لا ريب في أن المملكة الأردنية الهاشمية ، قد تطورت على مدى الحقبة الزمنية منذ تأسيس الإمارة تطورا كبيرا ، وإنّ نظرة تأمل فيما وصل إليه الأردن تنبئك بذلك ، فضلا عن مقارنتها بدول كثيرة ، إلا إن طموحا كبيرا يعتمل أبناءه للوصول إلى مصاف الدول المتقدمة ، وهذا أمل معقود بنواصي الشرفاء ، على الرغم من المصاعب والعراقيل التي تواجهنا ، إلا إنّ ثمّة وجعا لائبا ما زال يدفعنا إلى تحقيق تفاؤل انعقد على جبين غُرّة الأوفياء ، وهم سائرون على تحقيقه بتوجيهات صاحب الجلالة الهاشمية ورؤاه السامقة . ولا إخال عاقلا يدرك معنى التحدي والأخطار ، فينكر أن الأردن يواجه تحديات تتشعب مجالاتها : فهي تارة سياسية ، وتارة اقتصادية وأخرى ثقافية ، فضلا عن التحديات الأخرى ، إلا إن قيادته الحكيمة ، وأبناء شعبه الأبيّ لا يقفون أمامها وقفة الحائر المتردد ، وإنما يواجهونها بكل صرامة وحزم ، وبكل حنكة ودراية ، وفطنة ودهاء ، فهم بلا شك أبناء ماض مجيد ، يعتزون به ويتغنون به ، ولا يحيدون عنه قيد أنملة ، تربطهم به أواصر قربى ووشائج عراقة ، لذا لا يمكن لليأس أن يتسرب إليهم ، ولو سالت دماؤهم على أسلات الرماح وطارت أجسادهم على أفواه المدافع ، إنهم ماضون ماضون ، وبفارسهم ماضون ، ولا بُدّ أنّهم واصلون بإذن الله ، إلى تلك الضفاف ، ضفاف التقدم والحضارة والرقي والرفعة والشموخ . ومما لا شك فيه أنّ العمل الوطني الجماعي مقرونا بروح المسئولية ، هما من متطلبات كل مرحلة ، ولذا لا بدّ من أن نسعى سعيا حثيثا وجادا ومخلصا من أجل ترسيخ مبدأ العمل الوطني الجماعي المشترك ، فالوطن للجميع ، ومقدراته لأهله ، ومكتسباته لأبنائه ، ورقيّه رقيّ مجتمعه ، ومستقبله منوط بنا ، فلنبن هذا البلد ولنخدم الأجيال القادمة ، فكما قدم السلف لنا يجب أن نقدم للخلف ، وكما قيل : زرعوا فأكلنا ونزرع ليأكلوا ، فحاضر الوطن ومستقبله أمانة في أعناق أبنائه ، وما أجمل أن تجد من يدعوا لك مستقبلا ! وبما أن الوطن هو من منظومة الأمة العربية ، كيانا وعقيدة ولغة ومبدأ وقومية وتحديا وجغرافيا وووووووو، فلا بد من التنبه إلى أهمية العمل العربي المشترك ، والعمل على تفعيل ذلك ، من خلال تبادل المصالح ، لأننا جزء لا يتجزأ من الأمة الواحدة ، ومن هنا يجب على أصحاب القرار الارتقاء إلى مستوى القومي ، لأنه طريق ناجع لتحقيق طموحات كبيرة لا يمكن تحقيقها إلا بالمستوى القومي ، فالوطن العربي غنيّ بطاقاته ، لقد منحه - الله عزّ وجل- كثيرا من المزايا والخصائص ، التي لو فُعلت لتدفق الخير على الجميع ، فمن البلاد العربية ما يتوفر لديه طاقات بشرية ، ومنها ما يتوفر لديه أراض زراعية خصبة ، ومنها ما يتوفر لديه طاقات بترولية ، ووووووو لا غرو بأنّ الأردن قد شهد تقدما ملحوظا على جميع الصُعد ، ولكن هذا لا يكفي ، إذ لا بد من الانتقال إلى سياق التطور بما يتناسب مع متطلبات كل مرحلة ، لا بد من الاعتراف إلى أن العصرنة هي اللغة التي يجب أن تسود ، ولا شك بأنّ لغة العصر هي البحث العلمي المرتبط بتغيرات العصر . ومما هو جدير بالاهتمام حريّ بالأخذ به هو هدم الهوّة أو ما يسميها بعضهم بالفجوة بين المفكرين وصانعيّ القرار ، فالمفكرون والعلماء هم بناة الحضارة وهم بذرة التقدم ، وهم محط الرحال ، وهم سدرة السموق ، وهم روح الرقيّ ، وهم نور السبيل ، لأنّ الفكر النيّر بحاجة إلى أيدي تأخذ به وتساعده على تفريغ ما في عقله إلى ساحة التطبيق . إننا نثق ثقة تامة ، بأن الطموحات والأماني والرؤى والأفكار ، إذا التقت مع المقدرات المتاحة ، ستأتي أُكلها بإذن ربها ، وسنواجه بها التحديات مهما عظُمت . حمى الله الأردن وعاش الملك . بقلم : الدكتور محمود سليم هياجنه hayaj64@gmail.com