زاد الاردن الاخباري -
قالت وزيرة العدل الفرنسية حارسة الاختام في الحكومة الفرنسية ميشيل آليوت ماري إن زيارتها الحالية للأردن تندرج ضمن الشراكة الشاملة التي اقترحها رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون في عمان شباط الماضي, مشيرة في حوار خصت به العرب اليوم أنها ستبلغ وزير العدل أيمن عودة ان فرنسا مستعدة لتقديم الدعم اللازم له لتنفيذ خارطة طريقه.
كما أكدت أنه لن يكون هناك سلام في الشرق الأوسط من دون أن تكون القدس عاصمة للدولتين وأن بلادها تسعى لاعادة الجانبين الى طاولة المفاوضات.
وردا على سؤال يتعلق بالسجال الدائر في فرنسا حول الحجاب قالت الوزيرة الفرنسية أن الاسلام هو ثاني دين في فرنسا وأن السلطات الفرنسية تكرس جهودها لانجاز الاندماج الكامل للفرنسيين المسلمين في المجتمع الفرنسي.
وتاليا نص الجوار:
* كيف تنظرين إلى العلاقات الثنائية بين فرنسا والأردن وما سبب زيارتك لعمان?
- هذه هي المرة الثالثة التي أزور فيها الأردن اذ سبق وأن اتيحت لي الفرصة لزيارته في عامي 2004 و 2006 بصفتي وزيرة للدفاع وهذه المرة آتي بصفتي وزيرة للعدل لكي أؤكد مدى تمسك فرنسا بالتعاون مع الأردن في مجال العدل.
وتندرج زيارتي في إطار الشراكة الشاملة التي اقترحها رئيس الوزراء فرانسوا فيون في عمان في 21 شباط الماضي والذي أعطى لعلاقاتنا الثنائية الزخم الكبير.
ويعتبر العدل قطاعا مهما في تعاوننا فالقانون الأردني مثل القانون الفرنسي لهما أصل مشترك وهو القانون القارّي الذي كانت ولا تزال فرنسا واحدة من مهندسيه الرئيسيين وهذا ما يفسّر حقيقة أن جامعيين كثيرين لا يزالون يتابعون تدريبهم في فرنسا في المجال القانوني وقد استوحي التنظيم القضائي الأردني من النظام القضائي في مصر والذي بدوره تأثر كثيراً بالنظام الفرنسي.
والملاحظ أن لدى قضاة الأردن المستقبليين فرصة للقيام بجزء من دراستهم العليا في فرنسا, وذلك بفضل العلاقات الوطيدة القائمة بشكل خاص بين المعهد القضائي الأردني والكلية الوطنية للقضاء في فرنسا.
كما أن هناك قانونيين فرنسيين يقدمون خبرتهم الفنية للسلطات الأردنية من اجل إصلاح النظام القضائي للمملكة الذي أراده جلالة الملك عبدالله الثاني وحدد خطوطه العريضة.
إضافة لذلك, تأتي العدالة والإصلاح في السجون في قلب برنامج التعاون بين الإتحاد الأوروبي والأردن للسنوات المقبلة وخلال محادثتي مع زميلي أيمن عودة, سأبلغه عن استعداد فرنسا لمساعدته في تنفيذ خارطته للطريق.
إن متانة ومصداقية النظام القضائي هي واحدة من مفاتيح ثقة المستثمرين الاجانب وتبدو وكأنها حاسمة في الوقت الذي انخرط فيه الأردن في مشاريع مهمة للتنمية ويرغب في تقوية دور الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
على صعيد آخر مختلف لا يقل أهمية, أود أن أعبّر عن سروري للتطورات الإيجابية الأخيرة والتي وقعت في إطار الاتحاد من أجل المتوسط, خاصة تعيين السيد احمد المساعدة, الأردني, كأمين عام للإتحاد من اجل المتوسط واعتماد النظام الاساسي للأمانة العامة وأحيي انخراط الاردن في الإتحاد من أجل المتوسط.
* كيف تقرئين العلاقات الفرنسية اللبنانية على وجه الخصوص وما سبب زيارتك للبنان وهل ما يزال لبنان هو الابن المدلل لفرنسا أم ان الأمور تغيّرت ولماذا ?
* الابن المدلل هو ذلك الذي يتم محاباته دائماً حتى عندما لا يستحق ذلك وهذا الوصف غير مناسب للبنان وللشعب اللبناني اللذين عاشا تاريخاً مؤلماً خلال العقود الأخيرة.
بالطبع, فان العلاقات الفرنسية اللبنانية غنية على وجه الخصوص ويتجسد ذلك في الالتزامات المالية التي تعهدت بها فرنسا خلال مؤتمر باريس الثالث والمساهمة الفرنسية القوية في استقرار لبنان من خلال مشاركتنا في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان والتعاون الثقافي خاصة في مجال الفرنكوفونية.
لا تنظر فرنسا إلى لبنان على انه ابنا ًبل على العكس من ذلك, لقد سعت باستمرار لتقديم الدعم للمؤسسات اللبنانية من أجل وحدة واستقرار وسيادة واستقلال لبنان, تمشياً مع قراري مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 1559 و.1701
وفي إطار هذا الالتزام السياسي وفي ظل تضامنها مع لبنان, استقبلت فرنسا في كانون الثاني 2007 مؤتمر باريس الثالث من أجل إعادة اعمار لبنان (تعهدات بـ 7.6 مليار دولار) ونظمت اللقاء اللبناني اللبناني في سيل سان كلو خلال الفترة من 14 إلى 16 تموز ,2007 ثم سهلت ودعمت اتفاق الدوحة الذي أتاح المجال باستئناف عمل المؤسسات اللبنانية.
وإن ما تغيّر هو بالضبط هذا من حيث قدرة لبنان على ان يأخذ زمام مستقبله بيده بطريقة مستقلة بعيدة عن أي تأثير خارجي.
* كسياسية ووزيرة دفاع سابقة ووزيرة عدل حالية, كيف تنظرين إلى الصراع الاسرائيلي الفلسطيني خاصة ان الفلسطينيين وقعوا اتفاق أوسلو واعترفوا بحق اسرائيل في الوجود و ما الدور الذي يمكن ان تلعبه فرنسا في تليين المواقف الاسرائيلية تجاه الفلسطينيين وهل من مبادرات في الأفق?
- لقد سنحت الفرصة مؤخراً للرئيس ساركوزي للتأكيد من جديد إلى شمعون بيريس خلال زيارته لباريس الاسبوع الماضي على أن فرنسا ترغب في استئناف المفاوضات وبأنه من الطبيعي أن يكون للفلسطينيين دولة مستقلة وديمقراطية وقابلة للحياة ونعتبر ذلك متطلباً مشروعاً تماماً كما تراه السلطات الاردنية ; وهو ايضاً الشرط لتحقيق أمن إسرائيل ونحن مصممون على التحرك من أجل استئناف المفاوضات بين الاسرائيليين والفلسطينيين كدعم لجهود الولايات المتحدة.
ساعدت فرنسا على ان يتبنى الاتحاد الاوروبي إعلاناً مشتركاً يدعو إلى إنشاء دولة فلسطينية واسترجع الاعلان الصيغة التي كان قد استخدمها الرئيس ساركوزي في الكنيست في 23 حزيران 2008 عندما صرّح بأنه لن يكون هناك سلام من دون القدس كعاصمة لدولتين. وقد أكدت اللجنة الرباعية على اهداف مماثلة خلال اجتماعها في موسكو الشهر الماضي.
إن التزامنا السياسي والمالي من أجل انبثاق دولة فلسطينية هو التزام ثابت كما أن ترسيخ المؤسسات الفلسطينية هو هدف ثابت لفرنسا على جانب الدعم الاقتصادي ; وفي مجال العدالة, نحن سعداء بأننا نساهم بالتعاون مع الاردن في تطوير العدل في مناطق السلطة, من خلال استقبال قضاة فلسطينيين في المعهد القضائي الأردني لتدريبهم.
* كيف تصفين لنا الحراك السياسي في فرنسا خاصة ان هناك من لا يرغب بإعادة ترشيح الرئيس ساركوزي للحكم مرة أخرى ?
- كانت الانتخابات الاخيرة في فرنسا والمتعلقة بمجالس المناطق مخيبة للأغلبية, رغم اننا كنا نعرف أن المعركة ستكون قاسية لأنها كانت تتعلق باستعادة مناطق فقدت في عام 2004 وبأن الانتخابات الوسيطة تكون دائماً صعبة بالنسبة للحكومة القائمة وعلينا ان نتفهم الرسالة التي رغب الفرنسيون في إيصالها.
إن الأفق الذي تتطلع إليه اليوم الحكومة والذي يشغل رئيس الجمهورية ليس الانتخابات الرئاسية لعام ,2012 بل أولاً متابعة الاصلاحات التي التزم بالقيام بها عام 2007 والتي على اساسها انتخبه الفرنسيون. وامامنا ورشات عمل مهمة خاصة إصلاح قانون أصول المحاكمات الجنائية وإصلاح قانون التقاعد الذي هو أساسي من اجل متابعة تأمين تمويل التضامن بين الأجيال.
* تشهد فرنسا سجالات عديدة منها قضية الحجاب للفتاة المسلمة وقضية الهجرة والاندماج ; ما رؤيتك كوزيرة عدل لهذه القضايا ?
- هذه سجالات موجودة في فرنسا مثلما هي موجودة في بلدان أوروبية أخرى كثيرة وهي انعكاس للانفتاح وللتنوع المتزايد للمجتمعات الأوروبية.
بعيداً عن أي اتهام أو إقحام للميثاق الجمهوري وقيمه الأساسية ومن بينها العلمانية, فإنني على قناعة راسخة بأن هذه السجالات تظهر قوتها. ويستند تماسك بلدنا على التسامح واحترام الآخرين والانفتاح عليهم والرغبة في تقاسم مصير مشترك. ويتغذى هذا التماسك من خلال احترام الطوائف وقيم ومعتقدات جميع الفرنسيين ومن بينها الدين الاسلامي الذي هو ثاني دين في فرنسا.
كوزيرة للعدل, أعتبر بان المساواة بين الجميع امام القانون ورفض العصبية الطائفية هي قواعد لاندماج ناجح وهي تعني بأن الحقوق والواجبات هي نفسها بالنسبة للجميع. لقد بذلت العدالة الفرنسية جهوداً كبيرة في السنوات الأخيرة من أجل محاربة جميع انواع التمييز. وقد استحدثت مكاتب لمكافحة التمييز ملحقة بكل نائب من أجل تسهيل التعاون بين القضاة والمحامين والشرطة ورجال الدرك.
أسوق ذلك كله لكي أقول لكم بأن الارادة السياسية قوية جداً من أجل أن تلعب العدالة في بلدنا كامل دورها لصالح أفضل اندماج.
العرب اليوم - أسعد العزوني