها، وفي عمليات الرعي وقص الصوف وحياكة بيوت الشعر، وحلب الأغنام وسقايتها، والترحال من منطقة لأخرى بحثا ً عن الكلأ والماء، والمشاركة في الأفراح والأتراح. كما ساد التضامن في زراعة الأرض واستغلالها، وخاصة في موسم الحصاد.
ويعتبر التضامن قيمة إنسانية تساهم في بناء المواطنة الفاعلة، وتضمن استقرار المجتمعات وتطورها. وقد كان يمارس التضامن بطريقة عفوية بين أفراد القبيلة، حيث كان يأخذ صفة التبادل الإلزامي داخل القبيلة. أما في الوقت الراهن، فقد تطور التضامن إلى شكل منظم يحمل مسمى تعاونيات تضم أفراد من خارج القبيلة لا تربطهم روابط القرابة، بل قام على أساس الإقليمية أو الانتماء للقرية، لتحقيق مكاسب اقتصادية واجتماعية.
ولتحقيق تنظيم تضامني أكثر فاعلية بين أفراد القبيلة وبالتنسيق مع الدولة، ينبغي التركيز على المحاور التالية:
1- محور إنشاء لجان تضامنية تشارك في تدبير الشأن المحلي، حيث أن إنشاء مثل هذه اللجان سيساهم في تدعيم اللامركزية، بحيث ستتاح المشاركة الشعبية لكافة أفراد القبيلة في إدارة شؤونهم المحلية وتطويرها اقتصاديا ً واجتماعيا ً بجهودهم وإمكاناتهم الذاتية، مما سيساهم في التسريع من عجلة التنمية المحلية.وهذا يكون عبر :
- التعرف على وجهات نظر أفراد القبيلة، من حيث المشاكل التي تواجههم، والاحتياجات التي يحتاجوا إليها، فهذه تعتبر من أهم الخطوات وأكثرها فاعلية في التخطيط لبرامج التنمية.
- التوفر على الدراسات المتعلقة بالتنمية المحلية، وتطلعات أفراد القبيلة وإمكانيات مشاركتهم في تدبير الشأن المحلي.
- فهم طبيعة المرحلة التي يمر فيها المجتمع المدني والواقع السياسي والاجتماعي للدولة، أي أن اللجان ينبغي أن تبقى بعيدة عن الاستغلال السياسي، وتحتفظ لنفسها بالاستقلالية وعدم القيام بأي دور تحت الطلب.
- القدرة على تحقيق تمثيل حقيقي ذو قوة اقتراحية وضاغطة في اتجاه الاعتماد على أفراد القبيلة في كل ما يتعلق بتدبير الشأن المحلي.
2- محور نشر الوعي التضامني بين أفراد القبيلة، عبر نشر ثقافته والاهتمام بمختلف فئات القبيلة، وهذا يكون من خلال:
- تقريب مفهوم التضامن لدى أفراد القبيلة، وتحسيسهم بأهميته من أجل ضمان مشاركة فعالة من قبلهم، عبر إقامة الندوات وورشات عمل...الخ.
- الإدماج الفعلي لكل الفئات دون إقصاء أي فئة في عملية التنمية، تجنباً للشعور بالإحباط والعدوانية والتي يتحول معها الفرد من شريك إلى فرد غير فعال.
3- محور مجالات عمل اللجان التضامنية، وتتمثل بـــ :
- المجال الإنساني: تقديم وجبات الإفطار في رمضان للأسر الفقيرة...الخ.
- المجال الاجتماعي: توفير العلاج للفئات المحتاجة، وإعادة إدماج المعاقين...الخ.
- المجال التنموي: محو الأمية، وحماية البيئة...الخ.
ويمكن القول، بأن التضامن مسؤولية الأفراد والجماعات، كل حسب موقعه وإمكانياته، فالتخلي عن روح التضامن تخل ٍ عن روح الإنسانية. كما أن تدعيم اللامركزية سيساهم في معالجة الكثير من المشكلات التي يعاني من الأردن، كالفقر والبطالة، وأيضا ً الحد من الهجرة من البوادي والأرياف إلى المدن الكبرى.
الدكتور فيصل المعيوف السرحان
دكتوراه في التخطيط الإقليمي والتنمية
المفرق/ سما السرحان
تلفون: 0776409821
faisal_mayouf@yahoo.com