محمد حسن العمري
-1-
اكتملت خريطة الفائزين في الانتخابات التشريعية الاردنية بأقل ما يمكن اعتبارها مفاجئة لاوساط سياسية محلية ، فقد كانت النتائج تتوالى تباعا وفق توقعات لم يكن سقفها بافضل مما أعلن عنه..
فاز معظم الذين اوقفتهم الدولة بشراء الاصوات من خلال تواجدهم في سجن "الجويدة " الشهير ، غادروا جميعا وخرجوا بعيد ساعات حتى من اعلان النتائج غير الرسمية ، ولم تنتظر حتى الاجهزة الامنية وصناع القرار الاعلان الرسمي حيث كان "الفائزون" الموقفون بالفساد الانتخابي والمالي يحتفلون بالفوز وسط "انصارهم " ، خرج الكابتن طيار الخشمان و رجل الاعمال الصفدي والمقاول ابو ركبة "فائزين " بالانتخابات كما خرج "المحامي!" يحيى السعود الذي اوقف قبلهم لحجز البطاقات الانتخابية ،خرج فائزا ، و اقفلت نتيجة ما يسمى تاريخيا بدائرة الحيتان "السياسية" ، دائرة عمّان الثالثة عن فوز "رجال اعمال " لم يكن خافيا على احد "توغلهم " في الدعاية الانتخابية المفرطة وشراء الاصوات بالجملة ، وتنوعت اسماء الفائزين في دوائر عمّان الاخرى ما بين مرشح عشائري متوقع فوزه وفق منطقته ، او رجال مال و اعمال ، فيمن هيمن على الدائرة الخامسة التي كانت مغلقة للاخوان المسلمين وتشكل قاعدتهم الشعبية فوز "3" مرشحين يقول حزب الوسط الإسلامي الذي اقتنص شعار الشريعة بغياب اصحب الشعار ، انهم ينتمون له ، وهم تامر بينو و مريم اللوزي و موسى ابو سويلم ، وكما كان متوقعا حصل المهندس حسين عطيه القادم من عائلة تجارية الى معظم اصوات الدائرة الاولى ، وسحب معه شقيقه خميس الى مجلس النواب عبر نظام القوائم ، وبحصوله الفردي على 20 الف صوت يعني تفوقه بعدد الاصوات عن اربعين كتلة مرشحة خسرت الانتخابات وعن سبع كتل اخرى فازت بمقعد واحد ..!!
-2-
مني التيار المحافظ برئاسة رئيس مجلس النواب السابق عبدالهادي المجالي ، و امجد المجالي بخسارة " مهينة" وسط اعتماد كتلتيهما على رموز وزارية وبرلمانية عريضة خسرت جميعها باستثناء فوز راس كل كتلة منهما لا غير ، كما فشل تحالف القوى اليسارية حتى في ايصال راس قائمته ، نائبة الكوتا السابقة عبله ابو علبه للمجلس ، وتصدر حزب الوسط الإسلامي اعلى الاصوات لكنه لم يفلح بالحصول على اكثر من "3"مقاعد كان يتوقع فوزها ، وباعتماد كتلة الخشمان الذي كان موقوفا بتهمة شراء الاصوات على مسقط رأسه السلط و العنصر غرب الاردني في شرق عمان عبر النائب السابق الشيخ الاقطش الذي ينتمى لكبرى العشائر الفلسطينة ، فلم يفلح بالحصول على اكثر من مقعده ومقعد الاقطش باقل من 70 الف صوت ، وتعتبر كتلة وطن ايضا اكبر الخاسرين حيث ضمت تحالفا "متينا " بين عاطف الطراونة الشخصية الناشطة سياسيا و نيابيا وعشائريا وبين البرلماني "الدائم!" خليل عطيه ولم تفلح بوصول غير الطراونة نفسه وشقيق عطيه ، فيما فشل النقيب الصحفي طارق المومني رغم انه حظي بتأيد عشيرته في محافظة عجلون عبر التصويت للكتلة ، حيث لم تحصل عشيرته كبرى عشائر المحافظة على اي مقعد فردي ، وخسر معه نقيب الاطباء السابق زهير ابو فارس ، وكان الرهان باقل تقدير على فوز "الاخيرين"..
الكتلة الليبرالية برئاسة الدكتورة رولا الفرا ، حصلت على مائة الف صوت ، ففازت راس الكتلة ونائب ثاني اخر منير الزوايدة ، ويكون بذلك النائب الوحيد الذي فاز من القوائم من الفئات المخصص لها كوتا ، وتعتبر نسبيا قائمة "الاردن اقوى " قد حصلت على نسبة اعلى من المتوقع حيث كان يتوقع فوز رئيستها فقط ، و باستثناء الكتلة التي ترأسها مجحم الصقور ، لم تفز اي كتلة دخلت لاغراض محلية ، وحيث خسرت كتل محلية في الكرك والسلط ومحافظات اخرى ، فاز مجحم الصقور ، والذي دخل بكتلة عريضة برسالة من دائرته الانتخابية التي لا تمتلك الا مقعدا واحد وتعادل بالعدد محافظات لها مقاعد متعددة ، حيث كان الذي يخسر عن هذه الدائرة تكون عدد اصواته اكثر من 90% من اصوات الفائزين بالانتخابات ، خسر بالدورة السابقة الدكتور البكار بنحو 15 الف صوت وهو ما لم يحصل عليه الا بضعة مرشحين من الناجحين بكل دوائر المملكة ، وبذلك وصلت رسالة كتلة النائب الصقور بتوصيل اكثر من نائب وعبر نظام القوائم ، و فازت كتلة الشعب الخليط من رموز قومية ويسارية بمقعد واحد لمصطفى شنيكات ، ولم يفلح النائب السابق الثاني على الكتلة ،حازم العوران، في اللحاق برئيس الكتلة ، و كان فوز احمد الرقيبات الذي فشل مرارا في الحصول على مقعد فردي بشمال الاردن طوال دورات سابقة ، في الحصول على مقعد عبر كتلة لم يكن ينقصها الافصاح عن دورها في ايصاله لوحده ، و كان فوز نائب عن شباب الوفاق بنحو 16 الف صوت ككتلة مفاجئا نسبيا ، كحال فوز عمالي واحد عن الكتلة العمالية ، وكانت الكتلة المقربة من حركة فتح برئاسة الوزير السابق حازم قشوع قد فازت باخر اعلان رسمي عن مقعد واحد ، وكان قد اعلن قبلها عن فشلها حتى في الحصول على هذا المقعد ، وهي بكل الاحوال نتيجة "رسوب واسعة "حيث فشلت بالحصول على الصوت الفلسطيني الذي تقاسمته كتل الوسط الإسلامي و وطن"كتلة عطيه" و الاتحاد"كتلة الخشمان " ، وخسر الناشط محمد داودية بارثه النيابي والوزاري والاعلامي والدبلوماسي بالحصول على مقعد عبر كتلته ، وعبر موقعه الاجتماعي اعتبر ان تدخلا امنيا حال دون ذلك ، لمهاجمته قبل ايام من الانتخابات صهر العائلة الحاكمة الكردي ، وفيما يتعلق ببقية مقاعد الكتل التي فازت بمقعد واحد تعتبر نتائج عادية في حدود توقعات اي انتخابات كفوز حسن عبيدات " وعبدالهادي المحارمة و حمزة الخزاعلة محمد الزبون ، وكلها استندت الى الثقل العشائري لرئيس الكتلة.
-3-
البعض هنا يعتقد ان المعارضة السياسية بزعامة الإخوان المسلمين والجبهة الوطنية للاصلاح قد خسرت بمقاطعتها للانتخابات ودخول بدائل جاهزة عنها كحزب الوسط ، والواقع ان النتائج النهائية لم تسفر عن مجلس نواب مختلف بالمطلق عن اخر مجلسين تم حلهما تحت ضغط شعبي ، ففي هذا المجلس انحازت دوائر معدودة جدا لبعض الرموز الايجابية بالاصلاح ، كفوز نقيب المعلمين مصطفى الرواشدة في جنوب المملكة ومصطفى الحمارنة في مادبا و ميسر السردية عن البدو و وفاء بني مصطفى عن جرش و عساف الشوبكي بعمان ، غير ان هذه الاسماء كان يوازيها بالمجالس السابقة اسماء اصلاحية ربما اكثر ، كاحمد الشقران و وصفي الرواشدة ، غير ان الخريطة العامة للمجلس ظلت تراوح نتيجة شراء الاصوات والمال السياسي والعشائر وبعض "فلول " الحرس التقليدي من نواب عمّان الذين يفوزون كل دورة ، ولا يحدثون اي تغير ، ربما الجديد هو هذا "الشكل المعدل" الذي ارادته الدولة عن الإخوان المسلمين..!!!!!