رغم أن خيار تعديل حكومة الرئيس أضحى مطلبا منطقيا للشارع العام ، إلا انه يبدو جليا أن الرئيس سمير الرفاعي يحاول الابتعاد أو إرجاء التعديل الحكومي إلى ابعد مدى ممكن ، رغم توقعات أو متطلبات المرحلة الملحة ، وأقول ملحة لان الشارع العام شكل حالة قد توصف بأنها احتقان مزمن يستدعي البتر ل بعض الوزراء ، بالإضافة إلى أن المعلومات التي تتسرب من هنا وهناك تشير إلى تنافر وعدم تناغم داخل مجلس الوزراء وهو مسوغ آخر للتعديل ، وهذا يعنى عزف بعض الوزراء بشكل منفرد أو استفرادي واتخاذ نهج انفصالي أو معارض لقرارات مجلس الوزراء الأمر الذي يستدعي عملية البتر .
ليس من حقي الدخول كثيرا إلى سويداء قلب الرئيس سمير الرفاعي الابن لان قراءة القلوب تحتاج إلى حلاج الأسرار الذي قتله التجديف ، لكنني اقرأ فنجان الحكومة وطالعها واستشرف الطقس السياسي بصفتي راصد جوي ومراقب لتقلبات الجو وتحولات التلبد ألغيومي وليس الغيبي ، وهنا من الممكن أن اقرأ إمكانية سقوط المطر وأين سيسقط .
وبالعودة إلى عنواني \" التعديل بين سمير الأب والابن \"وحتى لا اتهم بالإسهاب والإطناب والتهويل والتضخيم ولكي ابتعد عن تهمة العنوان الجاذب والبياع والجماهيري فإنني أحاول أن أقرا تخوفات الرئيس ، يبدو لي جليا أن الرئيس يحاول الهروب من خيار التعديل الحكومي واللجوء إلى أية خيارات أخرى مهما كانت صعوبتها وكلفها السياسية والاقتصادية والاجتماعية .
وينطلق الرئيس في ابتعاده عن خيار التعديل وله أسبابه ومبرراته المنطقية المتعددة ، وبالمقارنة مع حكومات سابقة ، نجد أن رؤساء سابقون أكثر حصافة من الرئيس واحكم منه وفي زمن اقصر من عمر حكومته ، وفي معالجتهم لقضايا اقل خطورة وابسط من القضايا التي واجهتها حكومته ، فروا إلى خيار التعديل وحلوا أزمتهم على مشجب وزرائهم ، لكن الرئيس في حالته لا يتجه إلى خيار التعديل رغم أهميته وإلحاحه مهما بلغ السيل وقد \" بلغ السيل الزبى وجاوز الحد الطنبين \" من حيث استياء الرأي العام ، وهنا أنا لا اعرض رأيي الشخصي بقدر ما اصف حالة الشارع وارصد وجهات نظر الرأي العام المطروحة على مساحة الإعلام الداخلي والخارجي وقادة الرأي العام .
واعتقد أن الرئيس مسكون بعقدة ووحي حكومة الأب ، إذ إن المعروف لدى كل وزراء الرفاعي الأب ومراقبي حكومته ، انه أجرى مدفوعا عددا من التعديلات لحكومته ، لكنها لم تشفع في إطالة عمر الحكومة بل أن عملية الترقيع والشد شدة واستئصال الترهل التي أجريت لها لم تجد نفعا ! وكانت عاشت عمرها الافتراضي كغيرها من الحكومات في الأردن \"فأعمار حكوماتنا في الأردن بين السنتين والثلاثة وقليل منها ما يجوز ذلك \"،بل قال بعض المطلعين أن حكومة الرفاعي الأب تعرضت لمؤامرات عديدة منها مؤامرة التعديل التي ما شفعت لها عند الشارع العام بل وأضعفتها كثرة التعديلات ، وبالبناء على هذا المنطق يبتعد سمير الابن عن خيار التعديل من باب \" امسك بالملعون لا ييجي العن \" ومن منطلق العمر الافتراضي للحكومات ينأى بعيدا عن التعديل بالإضافة إن الحصول على اللقب والدخول إلى نادي الرؤساء قد تحقق فهو الغاية عند الكثير من المترفين وحسب . يعتقد الكثيرون أن استحقاق المرحلة بالتعديل أصبح واجبا بل لازما خاصة أن بعض الوزراء منوا بإخفاقات كبيرة
حتى صدقت مقولة \" رجل الحكومة بمائة وخمسين ألف رجل \" ، وان استبعاد خيار التعديل مطلقا لا ينفع بشيء
أن لم يزيد الأمور سوءا لان إبقاء خيار التعديل بابا واسعا يخرج قطيعا من الجمال في غاية الأهمية لأنه يحفز الفاعل والعامل من الوزراء ليقدم ألمزيد بينما يتيح الفرصة للعاجز عن العمل ليختار الراحة والجلوس مع زوجته وأبنائه في منزله .
وبالنتيجة يستند الرفاعي الابن على جبل خبرة الرفاعي الأب مع الفارق الكبير من حيث تسامح الرفاعي الأب مع خصومه السياسيين وعفوه عنهم مع قدرته على معاقبتهم وإقصائهم في قضايا عادلة ، وتوفر فرصة هدم مستقبلهم السياسي ، الذي لو بادأهم لما توفر لهم فرصة ما وصلوا إليه الآن ، مع إنني استبعد ما يعتقد به البعض من أن الرئيس الرفاعي الابن يدير الحكومة بأسلوب وطريقة إدارته لدبي كابيتال و يسعى الى تصفية خصومها !