لا يكاد يخلو مجاس من مجالسنا هذه الايام من النقاش في موضوع الوطن البديل , حتى أصبح هذا الموضوع يطغى على موضوع الوضع الاقتصادي , ومنفذا آخراً من منافذ الهجوم على الحكومة وسياستها , على اعتبار انها تستحق الهجوم عليها بسبب او بدون سبب , حتى اذا تطرقنا الى بعض الامور التي حصلت وما زالت معلقة , مثل السؤال عن مكان وجود وزير الزراعة , وماذا حدث بقضية الاختلاسات ؟ او حتى مهازل وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي ؟ , حتى شدك الحضور بقوة وعنف الى موضوع الوطن البديل , رافضين تغيره والابتعاد عنه , ولعلهم او فعلا هم على حق , لانهم جميعا يجمعون على انها نقطة التحول الأهم بتاريخنا كأردنيون , او على رأي بعضهم المسمار الاخير .
مما قرأت , ومما سمعت , ومما شاهدت وجدت ان بعض الامور , وبعض الملاحظات بخصوص موضوع الوطن البديل , حيث قبل الخوض فيه , يتمنى الكاتب أن يلفت انتباهكم اليها وبإيجاز شديد :
اول هذه الامور : هي من هم المواطنون الذين يتحدثون بموضوع الوطن البديل من داخل المملكة الاردنية الهاشمية وسنجد بكل بساطة انهم :
1- الاردنيون من اصل اردني ( ويضاف اليهم الاردنيون من غير الفئة الثانية اللاحقة )
2- الفلسطينيون : وهنا ينقسمون الى :
أ- اردنيون من اصل فلسطيني
ب- فلسطينيون مقيمون في المملكة ) مع الاخذ بعين الاعتبار الفلسطينيون خارج اللملكة ممن يشملهم القرار )
وحقية الامر يا اعزائي وهذا عكس ما كان عليه الوضع والحال قبل عشر سنوات مضت , حيث كان الوحيدون الذين يتحدثون بهذا الموضوع وبكل قوة هم الفئة الاولى وبالرفض القطعي طبعا , وكانت الفئة الثانية دائما لا تحب الخوض فيه , وإن أُجبرت تتبع مبدأ سكن تسلم بصنفيها , اما الان فمن الملاحظ وبقوة ان الامور عكست , حيث اصبحت الفئة الثانية هي التي تفتح الباب , وتخوض الامر وبكل قوة , واصبحت الفئة الاولى تتجنبه , وتبتعد عنه , لاسباب عديدة ومتنوعة , ولا تخلطوا سادتي الكرام بين مقدمة مقالتي بخصوص عدم خلو مجالسنا من سيرة الوطن البديل وبين عدم رغبة الفئة الاولى أعلاه من الخوضو فيه , لانه سادتي مجالسنا متنوعة , وفيها من كل قطر اغنية , وبطبيعة الحال وبما انني أشرت على ان الموضوع يفتح ويخاض فيه حوارات ونقاشات , فهذا تلميح مني قوي ان الفئة الاولى أعلاه مغلوبة على امرها .
اعود سادتي الكرام لاكمل ملاحظاتي على الموضوع , حيث ندخل الى الى نتائج الحوارات وخاتمة المجالس التي نخرج بها في نهاية كل جلسة , ونبدا من الفئة الثانية , حيث وللامانة وبكل موضوعية , من سابع المستحيلات ان نجد اتفاقا بينهم , او حتى تقارب في وجهات النظر , ولا بأي حال يمكن تقسيمهم الى مع او ضدد , لان الذين ضدد غير متفقين على اسباب الضدد , والذين مع كذلك الامر , حتى انك عندما تنفرد بفرد واحد منهم , تجد تقلبا في الراي و الموقف في كل فكرة تطرح او نقاش يدار , ولعل هذا الامر طبيعي وليس لنقص فكري او انتقاصا والعياذ بالله , لان مجرد فكرة وطن بديل واقصد هنا كلمة بديل , بحد ذاتها تكون كفايروس او جرثومة , تخربط الكيانات , وتلخبط العقول , مهما كبرت العقول وتنوعت مداخلها , فما بالكم بالمواطن البسيط , اعانه الله فلوقع هذه الكلمة على الفكر تاثيرا مميتا , لانه بالنهاية تتحدث عن بديل لفلسطين الحبيبة , حتى ان بعضهم قال لا نقبل بديلا لفلسطين حنى لو كانت فلسطين نفسها , لذلك نجد ان الاخوة الفلسطينيون في الاردن بفئتيهم , لا يرضيهم اي راي تعطيه , او موقف تتخذه , حتى اذا صمتنا , فسر صمتنا وحمل على ما هو ليس به , وان قال احدنا لا افهم الموضوع , لم يسلم ولم يكفيه جهله النقمة.
اعود الى بكم الان الى الفئة الاولى , الاردنيون من اصل اردني , وبكل وضوح وصراحة , نراهم في اي حديث او حوار او نقاش , يخرجون متفقين على نقطتين رئيسيتين , والغريب ان النقطتين متناقضتين متعارضتين :
1- انهم يرفضون فكرة الوطن البديل جملة وتفصيلا , وانهم مقتنعون ان الموضوع يجب ان يطرح للنقاش من اساسه , لانه لا بديل لفلسطين ولا يمكن ان يكون الاردن بديلا مهما كانت الظروف والمتغيرات .
2- النقطة الثانية التي يتفقون عليها جميعا , هي نقطة تعارض النقطة الاولى , ان الاردن وبدون اعلانه وطنا بديلا , قد اصبح فعلا وطننا بديلا , وان الفلسطينيون بجميع فئاتهم , اصبحوا مواطنون اردنيون , او على وشك , وان واقع الحال في الاردن وفي كل الاصعدة والاروقة , لا يمكن التخيل مجرد التخيل انه يمكن ان يتم مناقشة اي موضوع يتعلق بالشان الداخلي , بعيدا عن الفلسطينيون من الفئة الثانية اعلاه , حتى في مجلس الامة , تعيننا او انتخابا , حتى في مجلس الوزراء , المؤسسات العامة الكبرى , وطبعا القطاع الخاص الاهلي , لا غبار عليه ولا مجال للاختلاف فيمن يتحكمون به .
اذا ايها الكرام , نرفض الفكرة , ولكننا نبصم بالعشرة انها ما بقي من تطبيقها الا اعلان اسمها , حتى تشاهد المثقف في حديثه عن الوطن البديل , يشرح ويفصل ويشهر سيفه معارضا محاربا رافضا لفكرة الوطن البديل , فإذا صمت ليشرب الماء, نساله : وماذا بقي من فكرة الوطن البديل لم يطبق للان ؟؟؟ , اجاب وبسرعة : لا شيء مجرد اعلان اسم الوطن البديل .
طبعا يجب ان لا ننسى او نتناسى موضوع من سيتخذ هذا القرار , وكيفية تشكيل التركيبة التي سوف تعلن تطبيق فكرة الوطن البديل , ومن هم الذين ستحملون وزرها ويحاكمهم التاريخ سلبا او ايجابا , ولكن واسمحوا لي ان اعطي راي المتواضع البسيط بعد طول عناء في الحوار والنقاش والحديث , وبصفتي اردني من الفئة الاولى , انا اعلن عن قبولي بفكرة الوطن البديل , ولن اضع شروطا لها , ولا يهمني من سيقود مسيرة تطبيقها , لانني تعبت , وارهقت , حين اتحدث يصاب العالم بالطرش , وحين اريد الاستماع , يتحدث العالم بالشيفرة , لم اعد افهم عليهم , ولا يفهمون علي , ومثلي كثير , ولاننا كشعب اردني وصلنا الى مرحلة الحضيض , وتحققت اسوا مخاوفنا , وراينا علامات قيامتنا الكبرى قبل الصغرى , فما يضرنا ان يصبح اردننا بديلا , لاي شعب ولحل اي قضية كانت , حين لا اجد قوت يومي , ولا انام مطمئن البال متاملا مستقبل جيدا لابني وابنتي , وحين اتاكد انني هالك لا محالة , حين نصبح اغرابا في بيوتنا , وبين اهلينا , حين يصبح اخر الشهر موعد استلام الراتب , اكثر فترة نتعرض فيها الى السكتات القلبية والتجلطات الدموية , ويصبح لزاما علينا ان نحمل مميعات الدم , وحبوب الضغط في جيوبنا , عندما يكون هنالك فرقا وتعارضاً بين الاردن أولاً وبين الاردني أولاً , عندها نكون نضحك على انفسنا حين نقول : لن يكون وطننا بديلا لاحد , فما ضير الشاة بعد ذبحها السلخ .
بقي في البال فكرة واحدة , هي ليست شرطا لقبول الوطن البديل والعياذ بالله , وانما مجرد فكرة بسيطة , لا مانع ولا ضير من تطبيقها ان امكن , وهي فكرة انه في حال تم الاعلان عن الاردن وطنا بديلا , هل من الممكن ان يتم اعتبارنا اقلية , وان يتم تطبيق القوانين الدولية المتعلقة بالاقليات في العالم , وهل من الممكن ان يتم الاتفاق على حقوقنا كاقلية , وان نأخذ الضمانات الكافية للالتزام بتطبيقها وتنفيذها , لا اعلم ما هو الراي القانوني الدولي ولكنني سمعت ان هنالك قانونا بخصوص هذا الموضوع .
ملاحظة قبل الختام :
ترى لو عاد تيسير السبول وبعث حيا , هل سيؤكد لنا السبب الحقيقي وراء رفضه ؟ وترى هل سيكون نفس السبب الذي اقتنعنا به طوال ال 43 عام مضى ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
حازم عواد المجالي