لكل واحد فينا نفسٌ وكيان، ونحتاج في كثير من الأحيان، للبوح وكَسِر الكتمان، وإطلاق العنان للسان، لِنُخرِج ما بداخلنا من كبت وحرمان. \" هَزُلَت\" كلمة لها وزنها في الميزان، ونحتاجها كلما اشتدت علينا نوائب الزمان.
عندما يحتلُ الجاهلُ مكان العالِم، وتذوب الجبالُ الشامخة ، وتضيع التضاريسُ والمعالم، ويستبيحُ النائمُ مكان أهل الهمة والعزائم،ويتصدر الجلسات، والمناسبات أهل الرذائل بدل أهل المكارم، عندها قُل \" هَزُلَت\" ولاتكن لنفسك أو لغيرك ظالم.
عندما يتجاهل الصغيرُ مكانةَ الكبير، ويتصدر المجالس الوضيع والحقير ، ولايُفسِح مكان لا للوزير ولا للأمير. عندما ترى ذلك ويتوقف عقلك عن التفكير، قُل \"هزلت\" لأنك لاتملك لهذا التصرف الغريب تفسير، إلا أن حامل المسك لايمكن أن يتساوى في يوم من الأيام مع نافخ الكير.
عندما يرميك الآخرون بسهامهم لأنك ناجح، وفي دينك فالح، ولمستقبلك طامح. عندما يحسدك الفاشلون والخاسرون لأنك دوماً رابح، عندها فقط قُل \"هَزُلَت\" ولتكن كالحصان الجامح.
عندما تُبجِلُ الناسُ أصحابَ الأموال، ويقدِسون الأقوال ولا يأبهون بالأفعال، عندها فقط تقع الكوارث والأهوال، فقُل\" هَزُلَت\" في كل الأحوال.
عندما تُمنَحُ المناصب لكل من هو غير مناسب، ويصبح كل ذا مالٍ، وجاهٍ، وجهلٍ هو المناسب. عندما يُستثنى أصحاب الكفاءات، والدرجات العلمية من كل المناصب قُل \"هَزُلَت\" وأدعي للمغلوب أن يصبح في يوم من الأيام غالب.
عندما تصبح سائر العلوم والتكنولوجيا والانترنت حرام، ويصبح\" الفيس بوك\" والبريد الإلكتروني معصيةٌ وإجرام، كل ذلك لأن فئة من الناس لايمكنها مواكبة التطور والسير للإمام، قُل \" هَزُلَت\" قبل أن تنام ،أليس مطلوب منا إعمار ألأرض نحن أهل الإسلام؟
عندما يُصبح موت الكبير فرصة للتمتع بالمال، وبيع الأرض من بعده دلعٌ ودلال، لنقُل \"هَزُلَت\" ولنجهز أنفسنا لنسكن في الكهوف بين الجبال، فليس لنا من بعدها مكان بين أولاد الحلال، الذين تمسكوا بالأرض و أغدقوا عليها الأموال، لتحفظهم وقت اشتداد الأهوال، وحينما تتبدل الظروف وتسوءُ الأحوال.
عندما يُصبح البغاءُ طهارة، وتصبحُ الدعارة شطارة. عندما تنتشرُ المومسات، وبائعات الهوى في كل شارع وحارة، قُل \" هَزُلَت\" وقف وقفتك الحازمة في وجه هذه البذاءة والحقارة.
عندما يصبح الحرام حلال، وتحلل لنفسك الخمر، والربا، والزنا، والكذب، وشهادة الزور وهي كبائرٌ بحجم الجبال، قُل لنفسك\"هَزُلَت\"، فما الذي ستقوله وتفعله عندما تُعرَض على الكبير المتعال؟
عندما تصبح الكتابةُ ضربٌ من الإدمان، وتصبح المقالة الأسبوعية رسالة لكل قارئ إنسان، قولوا لي \" هَزُلَت\" بكل ثقة وإيمان، في حال لم تعجبكم كلماتي، أو كان فيها نوع من الزور والبهتان، فأنا في آخر الأمر إنسان، أصيبُ وأخطي، فإن أصبت فمن الله وحده، وإن أخطأتُ فمن نفسي ومن الشيطان.
د.نعيم فرحان المومني
الإمارات العربية المتحدة- أبو ظبي