زاد الاردن الاخباري -
بسام البدارين - حرص الرئيس الفلسطيني محمود عباس لأسباب مفهومة على توقيع سريع وغير علني قبل أكثر من شهر على إتفاقية القدس الشهيرة التي تكرس ولاية دينية للعاهل الأردني على الأماكن المقدسة في مدينة القدس.
حرص عباس على السرية وصل لحد عدم وجود معلومات لدى طاقم مكتب الرئيس حول زيارة خاطفة سيقوم بها لعمان على متن مروحية أردنية أرسلت له بسرعة.
وإقتصر الوفد المرافق لعباس في هذه الزيارة التي أثارت بنتائجها الكثير من الجدل على وزير الأوقاف الفلسطيني محمود هباش وطاقم حراسة عباس الشخصي.
لذلك وفي عمان فوجىء عباس بوجود عشرات الإعلاميين والصحافيين لتغطية الخبر وعبر عن إستغرابه قبل أن يتبين بأن عمان تحتاج لأغراض تخصها لهذه التغطية.
عنصر المفاجأة في المسألة وعدم تقديم شروحات مسبقة لتوقيع الإتفاقية دفع الكثير من دوائر التحليل للربط بين الإتفاقية التي تضع الإشراف على المواقع الدينية كاملا بين أحضان القصر الأردني وبين مشروع إندماج كونفدرالي كان عباس قد كلف وفدا ثنائيا لدراسته ووضع تصورات بخصوصه.
كلاهما الرئيس الفلسطيني والعاهل الأردني حسب مصدر دبلوماسي غربي مطلع تحدث لـ”القدس العربي” يخشى أجندة إسرائيلية وأمريكية ضاغطة جدا عليهما في اللحظة الأخيرة، الأمر الذي تطلب من الطرفين وضع إطار فكري وسياسي لتصورات محتملة تدرس مسبقا أجندة العلاقة الأردنية الفلسطينية مستقبلا وتضع إحتمالات وتتكهن بفرضيات.
ثمة عدة أدلة على هذه “المخاوف” المشتركة أبرزها الموقف الأردني الذي برز على هامش زيارة الملك عبد الله الثاني الأخيرة لموسكو حيث خاطبت عمان الرئيس الروسي بوتين معربة عن تطلعها لدعمه في عملية السلام بالشرق الأوسط.
حاول كثيرون تفكيك رموز الطلب الأردني الذي يبدو غريبا من أحد أهم حلفاء واشنطن للقطب الثاني في العالم.
التفسير المرجح حسب مراقبين هو وجود مخاوف في عمان تطلبت الإستعانة باللاعب الروسي وهي مخاوف مرتبطة على الأرجح بعملية السلام وإحتمالات فرض تصورات على الأردنيين والفلسطينيين.
بعد حادثة موسكو زار الرئيس الأمريكي باراك أوباما المنطقة وتوقف في عمان وتل أبيب ثم تفرغ وزير خارجيته جون كيري للطرفين وبدأ يمهد لإطلاق عملية مفاوضات شاملة لم تعرف أو تحدد أسرارها بعد.
في الأثناء رصد رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور وهو يتحدث على هامش مأدبة عشاء أقامها له عضو البرلمان الدكتور حازم قشوع عن رغبة أوباما والأمريكيين بأن تسير عملية المفاوضات بين إسرائيل وفلسطين بقدر الإمكان بعيدا عن وسائل الإعلام وفي القنوات الدبلوماسية والسرية وفي إطار من الكتمان.
النسور لم يقل في نفس المناسبة بان هذا الحرص على الكتمان في ملف عملية السلام من الجانب الأمريكي يثير إرتياب عمان ويوحي بأن طبخة ما تتحضر.
لذلك يقال في أوساط وزير الخارجية الأردني النشط ناصر جودة بان الأردن ينبغي أن يكون مستعدا..لكن لماذا تحديدا؟.. لا أحد يعرف في الواقع.
وثمة من يقول في أروقة القرار الأردنية بأن وضع تصورات ذات بعد ذاتي ووطني مفيد في هذه المرحلة على أمل المساهمة في صناعة الحدث بدلا من الإستسلام لأي سيناريو يأتي من واشنطن أو تل أبيب.
هذه النظرية على الأرجح هي التي تدفع المؤسسة الأردنية للتفاعل خلف الكواليس مع الحوار التفصيلي بعنوان الكونفدرالية المنتظرة الذي تخوضه بضوء أخضر من رام ألله وعمان مجموعتان سياسيتان يقود الأولى بإسم الفلسطينين رجل الأعمال منيب المصري ويقود الثانية بإسم الأردنيين نجم إتفاقية وادي عربه الدكتور عبد السلام المجالي.
معلومات “القدس العربي” من المجموعتين تشير إلى توصلهما لوثيقة مكتوبة وكاملة التفاصيل وهي ورقة مطروحة على الشعبين والقيادتين وتتضمن تفصيلات متعددة للشكل الإجتماعي والسياسي والتشريعي المقترح لإقامة نموذج يمكن تسويقه شعبيا لعلاقة بين الأردن ودولة فلسطين الناشئة.
كل المعطيات قبل ذلك كانت تشير إلى ان العاهل الأردني لا يرغب بالتورط بأي مشروع له علاقة بالقضية الفلسطينية والضفة الغربية.
وتشير أيضا إلى أن عمان حتى اللحظة متوجسة من فرض أجندة محددة على صعيد القضية الفلسطينية مباشرة بعد إنطلاق التسوية النهائية التي يبدو أنها تقترب للملف السوري.
لكن الأحوال يبدو أنها تتغير الان فعمان تحمست لإتفاقية القدس وبدأت تتشابك مع التفاصيل والتصورات ويفترض أن يحسم اللقاء المرتقب خلال ساعات بين الملك عبدالله الثاني وأوباما بصورة مركزية حجم ونوع ومستوى الدور الأردني.
وبالتوازي تتوسع قناعة الأردنيين بان تسوية مباغتة وخاطفة للقضية الفلسطينية قد تقفز إلى واجهة الأحداث بسرعة بمجرد الإتفاق بين روسيا وواشنطن على ما يسميه مراقبون بالتسوية الكبرى في سوريا وهو سياق يتفق مع بعض جوانبه المراقب العام لجماعة الأخوان المسلمين وهو يتحدث عن إهتمام أمريكي بإسرائيل فقط وليس بأي شيء أخر.
على جبهة رام الله يبدو عباس مستعدا لقفزة كبيرة في إتجاه ترتيب مستقبل العلاقة مع الأردن على هامش إطلاق عملية المفاوضات الشاملة.
عمان بدورها تتقدم ببطء نحو العملية وبإرتياب وتخشى على حد تعبير أحد الوزراء تسونامي المشروع الكونفدرالي إذا ما جلس الفرقاء على طاولة التسوية الشاملة في سورية.
القدس العربي