إبتداء ...وبعد ذلك العرض التاريخي والسياسي للعلاقة الأردنية الفلسطينية ...فإنني أستطيع القول بأن الشعب الأردني هو الشعب الأكثر إلتصاقا بالقضية الفلسطينية...ولذلك فإنه يظهر إهتماما خاصا بقضية العرب الأولى .
فلسطين ...الفلسطينيون ... التحرير ... السلام ...اللاجئون ...حق العودة ...الدولة الفلسطينية وغيرها من تفصيلات وعلى رأسها القدس الشريف ...المستعمرات الإستيطانية ...التهجير القسري ...التوطين ...الإستقلال الكامل ...الحدود ...المياه ...الكانتونات ...الصهيونية ...المسيحية المتصهينة ... الممانعة ... الهوية الوطنية ... وغيرها من مفردات ومصطلحات ...وكل منها يحتاج لمجلدات للكتابة الوافية عنه ...هذه المفردات تأكل وتشرب وتنام معنا نحن الأردنيين ...فأصبحت جزءا منها , وصرنا جزءا منها ...!!!
هذا يؤكد ما ذهبت إليه في الجزء الأول من هذا المقال ...وهو أن الأردني يتمتع بحس قومي عال , وعلى حساب قضايا وطنية تتعلق بأدق تفصيلات حياته ومعاناته الكثيرة ...والمتعلقة بطعامه , وشرابه , ولباسه , ولقمة عيشه وعيش أطفاله , وصحتهم ودراستهم وغيرها بالمئات من أسباب ضيق العيش وضنكه ...!!!
ولنا عودة إلى هذه المقدمة في نهاية المقال ...بعد الإنتهاء من تسلسل الأحداث التي قادت لهذا الموضع \" المأساوي \" الذي تسببت به تلك الأحداث ...!!!!
إنتهينا في الجزء الأول عند قرار فك الإرتباط (1988 ) ...وقلنا أنه سبقه الإنتفاضة الأولى (1987 ) ...وبعدها إنتفاضة نيسان 1989 والتي كانت سببا في عودة الحياة الديموقراطية , وإجراء أول إنتخابات نيابية عامة بعد مجلس عام الهزيمة النكراء ( 1967 ) .
وفجأة وبدون سابق إنذار ...ولأسباب لا تستدعي الغزو والإحتلال ...قامت العراق بغزو دولة الكويت , وإحتلالها بتاريخ 1/8/1990 . إنعقد مؤتمر قمة عربي عاجل برئاسة مصر , وأصدر قرارا بإخراج العراق من الكويت بالقوة , وشاركت قوات عربية في الإئتلاف الدولي المشكل من 33 دولة ...وبدأت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة هجومها مع فجر يوم 17/1/1991 ...وكانت النتيجة محسومة سلفا .
إنشطر الجسم العربي لشطرين ... لا زلنا نعيش نتائجه حتى يومنا هذا ...وغلطة الشاطر بألف ويبدو أن الرئيس الراحل صدام حسين تورط أو \" ورط \" في هذا الفعل غير محسوب النتائج , وحقيقة أنني أعتبر غزو العراق للكويت , وإندلاع حرب الخليج \" الثانية \" يوم 17/1/1991 , وهزيمة الجيش العراقي الذي شكل رديفا قويا للدول المحيطة بفلسطين المحتلة ...كانتا بداية الدخول في نفق مظلم لا تعرف نهايته .
قلت أن الدول العربية إنقسمت لقسمين ( مع , وضد العراق ) . حصة الأردن ومنظمة التحرير كانت مع العراق ...مما فتح أبواب الجحيم عليهما , وأخذت الولايات المتحدة موقفا قويا من الأردن , وأوقف مساعداته له ...مما أضطر جلالة المغفور له الملك الحسين للتحرك .(ولقد روى لي أحد مرافقي جلالته أن الرئيس بوش الأب إستقبل جلالة الملك في \" مطبخ \" منتجع كامب ديفيد , مما أغضب جلالة الملك وقرر المغادرة فورا والعودة لبلده وشعبه الذي وقف خلفه في موقفه \" المحايد \" ), والكرامة الأردنية , وكبرياء الحسين يبقيا فوق كل شيء. توقفت كل المساعدات ...ومما زاد الطين بلة أن 95% من الأردنيين من أصول فلسطينية ( ولكنهم يحملون جوازات سفر أردنية ) , تذكروا فجأة أنهم أردنيون ... , وقرروا الهروب من ميادين المعارك المحتملة إلى الوطن الذين لا يعرفون منه أو عنه غير جواز السفر .
كان مجموع العائدين إلى \" وطنهم \" ما يقارب النصف مليون , يحملون في جيوبهم ما قدر ب 11 مليار دولار ..., وكثير منهم أحضر ما تمكنت منه يداه من أغراضه, وأغراض غيره حتى أن أحدهم دخل لمحل يبيع أفخم أنواع الساعات وأغلاها ...فحمل منها فقط لا غير (2000) ساعة ...!!!!
مجيء الأخوة من دول الخليج ومعهم تلك الأموال ...عمل على تحريك النشاط الاقتصادي بشكل كبير وسريع ...ولم يبق شقة , أو دكان , أو مكتب , أو \" بيت درج \" فارغا في جميع مدن المملكة الرئيسة ...!!!!
إن ضخ 11 مليار دولار ويزيد في السوق ضاعف أسعار الحاجيات (3-4) مرات على الأقل ...وخلال فترة بسيطة ...مما تسبب بإحداث شرخ كبير بين المهاجرين والأنصار ...فزاد الأغنياء غنى , والفقراء فقرا ...وبدأت الطبقة الوسطى بالتلاشي والذوبان ...فمن كان يتقاضى راتبا مقداره 400 دينار لا يستطيع تأمين ثلث حاجات عيش كريم ...وقد تعامل المهاجرون بفوقية واضحة مع الأنصار ...وعلى الأخص مع الطبقة الوسطى التي كانت تشكل 60% من السكان ...هذا بالإضافة لعادات وتقاليد إجتماعية كانت مقبولة خليجيا , ولكنها مرفوضة أردنيا ....ونستطيع أن نسميها الهجرة الثالثة للأخوة الفلسطينيين المبتلين بالرحيل الدائم ....!!!!
الخلخلة في البنية التحتية الإجتماعية والإقتصادية أحدثت ما يشبه بالهزة بدرجة 7 على مقياس رختر ...وبدأ الأردنيون بالتساقط تحت خط الفقر وبالمئات ...مما دفع قسم كبير منهم البحث عن \" قواشين \" الأراضي الموروثة من المرحومين الأموات ...وأكثرها أراض مشاع بيعت بأبخس الأثمان , في سبيل تأمين معيشة الأولاد , وتعليمهم , وعلاجهم , وغيرها من متطلبات الحد الأدنى من العيش الكريم ...وهو حق لكل مواطن في وطنه ...وهو ما يعرف في الإسلام ب \" حد الكفاية \" .
خلال الحرب ...قام العراق بإطلاق ( 43 ) صاروخا بإتجاه أهداف محددة في فلسطين المحتلة كنوع من محاولة أخيرة لتغيير إتجاه الحرب ...وهي صواريخ لم تكن تحمل رؤوسا غير تقليدية ... ففتح على نفسه أبواب الجحيم ...ووضع على رأس قائمة الأشخاص المطلوبة رؤوسهم للعدو الصهيوني ...ولكن الولايات المتحدة منعتهم من إستخدام أسلحتها النووية ضد العراق ...بسبب تأثيرها على المنطقة بكاملها ...!!! .
هزم الجيش العراقي شر هزيمة بسبب حجم القوة الضاربة ...وفرض على العراق حصار محكم ...وبذلك أخرج العراق من حساب موازين القوى التي قد تشارك في حرب ضد العدو . وأصبح السوق العراقي المحاصر ساحة لتسويق البضاعة الأردنية الفاسدة , وخلقت طبقة جديدة من أغنياء الحرب على حساب أطفال العراق الذين يموتون جوعا ...والمصيبة أن الذين هربوا من غزو العراق ...أصبحوا تجار العراق المحاصر ...فزاد غناهم غنى ...وزاد عدد فقراء الأردن الذين وقفوا مع العراق في محنته وحصاره ...!!! .
وبذلك ونتيجة للإستعلاء \" الكمبرادوري \"* من قبل تلك الطبقة ...ومحاولتهم السيطرة على السوق ومن فيه ...خلق حساسية من نوع جديد بين قطبي العيش المشترك على أرض الأردن
وهذه الطبقة لا يربطها أي إلتزام وطني , ولا تسندهم قاعدة إجتماعية ثابته , وإنما علاقات مصالح طارئة وإرتباطات متغيرة بحسب تلك المصالح بغض النظر عمن هم \" الضحية \" حتى ولو كانوا المواطنين المسحوقين الذين كانوا ضحية لهم .
هذا الشيء ...ومن الطبيعي أن يحدث شرخا ...وشرخا عميقا بين هذه الطبقة حديثة النعمة معدومة الولاء والإنتماء للوطن كوطن ...وليس كمزرعة خاصة مملوكة !!!!!
لربما أن كثيرين ممن لم يعيشوا تلك الفترة التحولية الصعبة لا يدركون ردة الفعل الداخلية لدى المواطن الشرق أردني الذي وجد نفسه معزولا عن حياة كريمة في وطنه ...لقد كانت ردة فعل قاسية وعنيفة ...وعلى الأخص العسكريين المتقاعدين – من أمثالي – الذين بدأوا التحرك المنظم من خلال تشكيل لجنة وطنية عملت المستحيل حتى ساوت بين رواتب المتقاعدين والعاملين من نفس الرتبة ...والحصول على نفس الإمتيازات !!!!
إنتصار التحالف الثلاثيني على العراق ...رافقه الإنهيار المتواصل لمنظومة الإتحاد السوفيتي والدول الشيوعية ...أخلى الجو الدولي للولايات المتحدة الأمريكية بإعتبارها القوة العظمى الوحيدة والمتفردة في العالم ...جعلها تفكر بإيجاد حل لقضية الشرق الأوسط لخلق منطقة هادئة خالية من الحروب ...فطرح الرئيس بوش مبادرته ...وإنعقد مؤتمر مدريد للسلام حضرته جميع الأطراف في العام 1991 ...وتحت مظلة أردنية قبلت دولة الكيان الصهيوني التفاوض مع وفد فلسطيني ...كانت الإنتفاضة الفلسطينية في أوجها وعلى الأخص في قطاع غزة , وكانت تشكل صداعا قويا لقوات الإحتلال ...وكان الصهاينة يتوقون للتخلص من غزة بأي شكل ممكن يحفظ لهم ماء وجهم .
العرب كانوا يتحرقون لسلام الأوهام ...............
العرب كانوا على إستعداد لفعل أي شيء للتخلص من هذا \" الهم \" الكبير ..............
الفلسطينيون ممثلين بمنظمة تحريرهم بدأوا بالتفكير الجدي على الرغم من إمتلاكهم للسلاح والمال المقدر بين 4-5 مليارات من الدولارات في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات وخاصة بعد أن تركوا لبنان وإستقروا في تونس ...بدأوا وبعد سلسلة من الأخطاء القاتلة بإرادتهم أحيانا وبإرادة غيرهم أحيانا أخرى ...بدأوا بتكريس جهدهم للبحث عن ثغرة يمكن النفاذ منها إلى صلة بالولايات المتحدة قد تؤدي إلى \" تفاوض من نوع ما \" . وهاهي اللحظة قد جاءت علما بأنها لم تتوقف خلال الثمانينيات عن التفاوض السري مع العدو الصهيوني ...شأنهم شأن أي نظام عربي آخر يحاول قدر إستطاعته درء مخاطر المخططات الصهيونية التي تهدد بلده ونظامه ونحن في الأردن لم نكن بعيدين عن مثل هذه الأجواء وعلى الأخص بعد أن خرجت الشقيقة الكبرى مصر من ساحة المواجهة مع العدو المشترك بعقدها معاهدة كامب ديفيد التي سبقتها زيارة السادات للقدس المحتلة وخطابه الشهير في الكنيست في العام ( ) .
فالمال الذي تحتاجه اي ثورة مكدس في الخزائن . والسلاح من كل نوع مكدس في المستودعات , والأفكار والنظريات زائدة عن الحاجة أمام الأمر الواقع ...ولكن حقائق المنطقة والعالم إستراتيجيا وسياسيا لا تنصاع بالضرورة لحكايات الليل في مقاهي بيروت ونواديها , ولا على شواطيء تونس الجميلة , ولا بالرحلات الماكوكية على مدار العام وكل يوم في مكان , وداخل المكان الواحد لا يهدؤون للحظة لأسباب \" أمنية\" !!!!!
وهكذا بقصد أو بدون قصد أصبحت المقاومة الفلسطينية جزءا من العالم السري لأجهزة المخابرات من كل لون ...بما فيها الموساد الذي إستطاع تجنيد شخصيات فلسطينية بارزة وقريبة من صناعة القرار وأسرار العمل \" الثوري \" الفلسطيني ...وأمامنا اليوم نماذج كثيرة عملت عليها أجهزة المخابرات الأمريكية والأجهزة الصديقة لها ...وما هذا التنسيق الأمني الحاصل اليوم إلا نتاجا لجهد من السنوات الطويلة في التربية والصناعة ...فهذا العمل لا يتقنه إلا فئات قليلة محترفة ومدربة ومحضرة ومجهزة لإستلام المواقع الحساسة في ما يعرف بسلطة رام الله ...وهم أزلام \" أوسلو \" , وصانعوا تفاهماتها ومبادئها .
وكما تعلمنا في الف باء السياسة ...فإن عالم السياسة الدولية مثل عوالم البحار والمحيطات . وكل ما فيه سابح في نفس المياه , لكن الأسماك الصغيرة الملونة ( مثلنا ) عليها أن تلزم أقصى درجات الحذر لأن الحيتان السابحة بالقرب منها لا تعرف فكرة الأخلاق أو القانون أو المواثيق أو حتى \" البروتوكول \" !!!!
ملاحظة مهمة :
لقد أطلت ...ولقد ورطت نفسي بالكتابة والتحليل حول قضية تشغل العالم و يجد لها حلا ...وسأقفز سريعا فوق التواريخ والإشارات ...ولكنني أعد القراء الكرام المهتمين بمعرفة تفصيلات أكثر حول منظمة التحرير , وتفاهمات أوسلو ...أن أخصص لهما مقالتين شبيهتين مدعمتين بالوثائق والحقائق ...في مرات قادمة .
وحتى تحين الساعة ...فإنني أستطيع القول وبكل الجرأة الأدبية التي أملكها كشخص وكمحلل بأنها كانت مؤامرة كبرى قادها المدعو \" شمعون بيريس \" وزير خارجية إسحق رابين ...للإجهاض على الثورة الفلسطينية وإنهائها إلى الأبد ...ورط فيها ابو مازن الذي أقنع عرفات وقد حاول الأخير الإلتفاف على شركائه في المفاوضات بالشراكة مع مصر وتحديدا مع : الرئيس حسني مبارك , وزير الخارجية عمرو موسى , المستشار الشخصي للرئيس أسامة الباز , وعمر سليمان مدير المخابرات المصرية . وعند الدخول في التفصيلات لن تصدقوا ما تقرؤوه !!!!
وأخير ...وليس آخرا ....
أعتقد أن حلم الدولة الفلسطينية – كما نريدها – بعيدة المنال . كذلك فإن القدس ستبقى عاصمة دولة الكيان الصهيوني الأبدية – حتى تحرر بالقوة - . سياسة تهويد الدولة التي بدأتها في القدس مستمرة . تسمين المستعمرات الإستيطانية لن يتوقف حتى ولو خرجت والدة ميتشيل من قبرها . الإسناد السياسي والعسكري لدولة الكيان الصهيوني لن يتوقف لأي سبب حتى ولو قام نتنياهو بإحراق البيت الأبيض . الفلسطينيون الموجودون في الشتات وعددهم يزيد عن 5 مليون لن تسمح دولة العدو بإعادة واحد منهم ...وبالتالي سيوطنون في الأماكن المتواجدين فيها وسيعطون حقوقا مدنية وسياسية كاملة وبتمويل أمريكي عربي خليجي عراقي ...وستساعد الدول العربية في هذه المسألة ....شاء من شاء , وأبى من أبى !!!!
ولكن يجب أن نفهم نحن وغيرنا من الدول المضيفة أن هذا الأمر ليس خيارا فلسطينيا ...ولكنه الواقع الذي سيأخذ مكانه على الأرض تدريجيا ولربما خلال العشر سنوات القادمة ...لتوزيع الحصص والمسؤوليات على الدول العربية المانحة والمستضيفة !!!
ويسأل سائل هنا ...وماذا عنا نحن في الأردن ؟؟؟
سؤال مشروع ...إلا أنني قد أجبت عليه بين السطور في الجزئين :
أمامنا خياران : إما الرفض والمواجهة والوقوع في حرب أهلية خاسرة ...ستحول الوطن إلى جحيم وسنصبح عراقا آخر ...وهذا أمر لا يرضاه عاقل ...ولن نسمح به أبدا .
أما الخيار الثاني : فهو القبول بالآخر كما هو أخا كريما عزيزا في بلده أو وطنه الثاني الأردن حتى تحرير الأرض من الإحتلال الصهيوني ...وهي مسؤولية على منظمة التحرير أن تعيدها لأصحابها ...وحل نفسها كاملة لأنها فشلت في تحرير شبر واحد من فلسطين . وعقارب الساعة يجب أن تعود إلى ما قبل مؤتمر الرباط وقراره العتيد 1974 .
عندئذ سيكون لكل حادث حديث . ما يجري على الساحة اليوم من إنقسام عربي وفلسطيني لن يقود إلى نتيجة إيجابية لأسباب يعرفها الجميع وهي تطبخ اليوم على نار حامية .
بقاء الأمور معلقة أكثر من ذلك جريمة لا تغتفر . وتبقى الوحدة الوطنية في بلدنا الحبيب هي الجدار القوي الذي نحمي به ظهورنا من أطماع عدو شرس وقوي ...ويملك أوراقا كثيرة لا نملكها وإن كنا ندعي غير ذلك .
الإعتزاز بالهويتين الأردنية والفلسطينية على حد سواء لا يعيب أصحابه ..لا بالعكس تماما ...وهو الشيء الذي يحفظ حق العودة والتعويض من الزوال .
يجب أن نتعلم شيئا مهما في وطننا الحبيب ...وهو ان لكل شعب خصوصيته ...وعلى كل طرف أن يعرف حدود الآخر ...جميع من يتواجد على الأرض الأردنية تحت القانون وليس فوقه ...مظلتنا الكبيرة هو دستورنا العظيم ...وهو ابو القوانين ...وعلينا أن نفعل نصوصه وأن لا نحاول الإلتفاف حولها لأي سبب .
الهوية الوطنية الأردنية هي هوية ولاء وإنتماء معا للوطن الأردن نظاما , وأرضا , وشعبا ...فمن آمن بالأردن وطنا بهذه المواصفات فالوطن يضعه في القلب ومكانه بؤبؤ العين ...ومن لا يوافق على ذلك ولا يعجبه هذا الطرح ...فالطريق سالك نحو تحرير القدس وبيت لحم ورام الله والخليل ونابلس وطولكرم وجنين وباقي مدن فلسطين الحبيبة التي نعشق كل حبة تراب فيها ...وطبعا فوق كل هذا غزة العز والصمود والفخار والكرامة العربية .
الصمود على الأرض الفلسطينية والتمسك بها مهما كلف ذلك من ثمن وتضحيات هو العنوان العريض لكل ما أردت قوله نهاية هذه المقالة الطويلة ...والتي لن تجد أكثر من 500 قاريء في أحسن الأحوال ...!!!
هذا ...ولقد إكتشفت ان أخبار الفنانين على المواقع الإلكترونية تقرأ 50 ضعفا لأية مقالة منشورة ...والقراء بشكل عام يبحثون عن الخبر المثير والقصير ...خاصة إذا ما كانت \" تنورة \" صاحبة الخبر أقصر ...أو عندما يقرأ عنوانا مثل : \" هل يصبح عادل إمام رئيسا لمصر ؟\" . أو \" فلانة تزوجت من علنتان سرا \" . وغيرها من الأخبار التي بدأت تبتعد عنها فئات الشباب ...فلديهم شيء آخر يفعلونه ...غير قراءة مقال \" ثقيل دم \" مثل هذا الذي أكتبه مع ساعات الفجر الأولى وبعد أذان الفجر الثان .
أود أن أشكر جميع الأخوة والأخوات الذين تداخلوا أو مروا على المقال السابق . ولقد إستفدت كثيرا من تعقيباتهم المهمة التي شكلت إضافات نوعية على المقال نفسه . ولنعود أنفسنا على الإختلاف بإحترام ...وأن الإختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية ...
دعونا نتحاور بمحبة ...يدا بيد نحو وطن قوي معافى خال من الفساد والفاسدين والمفسدين ...دعونا نقف جميعا في خندق واحد دفاعا عن الأردن والحق الفلسطيني ...دعونا نجمع ولا نفرق ...نبني ولا نهدم ...ومرة أخرى دعونا نصرخ في وجه النتن ياهو وليبرمان وغيرهم من غلاة الصهيونية : الأردن عصي عليكم ...لن تقطعوا نهر الأردن العظيم إلا على أشلاء آخر طفل أردني .....
لقد لقناكم درسا قويا في معركة الكرامة ...حتى اصبحت كل معاركنا كرامة في كرامة .
ودرسنا القادم لكم سيكون أقوى وأعنف وأشد ...بإذن وتوفيق من الله تعالى .
فتحي الحمود – الأردن
Fathi.hmoud@gmail.com