زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - لا يبدو الأمر يسيرا كما يتصور كثيرون عندما يتعلق بإعادة تكليف رئيس وزراء الأردن عبدلله النسور للمرة الثانية على التوالي تحت ضغط الأجندة الإقتصادية وحراك الشارع ووجود لوبي مناهض سيتحرك ضد الوزارة الجديدة رغم أنها ثمرة لمنتج جديد إسمه المشاورات البرلمانية.
قبل التكليف وعندما بدأت المشاورات حاول رئيس وزراء سابق الإطمئنان على صديقه وحليفه النسور فكان رد الأخير: لا تقلق..أموري ممتازة فوق.
مفردة فوق مألوفة في الأردن والإيحاء هنا يتعلق بترتيبات من الواضح أن النسور كان يتصورها بخصوص ترجيح عودته للحكم.
بعد التكليف بدت لغة النسور ناعمة جدا عندما أكد بأن جولة مشاوراته حول الطاقم الوزاري ستبدأ من بيت الأمة في البرلمان مؤكدا عدم وجود مساحات 'نفوذ' ضاغطة عليه عندما يتعلق الأمر بوزراء عابرين للحكومات وعدم وجود تصورات معلبة أو جاهزة دون التحدث عن الصعوبات المحتملة.
لكن أي صعوبات محتملة يمكن أن تواجه الرئيس النسور يفترض أن تتحطم على صخرة الإفصاحات التي يدلي بعض النواب المقربين من السلطات بعد التصريح عن جهود بذلت لضمان بقاء كرسي الرئاسة في حضن النسور وتحديدا من مؤسستي الديوان الملكي والمستوى الأمني.
تلقائيا يعني ذلك أن النسور وحتى يفلت من حاجز الثقة البرلمانية يحتاج لإسناد ودعم مؤسسات القرار الشريكة وتحديدا تلك التي قال رئيس الوزراء الأسبق عون الخصاونة خلال المشاورات أنها على شكل حكومات ظل وراء الستارة تؤثر سلبا على مبدأ الولاية العامة.
الإنطباع الذي يروجه حتى نواب محسوبون على السلطة من طراز يحيى سعود ونصار القيسي وغيرهما يشير الى ان مراكز نفوذ الظل في مؤسسة الحكم تحركت لصالح النسور مبكرا فضمنت ترشيحه أولا خلال المشاورات البرلمانية وستساعده في الحصول على معركة الثقة ثانيا.
هذه الأذرع في الواقع لا تتحرك بدون قرار وغطاء سياسي وإذا كانت معلومات النواب دقيقة وصحيحة فالحاجة وخلال الأيام المقبلة ملحة لتفعيل عملية الإسناد للحكومة الوليدة خصوصا من مؤسستي الأمن والديوان الملكي، الأمر الذي يضعف تلقائيا النسور ويبقيه أسيرا لأجنحة أخرى في المؤسسة خارج سياق آلية المشاورات الشعبية.
لذلك يصر الرجل على إيصال الرسالة الأولى لجميع الأطراف متحدثا عن عدم وجود مساحات نفوذ مفروضة عليه.
عمليا لن تتكرر أمام النسور أي فرصة أخرى للعودة إلى موقعه كرئيس وزراء بعد الصيف المقبل رغم أن خطاب التكليف له طلب منه العمل بخطة زمنية قوامها أربع سنوات.
وذلك لا يعني أن النسور الشغوف بالتاريخ وبإضفاء بصمة خاصة على فترته الرئاسية ذات بعد تاريخي سيبدأ أولا وقبل كل شيء بإلتهام حلفاء له في مؤسسة النظام على أساس أن ذلك محطة أساسية لكي يثبت أنه رجل محصلة لخيار شعبي كما يرى نشطاء سياسيون.
أول مهمة يتوقع أن يهتم بها النسور بعد الحصول على ثقة البرلمان ستكون على الأرجح إظهار قدراته على فرض إيقاع جديد في أجهزة الدولة يبدأ بعدم الإرتهان لكل الشركاء والحلفاء الذين قفزوا به رئيسا من بين نخب المؤسسة.
لذلك يتوقع أن يختلف النسور الثاني عن الأول فالرجل شجاع في قراراته الإقتصادية وسيرفع الأسعار بإسترخاء بعدما تحدث مباشرة مع الشعب بالخصوص وعودته نتيجة لمشاورات ذات دلالة 'شعبية' ولديه قاعدة في البرلمان وكثيرون داخل مؤسسة الحكم والقرار سيطمحون بصداقته للبقاء في مواقعهم.
ويتوقع أن يبدأ النسور بفتح بعض ملفات الفساد التي تخص رؤوسا كبيرة لتحقيق تموضع قوي وتعويض فاقد الشعبية بسبب رفع أسعار الكهرباء والإشتباك مع بعض مراكز القرار والنفوذ والثقل وإنتاج مساحات إضافية من الإستقلالية تتضمن توجيه رسائل لكل المعنيين بوجود 'شريف جديد في المدينة'.
القدس العربي