أن القرارات السليمة في تحديد أعداد الطلبة المقبولين على مقاعد الدراسة في مختلف التخصصات الجامعية هي تلك التي تتخذ مستندة إلى أدق المعلومات الإحصائية من حيث توفر فرص العمل محلياً وفي الدول المجاورة, كذلك نسبة البطالة في كل تخصص وعلى مستوى البكالوريوس والماجستير والدكتوراة والعدد الحالي للطلبة النظاميين في الجامعات,والعدد المطلوب في كل تخصص على ضوء خطة عشرية أو حتى أبعد من ذلك، ونوع الدراسة أو المهنة المتوقع أن يكون الإقبال عليها اكبر في ظل التغيرات الاقتصادية والديموغرافية التي نعيشها ونتوقعها غير متناسين عودة العاملين من الخارج سواء معارين أو غير ذلك. وعليه فمن الضروري أن يقوم كل بواجبه لإتمام هذه المهمة، فالجامعات ليست مطالبة أو مكلفة بجمع وتحليل المعلومات ذات العلاقة وإنما جاءت هذه المهمة من ضمن مهام دائرتين هما دائرة الإحصاءات العامة وديوان الخدمة المدنية.
دائرة الإحصاءات العامة هي المرجع الوطني الموَثِق للمعلومة الإحصائية عالية الجودة. ورسالتها هي توفير البيانات الإحصائية التي تلبي الاحتياجات المتنوعة والمتغيرة لمستخدميها وإنتاجها بدرجة عالية من الجودة ونشرها بمواعيد زمنية مناسبة وبطرق تسهل الحصول عليها بما يساهم في عملية التنمية الشاملة. ومن قيمها الالتزام بالمنهجيات العلمية والمهنية المتخصصة والشفافية والتركيز على احتياجات مستخدمي البيانات. كما وتصدر الدائرة بصورة منتظمة العديد من النشرات والتقارير الإحصائية ذات العلاقة بنشاطاتها في تنفيذ التعدادات والمسوح المختلفة، ومنها نشرة مسح الاستخدام وتقارير مسح العمالة والبطالة ويتم توزيعها مجانا على الوزارات والدوائر والمؤسسات الحكومية والجامعات وهيئات البحث العلمي وعلى الأجهزة الإحصائية في الدول العربية والأجنبية وتزويد أساتذة الجامعات والطلبة والباحثين بنسخ من هذه النشرات أو أجزاء مصورة منها.
بالمقابل فإن من مهام ديوان الخدمة المدنية الاتصال بالدوائر للحصول على البيانات والإحصائيات المتعلقة بموظفيها بصورة خاصة، أو بشؤون الخدمة المدنية بصورة عامة. وترشيح الأشخاص لملء الوظائف الشاغرة في جهاز الخدمة المدنية وبناء وتطوير قاعدة بيانات مركزية وأنظمة معلومات لإدارة الموارد البشرية في الخدمة المدنية واقتراح السياسات ووضع الآليات التي من شأنها زيادة فعالية وكفاءة هذا الجهاز من خلال إعداد الدراسات حول التخصصات العلمية المتوافرة بما يخدم جهاز الخدمة المدنية ويسهم في توفير مؤشرات تخدم عملية رسم السياسات التعليمية.
أما الجامعات فإحدى مهامها هو إعداد وتأهيل المتخصصين في مجالات العلم والمعرفة وحسب حاجة السوق، واعرف الجهات بتلك الحاجة كما ذكر هما دائرة الإحصاءات العامة وديوان الخدمة المدنية. إلا أن بعض المعلومات التي تحتاجها الجامعات غير متوفرة لها بالتفصيل المناسب الذي يمكنها من اتخاذ القرار، فعلى سبيل المثال يطلب من مجالس الأقسام في بداية كل عام دراسي تحديد عدد الطلبة الذين يمكن قبولهم ضمن التخصصات المطروحة, وبكل بساطة يوضع رقم تقريبي غالباً ما يحدده سعة القاعة ، أو القدرة الاحتمالية القصوى لعضو هيئة التدريس.
مثال آخر عند تفكير جامعة أو مستثمر بالتوسع أو التفرع فإن توفر هذه المعلومات يعتبر أمر أساسي وليس ترف معلوماتي يمكن الاستغناء عنه أو التقدم من دونه, وإن حصل وحدث فالعواقب وخيمة والخسائر جسيمة.
إضافة إلى أن خريجو بعض التخصصات حصل ولم يجدوا فرص عمل وكان الأولى بالجهات المعنية إعلامهم بحال تخصصهم بدل أن يتركوا \"سدى\" دون توجيه! أليس ذلك تقصير واضح بحق أبنائنا وذويهم والوطن أيضا؟
أسئلة برسم الإجابة:
أليس من المفروض أن يتم تزويد مجالس الأقسام بنشرات حديثة متكاملة من البيانات ذات العلاقة وإلزامهم بالعمل على أساسها لكي يكون القرار مبني على أسس علمية وعملية؟
أليس اتخاذ القرارات المستندة للأرقام فيه حفظ ماء وجه المؤسسة وإبعاد لها عن التخبط والشطط؟
فهل تأخذ لجنة القبول الموحد علماً بذلك؟
أ. د. مصطفى محيلان