حاولت جاهدا ألاّ أكتب هذا المقال ...حاولت وجاهدت ضد رغبتي الجامحة بكتابته ، كي لا أنزلق الى المتاهات التي انزلق إليها ( آخرون ) ، كنت أحبهم واحترمهم وأقرأ لهم ... ولكني الآن ، شأني شأن الكثيرين على ثرى الأردن الطاهر ، أصبحت في حيرة من أمر أولئك وهؤلاء ...
ماذا يريدون بالضبط ؟ ولمصلحة من يعملون ؟ وما نوع الأجندة التي يوظّفون قدراتهم الإبداعية في فنّ الكتابة ، لصالحها ؟ وأسئلة كثيرة ، وتساؤلات أكثر تتقافز في ذهني ، ولا أجد إجابات شافية لها ....
إن هؤلاء الذين جندوا أنفسهم لصالح أجندات غريبة عن مجتمعنا الأردني وتاريخه وتراثه ، لا يجمعهم سوى العداء لأحد المكوّنات الرئيسية والجذرية لمجتمعنا ولشعبنا الأردنيّ ... تنازلوا عن كل خلفياتهم الفكرية ومرجعياتهم الأيديولوجية وانتماءاتهم العقائدية ، وجمدوا خلافاتهم السابقة ( وهي بالمناسبة خلافات عميقة جدا ) ، ليقفوا صفّا واحدا متراصّا ضد هذا المكوّن ...
وظفوا كل طاقاتهم وقدراتهم من أجل طعن الوطن والمواطن مستندين الى حجج واهية ( أوهى من بيت العنكبوت ) ، ومكررين مقولات حق يراد بها الباطل ( فقط الباطل ) ، يجترّونها صباح مساء ، لاوين ( من لوى يلوي ) اعناق الحقائق الدامغة والمعطيات الثابتة الراسخة رسوخ الجبال في وطننا الأشم ، غير مكترثين بالنتائج الكارثية التي قد تترتب على طريقة تعاطيهم هذه ....
يعتقد هؤلاء ( واهمين ) ، أن معسكرهم صلب ، وأن من يؤمنون بخزعبلاتهم وتنظيراتهم المريضة قادرين على قلب المعادلة الراهنة بقذف من لا يرغبون ببقاءه معهم الى البحر أو الى أعماق الصحاري العربية المترامية الأطراف .... وأنا لا أعتب عليهم جميعا بنفس القدر ... أنا أعتب فقط على من كنت احترمه واعتبره مرجعا مهما بطرقة تفكيره وتعاطيه مع المسائل والقضايا الوطنية والقومية ...
تراهم يهاجمون هذا وذاك دون وازع من ضمير ... يوزّعون التهم الجاهزة ويرمون الناس بها ، ويطعنون في وطنية الآخرين وانتماءهم الوطني وإخلاصهم لتراب هذا الوطن ... يوقظون فتنة ، لو نجحوا ( لا سمح الله في إيقاظها ) ، لن تبقي ولن تذر ...
تتنوّع كتاباتهم لتشمل شتّى جوانب الحياة ( السياسيّة والإجتماعية والإقتصادية والثقافية .... وتصوّروا ، حتى الرياضية ) ، لدرجة أن الإنتماء الى ناد رياضيّ معيّن في بلادنا ، أصبح ترجمة أمينة للإنتماء الوطني الحقيقي ، بينما الإنتماء لغيره ، أصبح مصدر تشكيك في وطنية الأردني ... أيّ هراء هذا ؟ وأيّة أكذوبة يريدوننا هؤلاء أن نصدّق ؟
والكاتب الأخير الذي كتب عن موضوع الأندية الرياضية ، كاتب يعيش في أمريكا ... حبيبة القلب أمريكا ما غيرها ، ومع ذلك ، كنت من أشد المعجبين بكتابته عندما يكتب عن مدى تعلقه بالأردن وعندما يبدي تعاطفا لا محدودا مع الطبقات الفقيرة و( الغلابى ) في بلادنا ، ولكن كيف بالله عليكم سأبقى أحترم هذا الكاتب عندما يشكك في وطنيتي ووطنية غيري إن لم نكن منتمين الى النادي الفيصلي مثلا ؟ انا لست عدوا للفيصلي ولا للوحدات ، وربما أني لست مهتما بكل انواع الرياضة وخصوصا كرة القدم ، أبهذا أصبح موضع شك كاتبنا العظيم ؟
وموقع الكتروني ( وربما اكثر من موقع ) ، أصبح لا ينشر إلا ما يخدم فكرة التخلص من الحمولة الزائدة من الأردنيين ... فكر استئصالي بامتياز !!! ... ارحموا الأردن والأردنيين يا هؤلاء وأولئك !! ... ارحموا الوطن والمواطن الأردني ... ناضلوا ذلك النضال الحقيقيّ من أجل لقمة عيش المواطن ... من أجل الطبقات الأشد نضررا من السياسات الحكومية الإجتماعية والإقتصادية ... ناضلوا من أجل رفع سوية التعليم ومجانيته ومن أجل تقديم الخدمات الطبية والصحية على أساس التأمين الشامل لكل المواطنين ... ناضلوا من أجل الفقراء والمهمشين والطبقات الكادحة ...
إنّ قبر فكرة ومشروع الوطن البديل ، لن تكون برمي الشقيق في الجبّ ... قبر الفكرة يكون بالتلاحم والتكاتف وفضح المطبلين والمزمّرين والمخططين والمنفّذين لهذا المشروع الخياتيّ... اتركوا الإقليمية البغيضة ، وابحثوا لأنفسكم عن دور وطنيّ إيجابيّ ، دون أن يأخذكم الوهم الى المدى الأبعد ... ربما يكون التراجع الآن أسهل وأيسر مما سيكون بعد أن تعمقوا الشرخ بين المكوّنين الرئيسيين للأردنيين ...
atef.kelani@yahoo.com