قبل أيام قليلة كنت مع الساخر ( كامل النصيرات ، أبو وطن ) في محفل ثقافي ــ صالون الرصيفة الثقافي ــ تحدثنا واستمعت له بإصغاء عندما قرأ عدة مقالات ساخرة ، وفي نهاية اللقاء قدم لي هدية كتابين من كتاباته ( نكشة راس ع الأصلي ، وتنفيس ) ، غادرنا كل في طريقه ، وصلت بيتي في ساعة متأخرة من الليل ، حاولت النوم لعلي أحظى بساعات قليلة من الراحة بعد يوم عمل شاق ، عيوني خذلتني وهي تبحث عن شئ تنشغل بها ولم توفق ، أسعفتني ذاكرتي بوجه النصيرات ، تناولت الكتاب الأول ــ الذي اهدانيه ــ وفي نيتي أن أشغل نفسي بتصفح بعض المقالات بطريقة عشوائية ، أحسست بشئ يشدني إلى النصيرات والى قراءة كتابه ــ الذي أصبح كتابي ــ فتحته من الجلدة وبدأت القراءة ولم استطع ترك ( كتابي ) إلا بعد أن أنهيت قراءة الجلدة الأخيرة .
شدني النصيرات لكلماته وما وراء الكلمات وفي كل مقال كنت أرسم الصور الذهنية المتتابعة الدائمة الحركة لبطل كل مقال ، عشت الأحداث كما هي بكامل تفاصيلها وتجولت في عمان وأزقتها وحواريها ( سقف السيل ، سوق الجمعة ، سوق البالة ، وشممت رائحة الطز الأول مرورا بالثاني والثالث وليس انتهاء بالطز العاشر ، تناولت أكثر من حبة بوظة ، وشربت برميل من عصير الليمون اللاسع ، ودهنت ما تبقى من رغيفي بصطل من الشوقالاطة ، ووشمت على يدي أحرف كثيرة ، زرت مركز الشرطة ، وهربت من المهدي المنتظر ، ولعنت في سري وعلانيتي كل أنواع القهر والجوع والمصاري ) . ورغم كل ما عشته فقد كنت سعيدا لبراءة طفولتي ــ التي ليست لي ــ والتي تقمصت أدوارها بمهارة ، فرحة الطفولة العفوية الصادقة رغم جوعها وقهرها وظلمتها ، عشت مع النصيرات حافي القدم وعاري الجسد حتى بلا جوارب ( مخزوقة ) .
هو البطل الذي أدمن أن يتخوزق وإذا لم يجد خازوقا يناسبه ــ على قد مقاسه ــ فإنه لن يبيت ليلته هانئا مطمئنا ،
هو ( ناقص هزيمات ) الذي يفضحنا كل يوم ويبين لنا أننا عرايا ولو تدثرنا بالحرير ، ناقص هزيمات ما زال يجلدنا بعدد حروف كلماته التي كتبها والتي لم يكتبها بعد ، ما زال يدق فينا الخازوق تلو الخازوق ، وكل خازوق لا يتناسب مع مقامه يتكرم علينا به لنتخوزق بكل أريحية . ناقص هزيمات لقد أصابنا الإدمان وجلودنا ما زالت تحكنا رغم بلادتنا .
( كامل النصيرات ، ناقص هزيمات ، أبو وطن ) نحن نشبهك تماما ــ وإن اختلفت تقاطيع سحنتنا ــ ما زلنا نبحث عن وطن لا نكون فيه عطشى وجوعى وعرايا ، نبحث عن وطن بلا مخفر أو رقيب شرطة بلا قهر بلا ظلم بلا حرمان ، نبحث عن وطن بلا دموع والآم ، عن وطن لا يجبرنا أن نتخوزق كرها وغصبا وبلا إرادة منا .
أبو وطن عندما نجد ما نبحث عنه سأبحث لك عن كروز دخان ( موركري ) وسأشتري لك جوز جرابات جديد وسأقسم لك أنه غير مخزوق ، وإن لم أجد ( الموركري ) قسما سأهديك سيجارا من هافانا لتعرط أمام الناس على كيفك ،
أبو وطن ولأن قلبك سعة الكون وأكثر سأهديك أجمل الخوازيق التي أدخرتها منذ طفولتي لأشاهد ملامح بسمتك وبدايات ضحكتك بعد أن تركب طقم أسنان جديد ،،،، ( كامل أو ناقص أو أبوبغداد أو أبو وطن ) أحببتك جدا .