منّ يُبعد شبح فقدان الأمل عن أبنائنا الخريجين ..؟؟
كثيراً ما تدمع أعيننا فرحاً حين نرى أماً أو أباً قد ترنمت على وجناتهم عبرة الفرح وهم يرون أبنائهم معتلين منصة التخرج يحتضنون بين أذرعهم شهاداتهم العلمية التي ثابروا بكل جدٍ واجتهاد لنيلها متضرعين لله الواحد القهار أن يفتح عليهم ابواب رحمته ويتمكنوا من الوفاء لذويهم وقفتهم ومساندتهم لهم مالياً ونفسياً طيلة فترة دراستهم الجامعية وما قبلها ..!!
طيلة الشهر الماضي وحتى الأسابيع القليلة الماضية قد طربت مسامع الكثير منا وسرّت خواطرنا لسماع صوت الأهازيج الجميلة التي عبر بها أهالي وأصدقاء أبنائنا الخريجين عن فرحتهم بنجاح وتخرج من يحبون بعد أن أتمّوا متطلبات نيل درجة الشهادة الجامعية " البكالوريوس " التي طالما حلمّوا بها وأولياء أمورهم الذين يرون بهذا الانجاز كحلاً لأعينهم ومنقذاً و بطاقة مرور تنقلهم من حياة " العوّز والحاجة " إلى حياة " الكفاف والاعتماد على الذات " والتخلص من شقاء ومرارة الأيام وقهر الزمان الذي باتت ملامحه اليائسة تطفو على سطح الحياة بعنفوان ممزوجة بقليلاً من عدم فقدان الأمل لما سيأتي لاحقاً ..!!
مستقبل الأجيال الغامض يضعنا على محك التفكر قليلاً بحياة أقل إيلاماً عليهم من الجلوس ووضع الأكف على الخد ، ينتظرون منقذاً يتلوا عليهم بعض النصائح عند خلودهم للنوم لتقوي أجسادهم وفكرهم على " صبر أيوب " وتحسباً لما قد يتسلل إلى أجسادهم من فقدان الأمل للقادم من الأيام ..!!
كنا في السابق كثيراً ما نتباهى بالشهادات الجامعية حتى لو لم نعمل بها ، كان يكفينا أن نزين بها جدران منازلنا ، ولكن الفرق بين الأمس واليوم ، بالأمس كانت أفئدتنا وقلوبنا على بعضناً البعض ، فبركة رب العالمين كانت كثيراً ما تحوم فوق رؤوسنا ، وتيسر لنا أمرنا وتفتح لنا أبواب الرزق على مصراعيها . أما اليوم بات الأمر وكأن بنا ضاليين عن هدى الرحمن ، وكلٌ منا ينهش ببعضه الآخر ، نهتدي بالجاه وكثرة المال الذي اصبح معبود الذين يفقدون الرأفة والرحمة وأكلوا الأخضر واليابس بأطماعهم الدنيوية حتى طارت البركة من بيننا ، و بات اللهاث أمنية غير قادرين على الاستمتاع بها ، ولم يبقى سوى فتات ما تبقى للذين لا حول لهم إلاّ الرضا بالمقسوم ..!!
و كنتيجة حتمية لوجود العديد من بؤر الفساد التي تسود مجتمعنا والتي ساهمنا نحن كمواطنون وأولئك الذين تقمصوا مواقع المسؤولية من إيجادها في هذا المجتمع إثر أطماعنا وإيثار ذاتنا على غيرنا ، وشيوع مفهوم " انعدام الإنسانية والأمن الاجتماعي بين طبقات المجتمع " ...!!
فانعدام العدالة المجتمعية فيما بين أبناء المجتمع وفتح باب العمالة الوافدة مشرعاً على مصراعيه والواسطة والمحسوبيات تغولت وهضمت حقوق العباد الذين لا مولى لهم غير الله سبحانه وتعالى من اللجوء إليه ، زاد من نسب البطالة في مجتمعنا الأردني وأبقت أبنائنا الخريجين دون إنصافهم إسوةً بأقرانهم الذين وجدوا فانوساً سحرياً أضاء لهم طريق الرفاهية والعيش الرغيد ..!!
فـ " البطالة " قد تمثل في بعض الأحيان العتبة الأولى نحوّ " الضياع " ، فهل سيجد هؤلاء الخريجين من يرأف بحالهم وجعلهم منارات جديدة تُشرق علينا بشيء آخر من الأمل والتفاؤل ..؟؟؟ أم أن ذات المصير الذي تعودت عليه جداران بيوتنا وازدانت بشهادات الماضي سيبقى ماثلاً أمام أعيننا ..؟؟
فهذا الجيل يحتاج إلى مساندة وضمائر حية تأويه من الضياع وتأخذ بيدة نحوّ برّ الأمان ، ولأنه أملنا الجميل وأمل أمتنا القادم فلا تبخلوا بمدّ يد العون له علّه ينير لنا درب الحياة من جديد ..!! م . سالم عكور akoursalem@yahoo.com