بقلم: الداعي بالخير
صالح صلاح شبانة
Shabanah2007@yahoo.com
يحكى أن المنطق والحظ كانا سائرين في سيارة ، وفجأة فرغ خزان السيارة من البنزين في منطقة نائية ، وسارا على أقدامهما لعل سيارة تلحق بهما فيصعدان ، ويكملان مشوارهما ، وسارا حتى أنهكهما التعب وأدركهما الليل ، فاقترح المنطق أن يبتعدا عن الشارع ، ويناما في منطقة أمنة ، تحت شجرة كانت موجودة ، ولكن الحظ اعترض ، إذ يمكن أن تمر سيارة فلا تراهما ، وتذهب عليهما الفرصة ، وعليهما النوم في منتصف الشارع ...!!!
ولمّا كان المنطق يقتضي خطأ الاقتراح فذهب ونام في مكان آمن تحت الشجرة ، فيما الحظ استلقى ونام في منتصف الشارع ، وفجأة جاءت سيارة مسرعة ، وتفاجأت بجثة على الشارع ، فارتبك وحاول تلاشيها ، فخرج عن مساره واصطدم بالشجرة فقتل المنطق الذي كان نائما ، ونجا الحظ من الموت المؤكد .
ويقول البعض أن النجاح حليف العمل والجهد ، والنجاح يغمس بالعرق والكفاح ، ولكن الحظ هو سيد الموقف ، وكم من أصحاب الشهادات العليا ، حملة الماجستير والدكتوراه في كل مجالات العلوم والآداب يعملون تحت أمرة تيس محظوظ ...!!!
وكم للتيوس المحظوظين حكايات نجاح خارقة أتى بها الحظ فركبوا موجة الثراء والبذخ ، فيما الذين يعرقون ويكدحدن ، يقطف تيوس الحظ حظهم من الحياة ...!!!
مرة أحد الحمقى من أولي الحظ كان يحقق مرابحا خيالية من وراء التجارة ، وهو من الكوفة ، حتى أنه تمنى لو يخسر مرة في تجارة ، فأشاروا عليه أن يأخذ التمر من الكوفة إلى البصرة ويبيعه هناك فيخسر ويحقق أمنيته بالخسارة ، فأخذ التمر من الكوفة وذهب ليبيعه في البصرة ، فصادف أن موسم التمر في البصرة كان سيئا ، فباع هناك وربح ربحا خياليا ، وهو ذهب ليخسر ..!!!!!
ويقال : إذا رميت المحظوظ في البحر لتقتله ، يخرج إليك وبيده سمكة ..!!!!
فالحظ يغلب المنطق ، ويغلب العلم والمعرفة ، ودائما هو إلى جانب التيوس ، فيستعبد العلماء ويأكل السوق ، وقلما يتخلى الحظ عن التيوس ، وإن حدث فيلقي به في مهاوي الردى ...!!!
ويقال في المأثور الشعبي أن : (قليل الحظ بلاقي العظمه في الكرشه) ..!!!
وقد لا يروق للبعض هذا الكلام ، ويقول لك أن الجهد والعرق هما سبب النجاح والحظ خرافة تعشش في عقول البلهاء ، وأنا أقول عن أهمية ذلك ، ولكن الحظ هو الشرط الرئيسي ، فإذا انتفى الحظ سقطت كل مبررات الكسب والنجاح ، والمثل العربي المأثور يقول : (درهم حظ خير من قنطار شطارة) ، وأنا طوال حياتي وأنا أجاهد وأكافح في الحياة ، ولكنني كأني لم أفعل شيئا ، لأن الحظ يعاندني ويمد لي لسانه ..!!
وما أقوله واقع أعيشه ولا ادعاء أزعمه ...!!!
الحظ رفع أناس وغير مجرى التاريخ ، وهو من ترتيب القدر وليس للإنسان دخل فيه ، فمثلا كان ابن أنديرا غاندي ( ...) ، والذي لأهميته عند الهنود يكنى بـ (عجل الهند المقدس) ، لأن أمه أنديرا كانت تلقب بـ (بقرة الهند المقدسة) ، يناضل من أجل خلافة والدته ، في حين كان أخوه راجيف ليس مهتما بالسياسة ، وحدث أن مات (.....) بحادث طائرة ، فقفز راجيف إلى مكانه ، وورث عرش أمه ، ولو بالانتخابات ، ولكنه حدث ، والحظ هو الذي أوصل راجيف إلى الحكم ، مع أنه لم يسعَ إليه ، وهذا ما حدث مع آل الجميل ، حيث كان بشير الجميل الذي انتخب رئيسا للبنان ، هو المشغول بكرسي الرئاسة ، في حين لم يكن شقيقه الأكبر مهتما بذلك ، وحدث أن اغتيل بشير وقطف أمين الثمرة الناضجة التي رماها الحظ في حجره ، ونفسه ما حدث في سوريا ، حيث كان باسل الأخ الأكبر يتشبث بالرئاسة ويعمل لأجل وراثة أبيه ، ولكن الله شاء أن يموت باسل في حادث ، وما أن أغمض الأسد حافظ عينيه ، حتى جلس الأسد بشار بمكانه ، وهو كان يتمنى ويعمل ليكون طبيب عيون ...!!!
ولو أردنا ضرب الأمثلة على ضربات الحظ ، وكل نجاح كان الحظ سببه لطال بنا الحديث ، ولعل ما ذكرت يفي بالموضوع ، ويبرهن على الحكاية ...!!!!!