زاد الاردن الاخباري -
خالد عياصرة – خاص - تحدث عن المخابرات وقال الحقيقة، تحدث عن الإخوان وقال الكثير من الحقيقة، تطرق إلى قوى الشد العكسي وقال أكثر من الحقيقة، تحدث عن فئه تسيطر على العشائر الاردنية تتسم بالطفيلية والمتسلق، ووصفها بما وصفها وقال كل الحقيقة، في مقابلته مع مجلة Atlantic الامريكية.
أين الخطأ في ذلك ؟
المقابلة، التي اثارت من اللغط أكثر ما تضمنته من أفكار، سيما وأنها – اي المقابلة - لم تسئ لأحد، هذه الحقيقة أساسية للبناء عليها، دون الاعتماد على أساليب الإثارة المتبعة في تجييش الشارع الأردني، سيما وان الرأي العام لم تصله ترجمة امينة للمقابلة، فصحفنا ومؤسساتنا الاعلامية، صادرتها ولم تعترف بمضامينها، الا بما يخدم اساليبها القائمة على التكذيب المحتوى لأنه لم يتناسب مع رؤى قادتها، هذا يعني تكذيبا للملك بكل ما قال، للأسف هذا زاد من منسوب الشك واللغط، فمن المسؤول عن ذلك.
لو دققنا الى طبيعة التعامل مع المقابلة لوجدنا "الاغلب" نظر لها كأفيون، لابد من منعها، ولا يجوز ترجمتها، حيث تركت كل مضامينها، لتصب حمم غضبهم، على الصحفي Jeffrey Goldberg اليهودي الصهيوني الداعم لإسرائيل ، دون أن يسأل هؤلاء أنفسهم، لما ركزتم على هذه، مع أن الرجل كان زائرا مرحب به من قبل جميع من يهمه الأمر منذ اعتلى الملك عبد الله العرش. ألم تكتشفوا أن الرجل يهودي وصهيوني وعميل وخطر، الا اليوم.
أن كان ما جادت به أفكاركم، بعد كل هذه السنوات، اكتشفتموه اليوم، فتلك مصيبه لا تغتفر .
المقابلة بثت رسائل عديدة أهمها :
1- رسالة للداخل : تؤسس لنظرية قطع الطريق على التيار الوطني الأردني والفلسطيني، تمهد للدور الأردني في الضفة الغربية .
2- رسالة للخارج : الملك شفاف في نظرته لطبيعة الحكم، لكنه لا يستطيع التغيير، جراء قوة منظومة الفساد وقادتها.
هنا مكمن الخطورة، وما تبقى مجرد مساحيق تجميليه لا أكثر ولا اقل .
فمثلا استخدام الملك للفظة " الديناصورات " أخذت حملت على الأكف باعتبارها إساءه للعشائر الأردنية، مع أن الحقيقة غير ذلك، كونها جاءت كوصف للقاء أحد المسؤولين في الدولة، والذي خرجت ضده الكثير من المظاهرات بسببه، الذي ينطبق على هذه الشخصية ينطبق على مثيلاتها، هذا أولا .
ثانيا: الحقيقة المرة تقول: إن عشائرنا مازالت تحمي الفاسدين، تفتح صدرها لهم، تدافع عنهم، مع علمها المسبق بفسادهم. هؤلاء يعتبرون قادة رأي وعشيرة، بقدر ما يجلبون من منافع لها، دون ذلك لا أحد يعترف بهم.
لننظر مثلا للمتهمين بقضايا الفساد الكبرى، لما لا تستطيع الحكومة الاقتراب منهم، من منا يذكر المظاهرات التي خرجت للاعتراض على إدانة أحد الشخصيات الأمنية، أو تلك التي خرجت دفاعا عن أمين عمان السابق، أو مسؤولي مصفاة البترول، وغيرها.
اذن كيف لنا أن نطالب بتغيير الواقع، ونحن لا نؤمن بإسقاط هؤلاء !؟.
كيف نطالب بالتغيير و "البعض" يصر على تفعيل ادوات الجاهات، وتطييب الخواطر ؟
في قرارة النفس يعترف الأغلب منا أن " الديناصورات " استغلت لعقود العشائر الأردنية لصالحها، امتطتها ومازالت، ابتزت النظام على ظهرها وما تعبت، بل الأدهى والأمر أنها تقوم بتوريث هذه الوظيفة لأبنائها وأحفادها، باعتبارها قدر مكتوب للابد.
لنكن صريحين، ماذا لو قام الملك بإسقاط هؤلاء عن كراسيهم، واستبدلهم بجيل شاب، لا يؤمن بالابتزاز، والاستغلال؟ من يدافع عنهم في هذه الحالة ؟ وهل يُدعم الملك في خطوته، أم ستخرج مظاهرات تطالب العشائر بحمايتهم؟
في عين السياق اختلف مع يروج أن الملك أخذت تصريحاته وحملت مالا تحتمل، بحيث صنعت مغالطات أفقدت المقابلة اهميتها وأساءت له وللدولة، داخليا وخارجيا. مع أن الملك يقصد كل حرف تلفظ به، وهو يعي ما يقول.
البعض يعتبر تصريحات الملك تسئ للدولة الأردنية خصوصا ما تعلق بآرائه الشخصية ببعض رؤساء الدول – اردوغان، الأسد، مرسي - لهؤلاء نقول: الذي يحكم علاقات الدول المصالح الا الآراء حتى وإن كانت صادرة عن قادة الدول.
لننظر مثلا إلى تصريحات اردوغان النارية ضد اسرائيل وقادتها، أأعملت على قطع العلاقات التجارية مثلا بين البلدين، هل أنهت المعاهدات الاستراتيجية بينهما.
اتفقنا أم لم نتفق مع مقابلة الملك الأخيرة كان لابد من التعامل معها بعقلانية لا تقوم على المظاهرات وتجييش الشعب، بقدر ما تقوم على نقاش وتحليل خير الطروحات من شرها.
ختاما: أكاد أجزم أن الكثير ممن خرج في المظاهرات والاعتصامات الأخيرة، لم يطلع على المقابلة، ولم يكلف نفسه عناء قراءتها، والتفكير بمحتوياتها.
خالد عياصرة
kayasrh@ymail.com