زاد الاردن الاخباري -
ينحرف مقطع "كاميرا خفية" انتج مؤخراً للمرشح النيابي السابق شبلي حداد، الى حد ازدراء الآدمية، بدل ادخال البهجة الى قلوب المشاهدين، كما أعلن معدو المقطع الذي نشر على موقع "يوتيوب"؛ الامر الذي اعتبره متابعون خروجاً عن مألوف السخرية الخفيفة.
"سخرية" أريد لها أن ترسم البسمة على شفاه المشاهدين، لكنها قوبلت بحالة من الرفض والسخط على فريقها، لما تضمنته من اساءات ورقص على جروح وأوجاع البسطاء.
وقال متابعون إن ما شاهدوه إساءة للإنسان واعتداء على كرامته، خصوصا لحظة بكاء المرشح السابق تعبيرا عن فرحه بالفوز الذي كان يداعب مخيلته، إذ نصب معدو الكاميرا الخفية فخاً لاستدراج حداد وايقاعه عبر إبلاغه بصفتهم موفدين من الهيئة المستقلة للانتخاب بأن إعادة الفرز أسفرت عن حصوله على أعلى الأصوات.
وليكتمل مشهد الازدراء أدخل المعدون، فقرة يظهر فيها حداد يتلقى اتصالاً هاتفيا من شخص انتحل شخصية الناطق الإعلامي باسم الهيئة المستقلة للانتحاب، يعتذر لحداد عن عدم إخباره بالنتيجة الاخيرة "الفوز" منذ يومين عن المقعد المسيحي في مادبا.
ويرى متخصصون أن في مشهد شبلي حداد الجديد قفزاً من السخرية البسيطة غير المسيئة الى "مسخرة" إنسان، بدا أن همّ التصوير كان إظهار ضعفه البشري، الامر الذي يعد سقطة مهنية مسيئة للكرامة البشرية.
كثير ممن شاهدوا الكاميرا الخفية، لم يحتملوا مشهد "رقص الحنجلة"، حين همّ حداد بتغيير ملابسه، فظهر على الشاشة بـ"البيجاما"، يرقص حيناً ويرتبك أحياناً، في مشهد طغت عليه فرحة الفوز على سواها.
وبعد فرحة طفولية لم تصمد طويلاً، أسدل الستار، وكشفوا عن الكاميرات، ثم "نتف" أحدهم شاربه؛ ليكشف عن هويته لحداد وللمشاهدين في آن، بعد أن قدّم نفسه صراحةً؛ لكن هيئة حداد حين مصافحته، تنز فجيعة وألماً تجليا بقوله "يعني كله كذب".
"كذب" وفجيعة وألم سيطر على حديث الناس، وراحوا يرددون أسئلة ظلت بلا إجابات: ماذا لو أصيب الرجل بجلطة؟ وأي مصير كان ينتظر هؤلاء لو لم يمسك العقلاء من عائلة حداد بالعقل والحكمة؟ وما هو شعوره وحال عائلته بعد نشر الفيديو؟
وفي اتصال هاتفي لـ"العرب اليوم"، مع حداد، حاولت الصحيفة تبديد حالة الشك التي طغت على حديثه حول هوية المتصل، حتى تيقن من هوية رئيس التحرير الامر الذي أشاع الطمأنينة في نفسه فقدم الى الصحيفة زائراً.
يستطرد حداد في حديثه عن تفاصيل حادثة الكاميرا الشهيرة، التي باتت معروفة، فيقول :"اغتالوا شخصيتي بأسلوب بشع".
وعن اعتذار فريق الكاميرا لحداد ردّ الرجل بقوله: "بعد عشرة أيام التقيت فريق الكاميرا الخفية في عمان، وعرضوا علي الفيلم بعد منتجته وإسقاط كل ما يسيء لي فوافقت على النشر".
"إساءة" يراها حداد في جزءين اثنين: إظهاره وهو يبدّل ملابسه، إضافة إلى تعرضه إلى حالة صحية صعبة دفعته إلى زيارة طبيبه الخاص.
لكن الرجل تفاجأ كما تفاجأ غيره من الأردنيين بانتشار الفيديو من دون إسقاط لما رآه مسيئاً له، وقال: "اعتذروا بعد ما نشروه". كاشفاً عن نيته مقاضاة منفذ ومعد برنامج الكاميرا الخفية.
وقال: توافد كثيرون من عشيرتي إلى بيتي مساء أمس رافضين أي حديث عن المصالحة، مطالبين بتعويض مالي قيمته مليون ونصف المليون دينار.
المتخصص القانوني في القضايا الإعلامية، محمد قطيشات، علّق على موضوع الكاميرا الخفية قائلاً: ارتكبت القناة التلفزيونة التي نشرت مقطع حداد جريمة انتهاك حقوق المواطن الخاصة، وعدم احترام الشخصية الإنسانية؛ خلافا لأحكام المادة 20/ ل، من قانون الاعلام المرئي والمسموع، مبيناً أن المخالفة القانونية تكمن أيضاً في عدم أخذ الإذن في النشر وفقاً لقانون حق المؤلف.
ويقدم المحامي قطيشات فكرة الكاميرا الخفية بأنها موضوع حسّاس جداً من الناحية القانونية؛ فهي تنطوي على وضع الشخص بفكرة كاريكاتورية، فيها سخرية مبطنة، لإدخال البهجة إلى قلوب الناس، فإما أن تبقى هذه السخرية في حدود المقبول والمعقول، وإما أن تتعدى ذلك إلى الدخول في دائرة التهكم والابتزاز وفي الحالتين لا بد من أخذ موافقة الشخص على البث والنشر.
وأوضح أن قانون حماية حق المؤلف نصّ في بنوده أنه لا يجوز تصوير أي شخص دون أخذ موافقته، ولا يجوز أخذ صور فيديو "الصور الحية" إلا بموافقة الشخص نفسه، ولا يجوز البث او النشر إلا بعد الموافقة، هذا مع عدم الاخلال بحق تصوير وبث صور الشخصيات العامة والاحداث العامة ولكن دون الحط من كرامتها وسمعتها بين الناس.
استفز الفيديو الشاب عادل جنادبة، فراح يصب جام غضبه على صفحته "الفيسبوكية"، متهماً كل من أعد وشارك في المقطع باغتيال الإنسانية من أجل الضحك.
ولم يكتفِ باستنكار ما أسماه "الاستهزاء والانحطاط في موقف الكاميرا الخبيثة مع إنسان بهذه الطريقة المنافية للإنسانية وأبسط اخلاقيات المهنة"، بل زاد على ذلك بقوله: "لو كنت مكان شبلي لما رضيت بملء الارض ذهبا مقابل هذا المقلب السخيف".
وغير بعيد عن الجنادبة، شعر علاء حداد، 36 عاماً، من محافظة مادبا، بجرح في نفسه بعد أن شاهد الفيديو، وقال :"من المحزن أن يتعرض حداد إلى انتهاك صارخ لإنسانيته من دون اعتبار لشخصه وحريته ووجوده في المجتمع"، مؤكداً وجود استياء عام في المنطقة.
ما يزعج حداد هو مستوى المهزلة التي ظهر بها حداد 72 عاماً في الفيديو، من دون مراعاة لسنه.
بالمقابل يختصر أحد الراصدين في محافظة مادبا قصة شبلي بانه "استعمار ثقافي اجتهد الإعلام الأجنبي في صناعته، ساعده في ذلك المتطوعون من البرجوازيين؛ ليضحك أبناء عمان الغربية ملء أشداقهم.
العرب اليوم