كل إنسان له طموح وأهداف يسعى لتحقيقها سواء كانت على المستوى الفردي أم الجماعي وتختلف الوسائل لتحقيق تلك الأهداف من مستوى لآخر.
وكذلك المؤسسات الصغيرة المتمثلة بالأسرة والمتوسطة (الشركات وغيرها) والكبرى(الدول والحكومات) والغاية من تلك الطموحات جميعها وعلى كافة المستويات بلوغ القمة بتحقيق الأمان والاكتفاء والنجاح للفرد داخل الأسرة والمؤسسة والدولة.
وإذا ركزنا النظر نجد أن لا وجود لاثنين يتشابهان بالفكر فكل منا له بصمة خاصة به تتوافق ببعض الأمور وتختلف بالأخرى, وإذا ضيقنا دائرة الحصر نجد أن الإنسان بحد ذاته لا يتشابه مع نفسه فحديث العقل يختلف عن همس القلب وهوى النفس ويكون بالنتيجة النهائية الحكم للعقل فمتى تدارس الإنسان كافة المواضيع بعقلانية وعاطفة مرنة لم يدع مجالا للشك بان تدخل الهواجس والأهواء في قراره النهائي.
تضارب الأفكار واختلاف وجهات النظر أمر صحي وليس أمر يدعو للاستغراب ولكن ما يدعو للاستنكار والتعجب هو وضع قوانين وأسس لا تطبق إلا على فئة واحدة دون الأخذ بالاعتبار الأخرى كأن يقوم رب الأسرة في المؤسسة الصغيرة بوضع قوانين تسير عليها باقي أفراد الأسرة دون الالتزام شخصيا بتلك القوانين بحيث يكون فوق القانون , وكيف السبيل إلى تحقيق الأمان في ظل نظام استبدادي لا يكون على احترام آراء الغير فلا يتحقق شرط العدل والإنصاف للوصول إلى النجاح الذي نسعى إليه.(أحب لغيرك ما تحب لنفسك).
الوضع نفسه ينطبق على المؤسسات المتوسطة(الشركات والنقابات وغيرها) فكيف سيتم تحقيق الأمن والنجاح في ظل سن قوانين تدعو للديمقراطية ليسير عليها العاملون ولا يقوم بتطبيق تلك القوانين من هم في أعلى سلم الإدارة ولا يسمحون بإعطائهم الفرصة للصعود بالرغم من الكفاءات والجهد بل تنحصر الحوافز والترقيات في فئة معينة تخضع لكثير من الأحيان إلى المحسوبية لا للكفاءة, وتنحصر ببعض النقابات بالترشّح للعضوية لإعداد قليلة مخلّفة كم هائل من منتسبيها بلا أي حق للوصول إلى أهدافهم وطموحاتهم وإحداث التغيير الايجابي المطلوب, فهنا تنتفي الغاية المرجوة من تلك المؤسسات بتحقيق الأمن والأمان والنجاح ( وكأنك يا أبو زيد ما غزيت).
أما المؤسسات الكبرى (الدول والحكومات) فهي الشريحة الأوسع التي لو ما تحقق بها العدل والمساواة والإنصاف بين كافة أفرادها لعاشت حياة الغاب والغوغاء وكانت هدفا سهلا لمخططات وأطماع كثيرة تستهدف وجودها , فالأنظمة جميعها التي تسير عليها تلك الدول من المفترض أن تحقق التوازن بين كافة مواطنيها في الحقوق والواجبات داخليا وتحقيق العلاقات الطيبة والتعاون المشترك والأخذ بمبدأ الحوار الهادف البناء الذي
\" إذا قيل فعل \" ورد الظلم والعدوان بكافة الطرق المشروعة خارجيا على مستوى الإقليم ودول العالم كافة.
العديد من المطالبات لتحصيل الحقوق لبعض الفئات حيث كانت الأولوية دائما للمرأة والطفل, فقد قامت مؤسسات وجمعيات وأفراد برغم الصعوبات خلال العقود القليلة الماضية والى الآن بالمناداة والمطالبة لتحقيق الأمن والاكتفاء لتلك الفئات التي عُرِفتْ أنها عاشت مهضومة الحقوق في ظل غياب تطبيق العدالة وتكافؤ الفرص التي هي في الأصل مرجعها الشريعة الإسلامية السمحة والتي كرّمت جميع أفرادها ولكن بعض العادات الدخيلة والمتأصلة التي هي أشبه بالحياة الجاهلية كانت قد هضمت تلك الحقوق وخصوصا \"المرأة \" في ميزان عدالة غير متوازن كفّته غير متساوية ومعصوب العينين لا يرى إلا باطلا.
في وقتنا الحالي ازدهرت مجتمعاتنا وتطورت وتم إقرار القوانين وتوقيع الاتفاقيات الكثيرة التي تضمن الحقوق سواء للمرأة أو الطفولة وكل هذا بفضل جهود متداخلة من السلطات والمنظمات والجمعيات المعنية بالأمر وبكافة أفراد المجتمع الذين يتمتعون بمستوى من الوعي مما كان له الأثر في تحسين مستوى التعليم والصحة والحياة الاقتصادية والاجتماعية للكثير من تلك الفئات ولكن .....!
في ظل الانشغال في طبقة مهمة جدا (المرأة والطفولة) ولا يستطيع احد الإنكار بأنها من أهم الفئات فهي نصف المجتمع وغد الأمة – إلا أن هناك فئة هُضِمَتْ حقوقها وسط هذا المهرجان والازدهار , تلك الفئة حُصِرَتْ بين \"لاءات\" كثيرة وممنوع أكثر وبين \"نعم\" للتغريب والتجهيل وفقدان الذات بالرغم من الثقافة والتعليم , تلك الفئة هي الشباب والتي تعد النسبة الأكبر في المجتمع فكما هو معروف أننا مجتمع \"فتي\" بالتعداد السكاني وبنسبة التعليم فقد احتللنا مراكز متقدمة بين باقي الدول, ولكن توجيه هذا الكم من الشباب المثقف الوجهة الصحيحة البعيدة عن التهميش وعدم الاهتمام هي مهمة من ؟ متى سيكون هناك دور لاحتواء تلك الفئة ووضعها في منظومة موجّهة تعلم حقوقها وواجباتها وتوجهاتها ووضعها في مراكز قيادية لخدمة أنفسهم ووطنهم , فقد انحصر دور البعض منهم في مجالس للطلبة في الجامعات بلا أي دور فعلي في المجتمع , بلا أي حق لهم برسم حدود السياسة الداخلية والخارجية , دون وجود تنظيم خاص يؤطرهم للنضج السياسي بشكل يراعي انضباطية وديمومة العملية الأكاديمية والتي تمكنهم من أن يكونوا أصحاب قرار كونهم الجزء الأكبر والأكفأ من النسيج الاجتماعي , مع مراعاة أهمية المجلس الأعلى للشباب وكافة الأطر التي ساهمت في تنميته.
لم نسمع يوما عن تأسيس حزبي خاص بالشباب يستطيع من خلاله كل إنسان تجاوز الثامنة عشر بالانتساب إليه لوضع فكر وآراء ومتطلبات هذه الفئة وإيجاد ذوو الكفاءات منهم للعضوية وتَصَدّرهم ليكونوا رأس الهرم الذي يستحق التحدث وطرح المشكلات وإيجاد حلول التي تتناسب مع الجميع , فنحن بحاجة لدم عربي أردني متجدد مثقف هادف متمسك بتراثه وأخلاقه للنهوض بالأمة.
لم لا يمكننا اعتبار أن كل إنسان راعٍ وكل راعٍ مسؤول عن رعيته , فالشباب(رجالا ونساء) قادرين على تحمل المسؤولية وهم أمل الأمة ومستقبلها.
فلنكن عونا لهم بغرز لبنة الأساس لتكوين قاعدة صلبة للنهوض وتطوير البلاد قبل أن يتمكن أعداؤها وأعداء العروبة والإسلام من الالتفاف حولهم كما هو حاصل وواضح , ومحاولة بث روح الفرقة والاختلاف عن طريق وسائل عدة وأخطرها الانترنت وتغريب للفكر والأخلاق التي تدعو إلى الانحلال والاهتمام بكل ما هو فارغ لا يؤتي بنتيجة ايجابية.
فلتكن كلمتنا واحدة وقلوبنا واحدة ونطالب بتأسيس حزب موحد للشباب يستهدف تأطير شؤونه الشاملة وفق القانون الأردني ليشكل إطارا مرجعيا تنظيميا مركزيا للتنمية السياسية والاجتماعية والثقافية لفئة الشباب والتي تعبّر في الحقيقة عن كتاب التكليف السامي فيما يتعلق بالشباب.
فهل تجرؤ أيها الشاب ؟ وهل تجرئي أيتها الشابة أن تمدوا أيديكم لبيعة تأسيس حزب شبابي وفق الدستور والقانون وتكون كلمة الحق هي الفاصلة ؟ انتظر الجواب.
Enass_natour@yahoo.com
http://enassnatour.maktoobblog.com/