ستون عاما على النكبة ، وستون ألف فلسطيني قتلوا في العام 1948 ، وستون الفا من الجيوش العربية شاركت في صد العدوان وما نجحت ، وستون دعوة لبناء الثقة والسلام والانسحاب والطاولات المستديرة ، وستون سنة مرت على بدء أول مبادرة الحل النهائي !! تخللها ستون حكومة أمريكية وصهيونية بربرية تراوحت سياساتها بين العجرفة والدبلوماسية الكلامية ، تارة بالتهديد والوعيد وارتكاب المجازر والحروب وتارة بالتلويح لغد أفضل على حد تعبيرات الناطقين باسم حكوماتهم .
\" ستونات \" كثيرة شهدتها ساحة صراعنا مع البرابرة وأعوانهم من رجالات الغرب الأمريكي المتوحش والغرب الأوروبي المتصهين حد التبعية الذيلية التي لا تتوافق وثقافة تلك الأمم في حدها الأدنى مما تدعيه من مثل وقيم وثقافة التسامح واحترام حقوق الناس ، ستونات مرت على عمر المأساة والمجازر وحمامات الدم التي ارتكبتها عصابات الهاجاناة والبالماخ والارجون وشتيرن وغيرها من العصابات الصهيونية الرسمية وغير الرسمية ، ستونات من الفرق والعصابات من \" أبناء الله \" على حد اعتبارهم لأنفسهم ساحوا في الأرض وأفسدوها ، ولم يسجل التاريخ ومنذ نشأت بني إسرائيل انهم أقاموا العدل او أشاعوا المحبة والتسامح ، بل ان شعوب الأرض وإمبراطوريات الكون القديمة ممن جربتهم وعايشتهم قد ادركت مكرهم وطغيانهم وفسادهم منذ عهد فرعون حتى سنوات التيه في سيناء ، وحين دخلوا اريحا ارتكبوا بحق أهلها افضع المجازر بقيادة يوشع بن نون حيث واجهتهم كل الممالك والحضارات التي استولت على فلسطين وقاتلتهم بسبب شرورهم وفسادهم بداء من الأشوريون والفراعنة ونبوختنصر والبطالمة والرومان بقيادة الإمبراطور هدريان الذي شعر انهم يتآمرون ضد بلاده مع الأعداء فأمر بهدم معابدهم وحرم عليهم الاقتراب من فلسطين فتشتتوا في الأرض ، ثم افتتح المسلمون فلسطين في عهد الخليفة عمر بن الخطاب حتى أعادهم الحكم الصليبي في المشرق ودخلوها على شكل جماعات ادعت مشاركتها في الحملة ، ومن ثم تم تحرير فلسطين بعد مائة عام على يد القائد صلاح الدين الأيوبي .
ستونات مرت من السنين والعقود والعقل اليهودي هو العقل البربري المتعجرف الذي يبني دولة ما شهدت الا حروب ودماء واضطراب وحصار على أنقاض دماء الشعوب أينما حلوا ، قاتلو وقتلوا أنبيائهم وتعالوا على الله سبحانه وتعالى حتى جعل الجزء الأكبر منهم قردة خاسئين ، لم يوثق التاريخ ان لهم عهدا او بيعة او رغبة بالسلام مع الشعوب ، نبذتهم أوروبا في العصر الحديث وأوجدت لهم دويلة على أنقاض الشعب الفلسطيني للخلاص منهم لا محبة بهم او احترام لتاريخهم الذي يعرفونه جيدا ، وحين يئسوا من إمكانية تعديل سلوكهم وخلقهم تصدى لهم القائد الألماني هتلر وتعرض لهم لكنهم استغلوها ايما استغلال وادعوا بارتكاب المجازر بحقهم لكسب ود العالم لهم رغم أنهم كانوا يقتلون أبنائهم ويغرقون سفنهم المتجهة الى فلسطين لكسب المزيد من الدعم واستغلال التسامح الغربي تجاههم .
واما بلادنا ، ومنذ ستين عاما وشعوبنا قد يئست هي الأخرى من أفعالهم وجرائمهم ومكائدهم بحق الشعوب العربية ، وانتظرت منذ ستون عاما ان يأتي الفرج ، لكن ساستنا للأسف كانوا يبحثون عن حلول سلمية بسبب العجز والهوان الذي يعيشونه من جهة ومنعا لإشراك الجماهير في صد ودحر الغزاة البرابرة منت جهة اخرى ، حتى استثمر اليهود الوقت بمزيد من التوسع والاحتلال والاستيطان وهدم المعابد الدينية للمسلمين والمسيحيين وتركيع من لم يركع بعد حتى يتحقق الحلم الذي ابتدعوه شطفا وكذبا في بناء دولتهم التاريخية .
كم من الستينات سننتظر ، وهل تبقى في الأمة من ستين سنة اخرى قبل ان تعلن الدولة اليهودية راياتها فوق بلاد النيل والفرات وما بينهما ! وإذا تصارعت كما يجري الأن الرغبة العربية بالخلاص مع الرغبة الصهيونية بالتوسع وفي ضوء التراجع والتفكك والمباركة العربية بقيام الدولة اليهودية كما حدث بالأمس من احد قادة الأمة فلمن سيؤول النصر من تلك الرغبتين !