طالعتنا صحفنا المحلية منذ فترة وجيزة باخبار سارة ذات معنى عميق مفادها انه رافق جلالة الملك عبدالله الثاني في زيارته الى واشنطن وفد طلابي أردني يمثل مؤسسات تعليمية عامة وخاصة لحضور جانب من نشاطات جلالته خلال الزيارة. وتأتي مرافقة الوفد الطلابي لجلالة العالِم الاول حفظه الله في إطار حرص جلالته لتوفير فرصة لقطاع الشباب لاكتساب مهارات جديدة والتعرف على تجارب الدول والاستفادة منها في صقل خبراتهم وتوسعة افاق معرفتهم. وفي ذات الوقت هي رسالة لصناع القرار وواضعي القوانين والانظمة والتعليمات لحضهم على الاهتمام بقطاع الشباب وبالذات طلبة الجامعات وتمكينهم من اخذ دورهم في المشاركة الفاعلة في المجتمع واكسابهم معارف جديدة تمكنهم من الاطلاع على طبيعة عمل المؤسسات الأميركية والعالمية ومنهجيات العمل فيها. كما وحرص جلالته على ان تفتح ابواب العمل والنشاط والمشاركة على مصراعيها امام قطاع الشباب فامر بأنشاء هيئة شباب كلنا الأردن كمبادرة رائدة وحضارية بهدف توفير المنبر المؤسسي ليتفاعل من خلاله شباب الجامعات, شباب الوطن في جميع مواقعهم مع السياسات والبرامج الموجهة إليهم في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ومنذ تأسيسها، سعت هيئة شباب كلنا الأردن إلى تفعيل الشريحة الأوسع في مجتمعنا، الشريحة التي تشكل ثلثي المجتمع، شريحة الشباب؛ فاستقطبت الشباب من كافة محافظات المملكة، وفتحت أبوابها للجميع، متطوعين ومستفيدين، وغرست في هذا الجيل حب العمل التطوعي، وعشق خدمة الوطن والمجتمع، فعززت مشاعر الانتماء والولاء إلى تراب هذا الوطن الغالي وقيادته العزيزة، فأصبحْتَ ترى الشباب يخرجون بمبادرات وتوصيات من أجل خدمة مجتمعاتهم، ويحملون هموم وطنهم على أكتافهم، ويعتبرون أنفسهم شركاء في التنمية وركيزة أساسية في مواجه التحديات الوطنية. وكان الحضن الدافيء لهذه الهيئة مالياً وإدراياً صندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية الذي اتخذ من الهيئة ذراعاً شبابية لتكون ضمن حزمة البرامج والمشاريع التي يشرف عليها، فمضت الهيئة في مسيرتها قدماً، ترعى التميز وتنمي المهارات وتصقل الشخصية، تدفعها طاقات الشباب، وترفدها خبرات وكفاءات تؤمن بدور الشباب وترى الطاقة الكامنة فيهم، وتساندها فعاليات وطنية ترغب في رؤية التغيير المنشود.
إن طاقة الشباب واحلامهم واصرارهم على الانطلاق في خدمة الوطن لا حدود لها ويحظون بدعم منقطع النظير من كنف ملك الشباب، إضافة إلى مساهمة شركاء التنمية في الوطن من القطاع العام والخاص الذي يؤمن بأن مستقبل الأردن بأيدي \"فرسان التغيير\" كما وصفهم جلالته. ان الاهتمام الملكي غير مسبوق في تاريخ الدولة الاردنية بالقطاع الشبابي من حيث توجيه الحكومات المتعاقبة لوضع الشباب على سلم الاولويات الوطنية وتوفير البنية التحتية الكاملة لتحقيق التنمية الشبابية المطلوبة. هذا جانب مما يوليه جلالة الملك حفظه الله من عناية بشباب الوطن, مستقبل الوطن, سواعده وامله, فكره وطموحاته, بُناته وحُماته. فهل تتفاعل الجامعات مع هذه الرؤى الملكية السامية بنفس العزم والاصرار والايمان والاستشراف؟ ام انه يوجد تقصير غير مبرر يصل الى حد عدم الاكتراث في بعض الحالات موجِب لِلَفت النظر؟.
لقد اطلعت اثناء كتابة هذا المقال على دليل الطالب في احدى الجامعات وراجعت ما فيه من تشريعات فوجدته يحتوي على مجموعة مهمة من الانظمة من بينها نظام انشطة الطلبة المدنيين, ولكنني لم اجد تعليمات تخص الانشطة الطلابية! سوى ما جاء في كل من تعليمات التفوق الرياضي والتفوق الفني والتي تشير الى تخصيص مقاعد للمتفوقين بهذين المجالين دون الاشارة في اي منها الى جوانب الدعم الممكن تقديمها للطلبة بشكل واضح بل اكتفت بالمطالبة بأن يلتزم الطلبة بالمشاركة بالنشاطات التي تعتمدها الجامعة وفق برنامج تعده عمادة شؤون الطلبة بهذا الخصوص. وقد تمت الاشارة سابقاً الى ان الطلبة ليسوا مرتاحين الى الدعم المقدم لهم بهذا الخصوص لاسباب تم ذكرها عندئذ, الان نحن امام تقصير يعانيه ابناؤنا الطلبة من جامعاتهم ويتعلق بالانشطة العلمية, وبالتحديد السماح بأنشاء النوادي العلمية المتخصصة مثل النادي الهندسي في جامعتهم, ويحرمون من ممارسة حق لهم وهو ايجاد بيئة فكرية متخصصة ينعم بها زملاء لهم في جامعات العالم الذي يقدر انطلاقة الشباب, النادى الهندسي مثلاً يلبي ولو بعض طموحاتهم باقامة معرض او عمل دورة مجانية من احدهم ودون عبء مالي اضافي على الجامعة, المثير بالموضوع ان العمادة المناط بها متابعة وابراز وانجاح هذه النشاطات هي المعارضة له بشدة بل يقترحون على الطلبة استبدال هذا النشاط بالرحلات وحجتهم بأن العديد من النوادي الموجودة غير فاعلة, أو يمكنهم العمل من خلال الاقرب لتخصصهم من تلك النوادي ! ولكن هذا ليس بالحل من وجهة نظر الطلبة ورأيي الشخصي ايضاً, إذا تثاقل البعض عن العمل او قل نشاطهم لامر ما يحرم الاخرون من زملائهم من الانديه المهمة لهم ويؤخذوا بذنب لم يقترفوه! هذا ليس بالحكم العادل! بل تلك قسمة ظالمة. السؤال الذي يشغل ذهن الطلبة هنا هو انه إن لم يكن هناك تبعات مالية مرهقة لانشاء نادي, فلما لا يسمح لكل كلية بنادي, ام انه لا جدوى من أن ننادي؟ إن تعزيز المهارات المختلفة لدى الشباب وملء فراغهم بصورة تخدمهم وتخدم مجتمعهم وتثقيفهم وتعليمهم وتجسيد تطلعاتهم هو الدور الاساسي والمحوري لوجود الجامعات وهو موضع اهتمام جلالة الملك عبد الله الثاني. فهل وصلت الفكرة.
muheilan@hotmail.com