أنجُ (سَعدْ) فقد هلك (سُعيدْ)...!
لا أظن بانّ رجلاً بحجم الشّيخ السّياسي والحزبي (هايل السّرور) رحمه الله قد سمّى أحد أبنائه (سعداً) من باب العبث أو الصّدفة، ولأنّه مات ومات معه ذلك المغزى...؛ فلا بدّ وأنّه نشد منه التّفاؤل بالخير والقدر العالي ...!
ومهما يكن...؛ فالسّؤال هو: هل ستُثبت لنا يا (أبو هايلَ) في أيّامك القادمة بأنّ لنا ولك من اسمك نصيب وتكون خيراً وسعداً للجميع أم أنّك ستكون غيمة سوداء تحمل معها كلّ شيءِ عدا القطر الذي ينتظره الجميع ويريده منها، أو سحابة صيفٍ تأتي بأمرٍ وتذهب بأمر لتحجب نور الشّمس فلا تروي ولا تُظلّل، ولتكون منظراً يتحايل في السّماء ليشوّه الواقع ويمنع الحقيقة، فأختر يا رعاك الله...، واعلم بأنّ ليس لك علينا حجّة أو لك لدينا موعظة ولن نهدك تذكرة وموعظة، وما عليك سوى أن تبحث عنها هنا وهناك، وستجدها بيسرٍ ووضوح بأفعال ومآلات غيرك...؛ فصاحب عصير التّفاح با (سعدُ) ليس عنّا وعنك ببعيد...، فمثلك إن كان حليماً فطناً...؛لا بدّ وأنه سيتّعظ بعصير غيره...!
ولأنّ الأيّام يا (سعدُ) دولٌ بين النّاس، وأنّ من سرّه زمنٌ ساءته أزمان...، فلتحذر يابن الأكرمين، فالله من أمامك والتّاريخ خلفك...، فلا تستبدل الذي هو لك خير بالذي هو لك أدنى، واعلم أنّ أهون الشّرور أن يبيع المرء آخرته بدنياه، وأعظمها أن يبيع آخرته بدنيا غيره...، وهو ما يشكو الآن منه الكثير، فاحذر أن تقع فيه وأنت تعلم أو (لا تعلم) بأنك الآن في مسئوليّتك هذه التي هي حمى غيرك توشك أن تقع فيه، وإن وقعت فيما سبق من حمى...؛ فتوّج نفسك في مرّتك هذه والتي أحسبها الأخيرة لتكون من خير التّوّابين عند الله لا أن تكون من خير الموالين لعبيده والسّاكتين عن حقوقه فتُظلَم بسببك أمّةَ المقدس وأكناف بيت المقدس، وأي ظلمٍ وفيها رجالٌ لا تُلهيهم تجارة أو بيع عن ذكر الله...، وكرّمها الله بوضع الخير فيها وبأهلها إلى يوم القيامة...؟ وبذلك تهاجر إلى دنيا قد أصبتها من قبل ولليوم تُغريك وتسمح لك بأن تُصيبها مرّاتٍ ومرّات، ومتى أصابتك وليس لنا جميعاً من ضربتها بدُّ...؛ فلن يُغنِ عنك أحد في أن تُكتب جميع هجراتك إلى ما هاجرت إليه، وحينها لن يُغني بيعٌ عنك ولا شفاعة فتقعد ملوماً محسورا...!
ولأنّ الله لا يُحبّ الفرحين...؛ فاسعد يا (سعد) ولا تفرح...، فالنّعم فضلاً عن أنّها لا تدوم...؛ فلا تعني دوماً وبالخصوص حبّ الله لعبده، وكما أنّ الإنسان لا يعلم ولا يدري أهي خيرٌ له أم شر؛ فإنّه لا بدّ وأنّه على يقينٍ بأن من ولّاه الله أمراً للمسلمين ونكص وأخلف، فسيأخذه الله أخذ عزيزٍ مقتدر ولو بعد حين، أفغير همّ الدّين والمسئوليّة والخوف من اللقاء الأعظم...؛ يجعل الًّصّدّيق ينتحب بكاءً عندما أصبح للمسلمين أميراً؟ فتأمّل له وهو يقول للفاروق عندما سأله عن السّبب: مالي ومال إمارتكم، خذوها عنّي...، والله يا عمر لأن أكون ذلك العصفور على تلك الشّجرة...؛ خيرٌ لي من الأمر كلّه...، وليقول له عمر ثلاث مرّاتٍ متتابعات: والله يا أمير المؤمنين لا نُقيلك ولا نستقيلك... .
ولأنّنا يا (سعد) في بلدنا محكومون لا حاكمون، ولا نملك من أمرنا (بعيداً عن لماذا) سوى أن نتنفّس ونأكل وننام فيه (كأفراخٍ زغبٍ بذي مرخٍ) وليس لديها لا ماءٌ ولا شجرُ...؛ وننتظر الموائد من فضلات اللئام، ونتواصى بالصّبر لحين وصول المكرمات التي تذلّ عزيزنا وتعزّ ذليلنا، ودأبُها دوماً التّواصي (بفرّق تسد) التي هي أشدّ وألدُّ أعداء الحق وجنده ...، ولأنّ بعض الظّن إثم...؛ فكنت أم لم تكن أنت إحدى تلك المكرمات التي لا نُحصيها...؛ فليس لنا من أمرك أوفيه شيئا، وليس لنا سوى ممارسة النّظر والتّحديق بمن سيأتي وبمن سيروح لدرجة أنّنا أصبحنا للأسف لا نتعامل معها كحالةٍ بل قدر وليس لنا إلّا قبولها كواقع نعيشه ونتعايش معه...؛ فلا نملك إلّا أن نقول لك على لسان أم الجمال وصبحا وصبحيه وضمير وسبع صيّر: أنت الآن لست ابن لنا أو (لهايل) فقط، لا بل أنت ابن للأردنّ كلّه...، فإن صنعتك الأردن على عينها لأنّك كفؤاً وتستحقّ...؛ فسر ولا تماري فيها أحدا، أمّا إن هم على أعينهم صنعوك لخيرهم لا لخيرها وأهلها...؛ فانجُ يا (سعدُ) فقد هلك (سُعيد)...!