شاطئ الضياع " - سلمكم الله- هو ليس عنوان - لفلم تركي أو هندي- بل هو وصف يعبر مجازاً عن حالة تصف واقع مؤلم بات يتكرر في أيام العطل حينما تشهد شواطئنا العامة إقبالا" من الزوار للخروج من روتين الحياة اليومي الذي نعيشه في كل أعبائه وتبعاته الثقيلة .
فحين يحل الركاب على الشاطئ تبدأ الأسرة بتنزيل كافة حاجيات الرحلة من مأكل ومشرب ومرقد ،وبعد الجلوس مباشرة يتجه الأب صوب الفحم لتبدأ حفلة ( الهش والنش ) وإشعال النيران أما ألام فتبدأ ( بتتبيل ) قطع الدجاج أو اللحم ( وعلى الأغلب دجاج ) وفي غمرة هذا الانشغال يدخل الأطفال أو الأبناء الصغار بأدوارهم العبثية في التنغيص على الأب من خلال عبثهم في النار ، هنا يضيق الأب درعاً من ذلك فيبدأ بالاحترام بنهيهم عن ذلك وإذا لم يفلح بذلك يبدأ بالصراخ والشتم وعندما يفشل في ذلك أيضاً لا يجد مناصاً من أن ً يأمرهم ويشجعهم على الذهاب للسباحة ( يابا رووح أسبح أحسنلك ) ليذهب الأطفال للعب على الشاطئ فتدفعهم البراءة أن ( يسيحوا) في مرافق الشاطئ الفسيحة ، وفي لحظة انتهاء الأب وألام من إعداد وجبة الطعام ، يستيقظ الأب وألام من سبات ( الهش والنش ) للنداء على أطفالهم ولكن لا من مجيب ، فيهب الأب مفزوعاً للبحث عن أطفاله في زحمة الزوار و الأم كذلك تسأل السيدات والبنات الموجودات على الشاطئ والمأساة هنا تكون إذا كان الطفل المفقود لا يلبس سوى ملابس السباحة لتبدأ الأم جاهدةً في وصف العيون والطول والشعر للإبن المفقود ، وتستمر تراجيديا البحث في شاطئ الضياع إلا أن تحضر دوريات الشرطة لتقوم مشكورة بإيجاد الطفل الضائع وترده سالماً إلى أهله ، طبعاً الأب والأم سيشعران بالندم والألم على عدم انتباههما على فلذات أكبادهم مما سيؤدي أيضاً إلى سد الشهية في تناول ( الهش والنش ) بالنسبة إليهم ويدفعهم ذلك للرحيل من شاطئ الضياع .
ما سبق هي قصص واقعية لمآسي تتكرر لحالات تم فقدان العديد من الأسر لأبنائهم في الشواطئ العامة والطامة الكبرى إنه في بعض الأحيان لا تنتهي هذه القصص للبعض بمثل نهاية القصة السابقة بل تتجاوز ذلك إلى حد غرق الأطفال بمعنى إنها ستكون فاجعة ومصيبة بفقد أبناءهم موتاً ومن الحالات الأشد وقعاً وألماً بالنسبة لمن يصادف طفلاً ضالاً في الشاطئ ويجهد نفسه في سبيل رده إلى أهله سيفاجأ حينما يجد بعضهم لا يعلمون بفقد أبناءهم فالأب – سلمه الله- قد يكون مشغولاً في ( نفس النرجيلة ) والأم مشغولة بمتعة النظر الفضولية على هذه وتلك من السيدات الحاضرات في شاطئ الضياع تستمتع ومشغولة بتناول المكسرات ،ولك أن تتخيل أيضاُ حجم الإرباك الذي سنسببه في حالات الضياع هذه للأجهزة الأمنية وغيرها من الأجهزة المعنية في التعامل مع هذه الحالات والأسوأ من ذلك الحالة النفسية السيئة التي سيكون فيها الطفل الضائع هائماً باكياً حظه العاثر في أب وأم لا يتقون الله فيه .
لا شك إن الرحلة بمفهومها الواسع تعني الترفيه عن النفس وهذا الترفيه يتطلب منا أن نضمن الأمان والسلامة لنا ولأطفالنا أولاً والرحلة ينبغي فيها أن تكون فرصة نعلم أبناءنا من خلالها مهارات قد تعزز شخصيتهم بالقيادة والمعرفة ، فجميل ومفيد جداً أن تعلم أبناءك كيف تبني الخيمة أو كيف نعد الطعام الخاص فيها وأن نستفيد من طاقات أبناءنا وأطفالنا فيها بتوزيع الأدوار في الأمور التي نحتاجها في الرحلة ليشعر كل طفل بقيمته كفرد مسئول ، وكم هي فرصة أيضاً لتثقيف أبناءنا عن المكان الذي حللنا فيه وماذا يعني لنا وكيف نحافظ عليه لنزرع بذور الانتماء لديهم لنورثهم حب الأرض والوطن الذي يضمنا جميعاً في محيانا ومماتنا .
بذلك سنضمن أن الرحلة ستكون سعيدة وممتعة وجميلة ويكون الشاطئ بالنسبة لأطفالنا شاطئ غني بالذكرى الجميلة بعيداً كل البعد ..عن قصص الضياع ، فكلكم راع ومسئول عن رعيته
سلمتم وسلم أبناءكم ....