يقسم المهندس الزراعي لحظة انتسابه لنقابة المهندسين الزراعيين قسماً مغلظاً على أن يؤدي أعماله بأمانة وشغف كما تقتضيها القوانين والأنظمة وأن يحافظ على سر المهنة وأن يحترم قوانينها وتقاليدها, بهذا العهد الجزل الجامع يستهل المهندس الزراعي مستقبله النقابي والمهني, ويسجل تعهداً من نوع خاص: العزم على العزم, والتوثب للتوثب.
ما يزيد عن أربع عشر ألفاً من هذا الشعب الكريم أقسموا، ثم تحولوا دماً يتدفق في شرايين القطاع الزراعي الذي هو أحد الأعضاء والمكونات الهامة في أردن الخير. وسأكشف السر الثاني وهو أن دماءنا تدفقت أيضاً في شرايين الزراعة في دول الخليج؛ فكانت لنا البصمات الخضراء في السعودية والإمارات وعُمان. وها هو علمنا يتدفق إلى اليمن وبلاد عربية أخرى من خلال برامج التدريب العابرة للبلدان والتي تديرها الخبرات الأردنية النشطة.
سرنا الثالث أننا مهنيون, وتقتضي مهنيتنا أن نتصلب وتتحدق عيوننا وتشرئب أعناقنا وتتضخم حناجرنا ونحن ندافع عن قضايا زملائنا في كل القطاعات, فلا نرضى أن يظلمنا أحد, ولن ولن يظلمنا أحد, وتشهد بذلك وقفاتنا على أطراف الدوار الرابع, وهذا سرنا الرابع.
السر الخامس أننا متطوعون, أي أننا لا نتقاضى ثمناً مقابل إنتمائنا وولائنا لمهنتنا ومقتضياتها, ولا تجذبنا المناصب, ولا ولن نبخل بطاقاتنا ومشورتنا لكل من تقتضي له النصيحة شاء هذا أم أبى.
عقولنا كبيرة, وهذا سرنا السادس, ونفهم أن من له عقل كبير ينظر إلى الأمور بشمولية, فالزراعة- كما نعتقدها ونفهمها – أن تنتج وأن تحمي إنتاجك, فلا يستفيد من متجاتنا الأعداء, ولا تطعمنا مزارع المستوطنات.
أمرنا شورى, وهذا سرنا السابع, نفكر بأكبر عدد من العقول, ولا نحجر ولا نتحجر, وكل ضالة نسعى لها على اعتبار أنها قد تكون فيها حكمة, ولا يضيرنا إن كان الصواب ممن يخالفنا الرأي ويشاطرنا الهم.
سرنا الثامن أن دماءنا متجددة وعقولنا متعمقة, وبالتالي فنحن نجمع بين توقد الشباب وحكمة الشّياب.
ولأننا نمتلك كل هذه الأسرار, فيأتي سرنا التاسع, نحن قومٌ سقفنا مرتفع وطموحنا كبير وآمالنا تطير, ويطيب لنا التحليق كالنسور, فإن من جرب حياة النسور تهون عليه المصاعب ويأبى النزول إلى درك الزواحف, والتحليق خير عندنا من حياة المتسلقات.
وأخيراً, سرنا العاشر وهو أننا نقتدي بالزيتون, جذورنا عميقة وعطاؤنا وفير, ونحن كزيته متواضعون, فما تخفيه إنجازاتنا وفوائدنا أكثر بكثير مما يراه الناظر أو يتذوقه المتذوق.
أختم كلامي باعتذاري, فما أرى أنني قد أفشيت أسرار عملنا النقابي بمقالي, فلم يعد سر قوتنا سراً!
المهندس الزراعي / جمال أحمد راتب