في عام 1995 صدرت الإرادة الملكية السامية بإنشاء أندية المعلمين .. حيث أمر جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال - طيب الله ثراه – بمبادرة طيبة مباركة وضع نظام أندية المعلمين رقم 12 لسنه 1995 موضع التنفيذ والبدء بالعمل بموجبة .
فقد جاءت فكرة إنشاء تلك الأندية تقديرا وتثميناً خاصاً من جلالته – رحمه الله – للدور الكبير والمميز للمعلم في صنع الأجيال .. لإيمانه العميق انه صاحب رسالة عظيمة تنطلق منها مبادئ حضارتنا ليستشعر عظمة رسالته ويعتز بها .. هذا ما يدعوه إلى الحرص على نقاء سيرته .. وطهارةِ سريرته .. ليحفظ للمهنة شرفَها .. كي يُنظر له نظرة تقدير و تبجيل .. فهو صاحب رسالة مقدسة وشريفة .. معلم الأجيال ومربيها .. وإذا أمعنا النظر في معاني هذه الرسالة المقدسة والمهنة الشريفة .. مهنه الأنبياء والرسل ..خلصنا إلى أن مهنة التعليم الذي اختارها المعلم وانتمى إليها إنما هي مهنة أساسية وركيزة هامة في تقدم الأمم وسيادتها .
فمن أجل ذلك كان الأمر الملكي السامي .. الذي يعتبر مكرمة مباركة من مكارم الهاشميين ولفته خاصة لتهيئة كل السبل والظروف لراحة المعلم وذويه وطمأنينته تقديراً وتلبية لطموحاته وتطلعاته وآماله.. ولتشعره بالمساواة مع باقي الهيئات والفعاليات الرسمية وغير الرسمية
ويستمر الدعم الملكي المتواصل لأندية المعلمين بالمكرمة السامية بتبرع جلالة الملك - حفظه الله - بمبلغ عشرة آلاف دينار لكل ناد من أندية المعلمين في مختلف محافظات المملكة بهدف تعزيز قدراتها الخدمية المقدمة للمعلمين وأسرهم.
إن هذه المكرمة من شأنها أن تؤدي إلى تفعيل دور الأندية وأنشطتها لتأخذ المنحى الذي يجب أن تكون عليه في دعم المعلم وأسرته وتقديم الخدمات الحقيقية له وليس اقتصارها على نشاطات احتفالية صغيرة فقط
إن ازدياد السعي لإيجاد قنوات اتصال وتواصل بين المعلمين لبحث شؤونهم التعليمية والتربوية والاجتماعية والثقافية وتعزيز دورهم الاجتماعي والثقافي في المجتمع بما يضمن الارتقاء بمهنتهم والاقتداء بهم وتقدير دورهم البناء في صناعة الأجيال لتسنم دفة القيادة والعمل المهني باقتدار ووسطية مسايرة للصالح العام وحفاظاً على الثوابت والقيم الإنسانية والوطنية والمكتسبات التنموية موفرة للمعلمين قناة التواصل ذات خصوصية تربوية بين المعلمين أنفسهم والقيادات التربوية ذات العلاقة .
إن هذه الشريحة المميزة من المجتمع والتي نسعى إلى رفعتها وتطويرها مهنيا وأكاديميا لا بد من أن نوفر المناخ المناسب لراحتها فهي جديرة بالاهتمام .. فربط المعلمين يبعضهم .. وتنمية الحوار البناء وتبادل الخبرات وتعزيز المكتسبات المهارية والثقافية والقيم الاجتماعية التي تتحقق بالانتساب لمهنة التعليم .. وكذلك عرض الأفكار والرؤى التربوية المستجدة في الساحة التربوية للنقاش البناء من واقع الممارسة الميدانية والظروف البيئة في شتى أرجاء الوطن وتكييفها مع واقع البيئات المدرسية .. والعمل الممارس و تحقيق الخصوصية الشخصية .. المادية والمعنوية للمعلمين وفق مواثيق أخلاقيات مهنة التعليم. واقتراح وسائل التعلم الذاتي وصقل الخبرات واللحاق بالمستجدات بما يضمن تجديد كفاءاتهم ومسايرة المستجدات و دراسة المعوقات والمشكلات التي تواجههم في الميدان التربوي وفق الحلول التي تسهم في علاجها. كذلك زيادة دافعتيهم وقدرتهم على البذل والعطاء .. وتهيئتها لتنفيذ خطة وطنية تربوية شاملة مستمدة من حضارتنا وتراثنا ومتفهمة لمضامين رسالة عمان المبنية على التسامح والفهم الواضح لمنطق الحياة التربوية المعاصرة.
إنني أدعو جميع المعلمين والمعلمات دون استثناء إلى ممارسة حقهم في الانتساب لهذه النوادي والمبادرة لنيل عضويتها ... والإفادة من مرافقها لأن الهدف هو استثمار الوقت الحر فيما يعود بالنفع والفائدة والنمو المعرفي والمهني على المعلمين. وفق إطار منظم للبرامج والفعاليات .. فهي أماكن بأبنيتها المتطورة مجهزة تجهيزاً تاماً .. صممت خصيصاً لهم ليزاولوا فيها رغباتهم وهواياتهم ويستثمروا جزءاً من وقتهم بما يعود عليهم بالنفع والفائدة وتقوي أواصر علاقاتهم الاجتماعية .. إلى جانب تقديم الخدمات الاجتماعية بما يتوافق مع الأهداف المنشودة .. وضمن العديد من الأنشطة والبرامج المنوعة الشاملة لمختلف جوانب الأنشطة التربوية والتعليمية والثقافية والرياضية والاجتماعية إضافة إلى إقامة العديد من ورش العمل التربوية المتنوعة واللقاءات والرحلات والزيارات .. إلى جانب دعوة المسؤولين وخبراء التربية والتعليم للإفادة من تجاربهم التربوية والتواصل المثمر والبناء .
إني على يقين أن الكثير من المعلمين والمعلمات لا يدركون الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه نوادي المعلمين في تغيير حياتهم الاجتماعية .. بل إن الكثيرين منهم ليس لديهم العلم بوجودها خاصة الجدد منهم .. ولعل الهيئات الإدارية المتعاقبة على تلك النوادي ودون أدنى شك تتحمل جزء كبير من مسؤولية ذلك فمن الضروري الإعلان رسميا وعبر وسائل الإعلام والقنوات الرسمية المتاحة .. عن الفعاليات التي من شأنها تدعيم العلاقات الاجتماعية ضمن مجتمع المعلمين .. الذي هم بأمس الحاجة لها .. والعمل على عقد اللقاءات التعارفية التي تدعم عمل تلك النوادي فمن الضروري دراسة الرؤى والموضوعات والمقترحات التي من شأنها إيجاد مناخ يتيح للمنسوبين ديمومة التلاقي في برامج ثقافية وفنية ورياضية متججدة وتفعيل ذلك عملياً .. والإعلان عنها في كافة الوسائل الإعلامية والتي من شأنها التذكير ولفت أنظار الجميع والعمل على تكثيف الجوانب الإرشادية والتوعوية داخل التجمعات التعليمية في عمان وجميع المحافظات .. مع الحرص على تفعيل آلية التلاقي في مناخ يسوده المحبة والوئام من خلال مساحة كافية لنشر ثقافة الحوار والمناقشة بأساليب حضارية تبنى على الاحترام والتقدير واحترام الآخر مما يسهم في تعزيز الجوانب الإيجابية والاستفادة من الإمكانات المتوفرة واستثمارها بما يخدم المعلمين اجتماعيًا ومهنياً .
دعونا نتطلع إلى تعزيز مكانه المعلمين في المجتمع .. وفق رؤى شمولية هدفها الارتقاء بمهنتهم اجتماعيا .. لأن هؤلاء هم اذرع العملية التعليمية التعلمية .. واللذين بتعاونهم وتكافلهم يمكن أن نصل إلى الهدف المرتجى من التعليم فما من فخر أعظم من أن يرى الإنسان نفسه محاطا بطوق من المحبة الصادقة والاهتمام , . فيقينا ذلك يتركه منتشياً مرتقياً لمستوى الواجب والمسؤولية , وعاكساً الصورة النقية استحقاقا وامتيازا لرسالته المتجذرة في وجدانه.
إن أنظمة نوادي المعلمين والمعمول بها حاليا تتيح المجال لهم المشاركة الفاعلة في جميع أنشطتها .. فبإمكان العودة إلى أنظمتها الداخلية .. والتي صيغت لخدمة الأهداف المرجوة لما يحقق الخير والنفع على جميع منسوبيها ..
فنظام أندية المعلمين ووفق الرؤى الملكية السامية وما أقرته أنظمتها .. يجسد في كل مواده وبنوده روح الديمقراطية الحقّة واحترام الإنسان وحرية التعبير والاختيار المبني على روح العمل المخلص والدؤوب خدمة لرسالة التربية والتعليم
تلك الديمقراطية التي بناها وعززها جلالة المغفور له الحسين بن طلال –طيب الله ثراه- وعلى دربه انتهجها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين – أدامه الله- لتضفي نوعا من الأمان والاطمئنان لفئة واسعة من أفراد مجتمعنا الأردني الكبير بقيادته الهاشمية الفذة ..
ولعل المتتبع للإدارات المتعاقبة على أندية المعلمين يجد الكثير من المبادرات الخيرة لإيجاد القنوات والبرامج التي من شانها تدعيم نهجها الديمقراطي وتفعيل قواعد عمله لاختيار الهيئات الإدارية القادرة على تحمل مسؤولياتها .. فالنظام الداخلي للنوادي يقر بضرورة وجود تسعة أعضاء للهيئة الإدارية بحيث يتم اختيار خمسة منهم بطريقة الاقتراع المباشر من قبل الهيئة العامة .. وممن حصلوا على أعلى الأصوات وتم انتخابهم وفقا لأحكام النظام.. بينما يتم تعيين الأعضاء الأربعة الباقين بكل عناية وشفافية من التربويين النشطين بما يخدم النادي اجتماعيًا ومهنيا .. ليتم انتخاب رئيس الهيئة الإدارية عن طريق الاقتراع أيضا فيما بينهم .. وتوزع المهام وبطرقة تفاضلية مهنية بحيث يوضع الإطار المنظم للبرامج والفعاليات وفق التعليمات العامة المبلغة من الوزارة ورؤى تطويرية خدمةً لأهداف النادي
ومن المعروف أن أعضاء الهيئات الإدارية ليسوا من المتفرغين تماما لأعمال النادي بل أنهم أفراد متطوعين من موظفي وزارة التربية والتعليم ومن مختلف المواقع والمسؤوليات لذا اقتضى الأمر تعيين مديراً للنادي يكون متفرغاً متابعاً للأعمال والمهام الإدارية .
لعلي وضعتكم في صورة بسيطة لمن يقودون بجهد مستنير مسيرة بناء العقل .. لحشد الجهود والإمكانات من أجل تهيئة لقاءات أمثل لهم وأسرهم في ظل تلك المعزوفة الاجتماعية المتكاملة لمجتمع المعلمين لتقوى أواصر المحبة والتعاضد ولتدعيم معاني الولاء والانتماء للوطن وللقيادة الهاشمية .. لفئة جمعتهم روح الوعي والتفاهم والقدرة الفائقة على إقامة جسور حقيقية للتلاقي ووقت خاص لتلاقح الأفكار الطيبة
وفقنا الله جميعا لخدمة وطننا الأردن , هذا المكوٍن الأصيل أصالة حضارته , والوفي على الدوام لتراب أرضه , والمحب للخير لكل أفراده ومكوناته.
للإطلاع على أنظمة نوادي المعلمين على الرابط التالي : http://www.lob.gov.jo/ui/bylaws/search_no.jsp?no=12&year=1995
مع تحياتي لكل الزملاء العاملين والمتطوعين خدمة لتلك النوادي
الكاتب : فيصل تايه
البريد الالكتروني : Fsltyh@hotmail.com