ورشات عمل كثيرة نظمتها الحكومة واشغلنها طويلا في البحث عن وظيفة رفيعة تليق بمقامها وخبرتها وكفاءتها ! فكانت اولى نتائج ورشات عمل الحكومة هي ترشيحها سفيرة الأردن لدى الولايات المتحدة الأمريكية \" لكن \" الإخوة \" الأمريكان ردوا بضاعتنا إلينا ورفضوا ذاك الترشيح لأننا اخترنا مواطنة أمريكية لمنصب رفيع غير أمريكي ! فأصيبت الحكومة بالإحباط لخلو الأردن من رجالات او نساء أخريات قادرات على أداء العمل ! فعادت الحكومة من جديد في البحث عن وظيفة سريعة تنهي فيها حياة الملل وحياة البطالة التي تعيشها معالي الوزيرة سهير العلي التي اعتادت ومنذ سنين عديدة تولي المناصب الحساسة والرفيعة في البلاد بالرغم من الأحاديث الطويلة والتحليلات التي نالت من قدرة المرأة وتبنيها لبرامج غير متوافقة مع ظروف بلادنا فخرجت من الحكومة أكثر من مره ضمن من خرج من طاقم الاقتصاديين الليبراليين الذين زادوا من معاناة البلاد وتحدياتها الاقتصادية والذين لو استمروا بالعمل ضمن تلك السياسة لما وجدت الحكومة مؤسسة واحدة تديرها !
لقد عانت السيدة سهير العلي ما عانته طوال شهور بسيطة أمضتها بانتظار وظيفة تعينها على ضنك الحياة وقسوتها ! مثلها مثل الآلاف من نسائنا وفتياتنا من حملة الشهادات العليا اللواتي وصلن الى سن التقاعد بانتظار الوظيفة ولم تأتي وضاعت جهود السنين والدراسة والغربة والألم والنفقات هباء منثورا ولم يعد باستطاعتهن حتى تجديد طلب التقدم لديوان الخدمة لبلوغهن سن الأربعين ، والخلاف هنا بسيط ، فالسيدة سهير العلي التي تتمتع براتب تقاعدي كبير كان يمكن ان يوفر لها العيش الكريم الى جانب ما استطاعت \" تحويشه \" من خلال توليها لتلك المناصب ، فيما ستعاني سيدات وفتيات المجتمع الأردني ممن لا يحملن جنسية بلاد أخرى من الانتظار لسنوات وسنوات قبل بلوغهن الوظيفة ، ومن ثم سينتظرن قطار الزواج الذي غالبا ما يتأخر وقد لا يحضر لغير العاملات ، فتستمر معاناتهن و ينتظرن لحظات الموت بكل رحابة صدر باعتباره المنقذ لما يعانين من قهر وظلم وجور حكومات أفسدت اقتصادنا ومأسست لفساد وشللية ومحسوبية تلقي بضلالها على أبناء وبنات المجتمع الأردني الذي ضاق صدره بسبب تلك السلوكيات غير الإنسانية التي تخلو من المروءة والعدل ولا يدفع ثمنها إلا أبناء الوطن من العاملين والدارسين وأصحاب الكفاءات والقدرات التي لا يراها أصحاب القرار .
لا ادري كيف ومتى تنتهي تلك المعاناة ! ولا ادري لماذا يتسابق البعض في تأسيس منتديات وجمعيات ومنظمات ذات صلة بالخارج من اجل الدفاع عن حقوق المرأة وحريتها وإشراكها في البناء والاعتمار ومضاعفة دورها في المشاركة إلى جانب الرجل وهم لا يعرفون ولا يتعرفون إلا على بضع من نساء الوطن ممن لا يتجاوز عددهن أصابع اليد الواحدة فقط ممن يمنحن فرص الوصول إلى المواقع الأمامية تكرارا ومرارا ، وكأن البلاد قد أقفرت وخلت من كفاءات نسائية تجعلهن قادرات على أداء العمل المناط بتلك الشلة !
لا أقول ذلك كرها وحسدا من عند نفسي تجاه ألسيده سهير العلي ، وأنا اعلم بقدرتها وكفاءتها ، لكني أقول ان في البلاد عجول و \" ابقار \" قادرة على العمل والإبداع بتفان اكبر ان أردنا ان نحرث الأرض ، لكنهن خارج إطار حسابات الشللية والمحسوبية التي لا تعاني النساء المميزات فقط منه ، بل كل ابناء الشعب .