تشير مصادر مؤكدة الى ان عدد طلاب الطب الاردنيين في كل من اوكرانيا واليمن بلغ حتى نهاية العام الماضي نحو خمسة الاف طالب
، وهو ما يعادل نصف عدد الاطباء الممارسين للمهنة في الاردن وفق تقرير نقابة الاطباء لعام 2009 ،هذه الارقام بازدياد مضطرب بسبب رخص تكاليف الدراسة وشروط القبول مقارنة مع بقية الدول العربية والاجنبية ..!
وليس من نافلة القول اليوم ان القطاع الخاص هو الحاضنة الاكبر للاطباء الاردنيين في الداخل ، والقطاع الحكومي في دول الخليج العربي ، وسواء كان القطاع الخاص الاردني الذي يبحث في الغالب عن الشهادات الاردنية
لخريجي كليات الطب في الجامعة الاردنية و جامعة العلوم ، وحديثا جامعة مؤتة او خريجي الجامعات الغربية المعتبرة ، وهو ذات الشيئ الذي ينطبق على كبرى المستشفيات الحكومية في الخليج العربي التي ترفض بدون قيد او شرط حتى قبول طلبات خريجي جامعات كاليمنية والاوكرانية ، و اكبرها كمستشفى توام بالامارات او فيصل والحرس الوطني بالسعودية تشترط غالبا خريجي الجامعات الغربية تحديدا ..!
يجد اليوم خريجو طب الجامعات الاردنية المتفوقين منهم واكثرهم كذلك طموحهم باكمال الشهادات العليا في الطب خارج الاردن في امريكا وبريطانيا واستراليا والعدد الاكبر منهم يبقى خارج الاردن ، في الوقت الذي يعتبر من النادر او المستحيل احيانا على خريجي جامعات كالتي تستحوذ على العدد الاكبر من طلبة الطب الاردنيين وعلى راسها اوكرانيا واليمن بنحو خمسة الاف طالب والعدد اكبر من ذلك بكثير اذا ما اضيفت له جامعات خاصة ، بعضها كما هو معلوم تم شطب الاعتراف بها في دول عربية خليجية مثل بعض الجامعات المصرية والهندية ، فهذا يعني ان ثمة اشارات خطيرة قادمة في القطاع الطبي الاردني ، المنافس الرئيس على الساحة الطبية العربية..!
هذا يعني ان اكثر القادميين للعمل في القطاع الطبي الاردني ووفق هذه الارقام الموجودة ، سيكون من خريجي هذه الجامعات التي لا تجد لخريجيها الاردنيين اي فرص عمل عربية او عالمية ، في الوقت الذي تتسرب فيه النخب من خريجي الاردن الى خارج الوطن..!
مازلنا نقول ان عقدة دراسة الطب لدى الاردنيين افقدت التوازن لبوصلة القطاع الطبي ، وليس للتقليل من شأن احد او اي خريج اي جامعة ، لكن لنقابة الاطباء اليوم ان تقوم بدراسة استباقية لواقع الطب الاردني في السوق الاردني في السنوات الخمس القادمة ، حيث سيصل الى البلاد اطباء جدد اكثر من نصف عدد العاملين في الاردن ، وغالبيتهم لا تتوفر لديهم اي فرص حقيقة في الخارج بسبب الموقف من مستوى الجامعات التي يدرسون بها ، والشروط التي توضع لاستنزاف النخب الاردنية في العالم وفي الخليج كذلك حيث بدأ الطب يتقدم بالاستحواذ على افضل الاطباء الموجوين في المنطقة العربية سواء اردنيين او غير اردنيين..!
وعلى المستوى الوطني فثمة خيار اخر ، وهو رفع مقاعد الطب بالجامعات المحلية سواء بالدراسة التنافسية ، او بالدراسة شبه الخاصة المسماه بالتعليم الموازي حيث لا تتوفر كليات طب الى اليوم في الجامعات الخاصة ، وهذا الخيار باعتقادي ايضا لا يمكن ان يكون بديلا حتى للحد من خروج الطلبة الاردنيين الى جامعات كالاوكرانية واليمنية لسببين رئيسسين اولهما ، ان شروط القبول بالحد الادنى لا ينطبق على الطلبة الاردنيين في هذه الجامعات الخارجية لو تقدموا للدراسة الموازية بالجامعات الاردنية ، والسبب الاخر ان رسوم الدراسة الموازية في الاردن كذلك تبلغ بالمتوسط اربع اضعاف الدراسة في هذه الجامعات ..!
نحن امام واقع وليس احتمال ، اكثر الاطباء القادميين في السنوات القادمة سيكونون من هذه الجامعات التي لا يحضَ خريجوها بالطلب خارج الاردن ، ولذلك هم عائدون للسوق الاردني وسيشكلون اغلبية ساحقة في السنوات القادمة ، التي ستشهد كذلك تسرب خريجي الاردن للدراسات العليا او العمل في الخارج ، واقع لم يتطرق له احد الى اليوم ، واقع خطير ليس اقل ازمة من ازمة تطور الطب في الدول الشقيقة التي صارت تنفاسنا في قطاع كنا نحن الرائدين فيه الى عهد قريب..!