في وقت استقوى الجميع على هذا القرار فكل من أراد أن يسجل له شعبية أوغلا طعناً فيه وكأنه هو الوحيد الذي جر الويلات للأمة أو أنه هو حجر العثرة في استرداد ما سلب من الأرض, نعته الكثيرين أن الدسترة منه ببراءة ومن كان في صفه جعله أسمى من الدستور وكي لا نكن هنا أو هناك وإن كانت الأمور واضحة كما هي الشمس حين تتوسط كبد السماء, فإنه لا بد أن نسلسل الأمر كيف كان الارتباط وكيف كان فكه وكيف ما بينهما.
حين كان الارتباط وتنادى له الجميع إلا القليل الذي كان له معارضاً, فاجتمع ولاة أمر طرفي النهر حين كانت الحياة تدب فيه وفي منطقة أريحا وكان الاجتماع ونودي بالمغفور له الملك عبدالله الأول ملكاً على الضفتين, وكان نتاج ذلك أن كانت المجالس النيابية والتي أتت على اثر انتخابات نيابية في الضفتين وتوالت فكلما انتهت دورة جاءت أختها. حتى كان عام 1967م حيث كان احتلال جزء من أراضي المملكة الأردنية الهاشمية ألا وهي الضفة الغربية ومدد للمجلس القائم أربع سنين أُخر، دليلاً على أن الأردن لم يكن في باله أن يترك الضفة الغربية ويرفع يده عنها في ذاك الوقت, وكان جل همه استعادتها ومن أول أولوياته ولم يفكر بغير ذلك, وكانت الكرامة التي وضع بها حد للغطرسة الإسرائيلية وإلغاء مقولة الجيش الذي لا يقهر وإن أنكر ذلك نفرٌ الجحود طبعاً لازمهم, كانت منظمة التحرير الفلسطينية قد رأت النور قبل ذلك وكانت ترنيمة الجميع وكلما جاء ذكرها استكثر أن يكن للأردن دور في الضفة هي أولى به واقصد هنا المنظمة, وكانت الدولة الأردنية لا تلقي لكل ذلك بال لأنها تعرف أن ما تفعله هو الصواب بعينه, وجاء انتهاء صلاحية التمديد للمجلس النيابي وتعذر زوال المانع لإجراء الانتخابات ولم تفكر الأردن بسحب يدها عن الضفة الغربية وشؤونها ولهذا جمدت البرلمان وكانت الأحكام العرفية وبقي الحال هكذا حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً وكانت قمة الرباط 1974م وتلتها فأس وجاءت من بعدها الجزائر والتي أصر فيها الجميع على الأردن أن يرفع يده عن الضفة الغربية ويتركها لأصحابها من خلال ممثلها الشرعي ألا وهو منظمة التحرير الفلسطينية, ووافق الأردن على ذلك حتى لا يقال عنه أنه من شرخ الصف العربي, فكان قرار فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية والذي صفق له الجميع حين ألقاها صاحب الجلالة المغفور له بإذن الله الملك الحسين بن طلال رحمه الله في خطابه المشهور, لم تكن الحكومة في ذاك الوقت في حجمه وعجزت عن أن تتلقف الرسالة الملكية هذه وتضعها ضمن قانون, وتدعو مجلس النواب المجمد ليقول كلمته في ذلك, وان كانت حكومة دولة احمد عبيدات قد أسست لها ما تستند إليه وهي تلك البطاقات التي عمل بها قبل أن يرى القرار النور بخمس سنوات وها هي تؤدي نتائج مذهلة بعد ردحاً من الزمن, لو قامت الحكومة في حينها ما يجب عليها أن تقوم به ما رأينا هذا التطاول على ذاك القرار وهي صنيع أمة العرب وإلحاح منظمة التحرير وقبول أبناء القضية به وجاء به الأردن على مضض.
كل ما سبق ما له من القصيد من شيء وإنما بيت القصيد أنه حين يكن هناك قرار صحيح فإن كل ما يبنى عليه مثله وإن كان العكس فإن ما يبنى عليه يماثله, كيف بنا القول أن قرار فك الارتباط غير دستوري وهو الذي أدى لإعادة الحياة لمجالسنا النيابية التي تعطلت حين كان الارتباط قائم, فكيف بنا نجري انتخابات نيابية وتفرز لنا نواب أمة يقع على عاتقهم إيجاد قوانين ترسم مسار الحياة للوطن, إن كان قرار فك الارتباط دستوري فكل ما تم انجازه فهو كذلك, وإن كان قرار فك الارتباط غير دستوري فكل ما جاء من بعده باطل لأن القاعدة معروفة وهي ما بني على باطل فهو باطل.
لكل هذا فإن قرار فك الارتباط هو دستوري لأنه جاء من رأس هرم السلطات الثلاث ومنها التشريعية, وإن قصرت الحكومة في واجبها في ذاك الوقت ولم تكن بحجم الموقف, فكيف تفتح باب الانتخابات النيابية للمملكة الأردنية الهاشمية ولم تقفل باب عطلت به الانتخابات من قبل لأن هناك جزءٌ محتل اجمع العرب أن له ولي أمر غير الأردن, وعليه فإن عودة الحياة النيابية في العام الذي يليه ولم يتحدث أحد من أبناء ذلك المجلس عنه بشيء هو إقرار ضمني باعترافهم به, هذا ما وددت أن أقوله لمن يخرج علينا بين فينة وأخرى بحجج واهية إن كل ما أتى به هذا القرار ليس من الدستور بشيء, والله من وراء القصد.
Ali_abosakher.jo@hotmail.com
00962777407470