زاد الاردن الاخباري -
اعتاد رئيس الوزراء الأردني الاسبق عبد الرؤوف الروابده على استثمار المناسبات الاجتماعية وتحديدا مراسم الخطبة والزواج عند ابناء الطبقة العليا في المجتمع للادلاء بخطبة قصيرة تعزز الوحدة الوطنية او ترسل رسائل سياسية في اكثر من اتجاه. ولا تخلو اي جاهة عرس او خطبة من عبارات هادفة واحيانا حادة عندما يتسلم الروابده تحديدا المايكروفون لكي يخطب العروس باسم اهلها او ليمثل طرف اهلها فيعلن الموافقة على طلب الجاهة التي يحرص كثيرون على ان تضم سياسيين ورجال دولة من المستوى الرفيع. مؤخرا وقبل ايام برزت مداخلة سياسية بامتياز خلال احتفال خطبة وزواج لابن احد الاثرياء تقدم بها رئيس الوزراء الاسبق عبد الكريم الكباريتي فوسط حضور نخبة عريضة من اهم السياسيين والرؤساء تمنى الكباريتي على "كبير الجلسة" وهو الرئيس الاسبق احمد اللوزي المبادرة لتحريك مبادرة يخطب فيها عروسا لنجله وهو من اشهر العزاب السياسيين وذوي المناصب الرفيعة ناصر اللوزي الرئيس الحالي للديوان الملكي. الكباريتي بطبيعة الحال وهو مقل جدا في الظهور بالجاهات والافراح ونادرا ما يحضر قرر عدم تفويت فرصة الادلاء برسالته السياسية فتحدث عن ثلاثية الرئاسة والتعاسة والسجن مشيرا الى ان الشخص يمكن ان يكون اليوم رئيسا وغدا تعيسا وبعده حبيسا في اشارة واضحة لتقولات وملفات الفساد التي تبرز بين الحين والآخر. ومن المرجح هنا ان مثل هذه المناسبات التي يحضرها السياسيون باعتبارهم وجهاء في المجتمع تحولت عن مضمونها التقليدي واصبحت اكثر من مجرد طقس اجتماعي فحضور السياسيين المكثف لاحتفالات الخطبة والزواج باسم نخبة من اعرق العائلات والعشائر ينتهي على المستوى الفردي بتوجيه رسائل قصيرة لمن يهمه الامر ويمكن المتخاصمين سياسيا من التلاقي واحيانا التصالح. وفي الجاهة المعنية بأحد ابناء كبار رجال الاعمال لوحظ بأن الكباريتي اشار لثلاثيته بعد فترة صمت طويلة دخل فيها الرجل بعد محادثة جانبية مع رئيس الوزراء الاسبق نادر الذهبي لكن هذا النوع من الجاهات اصبح بديلا عن الاعلام وتحمل مسؤولية التصريح بالنسبة للكثير من الراغبين في التعليق على مسار الاحداث. وحتى الساسة الداعون للحداثة والاصلاح يتوقفون اجباريا على محطة مثل هذه المناسبات الاجتماعية لاستثمارها وتوظيفها ولا يستطيعون تجاوزها. وقد سبق لرؤساء سابقون بينهم علي ابو الراغب وطاهر المصري وفايز الطراونة ان اشتكوا من كثرة الضغوط التي تمارس عليهم لحضور جاهات من هذا النوع وطلب العرايس داعين الى الاكتفاء بالوجهاء الاجتماعيين في مثل هذه الحالات والمهام، فيما يبدأ الروابدة طقوس الخطبة او الجواب عليها بالعادة عبر الاشارة الى ان ما يقوم به هو المصير الطبيعي لاي سياسي او رئيس حكومة سابق. لكن الخلط بين ما هو سياسي وما هو تقليدي عشائريا اصبح الية مفيدة تلجأ لها مؤسسات الحكم والقرار في بعض الاحيان لاحتواء ازمات حادة ومتوترة وهو ما حصل مؤخرا لاحتواء التوتر الحاصل في مدينة الكرك جنوبي البلاد. هنا شكلت نخبة السياسيين ورجال الدولة والجنرالات المتقاعدون من ابناء مدينة الكرك "جاهة عملاقة" جالت بين منطقتين وعشيرتين لاحتواء ازمة حادة اشغلت الجميع الاسبوع الماضي وتمكنت هذه الجاهة السياسية النخبوية فعلا من توفير سكة لحل معضلة انتهت بمقتل وجرح العشرات مع حرق منازل وتشريد العائلات. وفي هذا الاطار ضمت لجنة الجاهة رئيس البرلمان الشهير عبد الهادي المجالي احد اهم زعماء منطقة الكرك والرئيس الاسبق فايز الطراونة وشخصيات بارزة اخرى بينها وزير الثقافة الاسبق سمير الحباشنة وسلسلة طويلة من الوزراء والنواب والجنرالات السابقين من ابناء محافظة الكرك الذين لفتوا الانظار عندما اكرموا بعضهم البعض ونزعوا فتيل فتنة بين ابناء عشيرتين وقدموا بذلك خدمة كبيرة للجميع. ذلك يكرس القناعة بان اهمية حضور السياسيين ورجال الدولة للجاهات والتقاليد الاجتماعية تتجاوز اقتناص لحظة لايصال رسالة باتجاه المساهمة في مساعدة الدولة لحل مشكلات حيوية. والثابت ان كثرة تذمر رؤساء الحكومات سابقا من حضور الجاهات والمناسبات لا تؤدي لاحتجابهم.
القدس العربي