كان لإعلان مجلس النواب في توصياته للحكومة اعتبار اقليم الشمال " منطقة منكوبة " الكثير من الحسرة والألم على الأنفس في هذا الأقليم الصابر على كل الشدائد التي عصفت به عبر الزمن الغابر والمعاصر المعاش ، وقد سقطت هذه " التوصية " علينا كحدّ السيف من لدن مجلس النواب السابع عشر عبر توصياته بحق أبناء الشمال ، عبارة نشتَمُّ بها معنى " التسول " على ظهورنا وطلب الرأفة بحال أبناء هذا الإقليم الذي كان ولا يزال طيّ النسيان ، ولم يجد نظرة جادة لإخراجه من دائرة التهميش التي مارستها كل المجالس والحكومات السابقة عليه في كل مناحي الحياة ..!!
فلم يقتصر تجاهل إقليم الشمال على الظرف الآنيّ باستضافة أشقائنا السوريين فحسب إثر ما المّ بهم في موطنهم الأصلي من قتل وتدمير وتهجير قسري وكان الشمال الأردني ملاذهم الوحيد بعد الله والسبّاق في ترك أبواب مضافاته مشرّعة لأخوته السوريون على مصراعيها ، فهذا الإقليم لا زال به الكثير من نشامى ونشميات غيارى على الوطن كانوا قد عاهدوا الله والسلف الصالح والأجداد على أن تبقى صفات الطيب والكرامة وحسن الملقى والضيافة هي علامة فارقة وزاد كل من لجأ إليهم ضيفاً كان أو ذي مطلب ، فلضيوفه دوم صدّر البيت ولهم عتباته بالرغم من وجود بعض الأنفس الجشعة القليلة التي تتاجر بآلام البشر ..!!
ولكن فيما لو قارنا التوزيع غير العادل من الحكومات المتعاقبة بين الأقاليم الأردنية لكان إقليم الشمال الأقل حظاً عن غيره من الأقاليم الأخرى وبكل النواحي التي من شأنها تخفيف الحمل الثقيل الذي يقع على عاتق أبنائه من مسؤوليات جسام في ظل ظروف قاسية ومتعبة جسدياً وفكرياً .. وفيما لو استثنينا وجود الجامعات التي تقبع على خارطة هذا الإقليم لكان الأمر أشدُّ سوءً مما يعيش الآن ..!!
فسياحياً .. يزخر هذا الإقليم بالعديد من المواقع التاريخية والتراثية إضافة للمواقع الهامشية التي تتمتع بجمال وطبيعة خلابة وتشدُّ الناظرين أو الزائرين الباحثين عن قليلاً من الهدوء بعيداً عن صخب الانسان والروتين الممل .. فلو أحصينا وعلى سبيل المثال الفنادق أو المرافق السياحية المتواجدة في هذا الإقليم تكاد تكون صفراً إلى جانب ما هو موجود في الأقاليم الأخرى التي دائماً ما يكون التركيز الحكومي عليها . لا نعترض على ما تقدمه الحكومات للأقاليم الأردنية الأخرى ، فهذا من أدنى حقوقها في الإهتمام الحكومي وستظل قطعة من جسدنا الواحد ، ولكن الجسد يتكامل أيضاً ويتجمل بنشاط كل أعضاءه بالكامل ..!!
فالسياسات الحكومية التي جعلت من الحبيبة " عمان " تتمتع بكل مقومات الجمال والأنفة ، وباعت العديد من مقومات الوطن الاقتصادية في جنوب الوطن وتجاهلت الشمال الغني برجاله الأوفياء لهذا الوطن من أن توفرله ما يقيه عواصف الزمن كما يعيش الآن ، هيّ حكومات ذات نظرة سطحية غير بعيدة المدى لا ترى أبعد من أخمص قدميها . فالشمال يزخر بنوع آخر من المقومات والجمال لم يتمتع بها جنوب الوطن أو وسطه ، ولا يحتاج سوى نظرة تأمل من لدن الحكومة ووضع اقتصاده على أجندة الحكومة بصورة جادة لا سطحية كما كانت في السابق .. فعروس الشمال الأردني تنتظر من يحافظ على طرحتها من التلوّث وبقائها نقية على الدوام ..!!